مدير الاستخبارات الأميركية لم يظهر في الصور لكنه لعب دورا رئيسيا بقمة شرم الشيخ

TT

كان الرئيس الاميركي بيل كلينتون ووزيرة خارجيته مادلين اولبرايت هما اكثر الشخصيات الاميركية وضوحا في مؤتمر قمة شرم الشيخ الذي انتهى يوم الثلاثاء الماضي.

ولكن وراء الستار، كان جورج تينيت مدير وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية واحدا من اكثر الاشخاص اهمية في هذا المؤتمر، الذي عملت وكالته كوسيط غير عادي بين الاطراف المتعادية لمدة سنتين من قبل وتحتل الان مكانة اساسية في المهمة الصعبة للحفاظ على وقف اطلاق النار.

ولم يظهر تينيت في اية صور رسمية في شرم الشيخ، كما لم يصدر اية بيانات. ولكن اللجنة الامنية التي رأسها في الاجتماعات مهدت الطريق الى اتفاق الاسرائيليين والفلسطينيين على شروط الهدنة، طبقا لمعلومات اشخاص قريبين من القمة. واعاد تينيت، بدعم من كلينتون واولبرايت، التزام وكالة الاستخبارات المركزية بدورها الحساس، الذي يتعرض لبعض الانتقادات كمرسال، وجهاز للتحقق من الحقائق ووسيط بين قوتين مسلحتين من المرجح ان يطلقا النار على بعضهما البعض بدلا من التفاوض.

وتجدر الاشارة الى انه لم يتم الافصاح عن دور وكالة الاستخبارات المركزية في الاتفاق الذي تم التوصل اليه يوم الثلاثاء الماضي. ولكن المسؤولين الاميركيين والاسرائيليين ذكروا ان لجنة المفاوضات برئاسة تينيت التي تضم قادة اجهزة الامن الاسرائيلية والفلسطينية قدمت عنصرا مهما في محادثات شرم الشيخ لم يكن متوفرا قبل اسبوعين في محادثات مماثلة فاشلة في باريس.

وذكر مسؤول اميركي كبير شارك في المفاوضات «الامر الذي يجب فهمه هو انه لم يكن في باريس مسؤولون امنيون من الجانبين، بينما تواجدوا هنا. وقد جرت محادثات مكثفة، بحيث اصبحوا قادرين على التعامل بطريقة اكثر عملية مما حدث في باريس، حيث كانت المناقشات عمومية».

ورفض المسؤولون في الادارة الاميركية كشف اية تفاصيل عن الاتفاقات الامنية التي تم التوصل اليها في شرم الشيخ.

وذكر الخبراء الامنيون ان «الطريقة العملية» التي من المفروض ان يتبعها كل من الفلسطينيين والاسرائيليين للتوصل الى هدنة، لا بد انها تضمنت تعهدات تفصيلية من الجانبين لسحب القوات، وسجن العناصر المعروفة، ومن المحتمل نزع سلاح بعض المقاتلين واتخاذ اجراءات اخرى لتهدئة الموقف.

وستتولى وكالة الاستخبارات المركزية مراقبة تلك التعهدات، وهو الامر الذي حدث من قبل في المنطقة ولكن لم يكن في مثل هذه الظروف الخطرة والمتوترة.

وذكر مسؤول اسرائيلي انه بالاضافة الى البيانات الرسمية التي قدمها المشاركون في القمة، فقد «تم التوصل الى تفاهم بخصوص الاسئلة الامنية الفنية، وان وكالة الاستخبارات المركزية طرف في الموضوع». واضاف المصدر «ان وكالة الاستخبارات المركزية ليست آلية سياسية. وهي الية احترافية. ولذلك هي على علاقة طيبة مع الطرفين».

وذكر مسؤول اسرائيلي ان لجنة امنية برئاسة تينيت وعضوية مسؤولين اسرائيليين وفلسطينيين، بدأت اجتماعاتها بعد اتفاق واي ريفر في عام 1998 كان من المقرر استئناف اجتماعاتها الليلة الماضية.

وكان الرئيس كلينتون قد ذكر في بيانه الختامي ان «الولايات المتحدة ستسهل التعاون الامني بين الاطراف طبقا لما يحتاجه الامر» ولكنه لم يشر الى دور وكالة الاستخبارات المركزية.

وتجدر الاشارة الى ان توسط وكالة الاستخبارات المركزية بين الاطراف يبعدها عن دورها السري في التجسس وجمع المعلومات الاستخبارية وتحليلها لحساب الحكومة الاميركية. ولكنها تثبت جدارتها في السعي لتحقيق التفاهم بين الاسرائيليين والفلسطينيين الذين لا يثقون ببعضهم البعض ويتطلبون وسطاء اكثر حيادية للتأكد من تحركات الطرف الآخر لتهدئة الموقف.

ويقول انوني كوردزمن وهو محلل امني في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن «ان تكون قادرا على وجود شخص تتحدث اليه يمكن ان يتحدث الى الطرف الآخر ويتحرك في منطقة الطرف الآخر بهدوء وفاعلية يتجنب هذه النوعية من نظريات التآمر وتوجيه اللوم المنتشر في هذه المنطقة من العالم». واضاف كوردزمن «ان ما يحتاجه الطرفان بشدة هو شخص ما يمكن ان يعمل كحكم محترف بطريقة سرية. وقد فعلت الوكالة ذلك».

وبالاضافة الى التأكد من خفض الاسلحة واعادة انتشار قوات طرف او آخر، فإن وكالة الاستخبارات قد دربت المسؤولين الامنيين الفلسطينيين على قيم حقوق الانسان، والبنية التنظيمية وغيرها من المهام.

ورفض مارك مانسفيلد المتحدث باسم وكالة الاستخبارات المركزية بشدة التكهنات ان دور الوكالة في الشرق الاوسط يمكن ان يعرض موضوعية الوكالة للخطر. واكد «نحن لا نضع سياسات، ولا نتحقق من اتفاقيات. نحن نعمل كمسهل وليس اكثر».

* خدمة «لوس انجليس تايمز وواشنطن بوست» (خاص بـ«الشرق الأوسط»)