الحكومة الإسرائيلية تدرس صفقة اقترحها كلينتون لمبادلة سجنائها العرب بأسراها لدى «حزب الله»

TT

تنظر الحكومة الاسرائيلية في صفقة لتأمين اطلاق «عدد كبير» من سجنائها العرب مقابل استعادة «مضمونة» لثلاثة من جنودها وضابط يعتقد انه عميل للموساد، يعتقد انهم في قبضة «حزب الله» بالجنوب اللبناني. وكان الرئيس الاميركي بيل كلينتون اقترح ما وصفه مصدر استخباراتي اسرائيلي رفيع بـ«هيكل الصفقة» على رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود باراك قبل انتهاء قمة شرم الشيخ بوقت قصير. ونوقشت تلك المقترحات خلال احد اللقاءات الخاصة التي عقدها الرئيس الاميركي مع الجانبين.

اما تفاصيل الصفقة فناقشها قبل ذلك كل من داني ياتوم مستشار باراك الامني وجورج تينيت مدير الاستخبارات المركزية الاميركية (سي آي ايه). وكان تينيت قد وصل الى المنطقة خلال الاسبوعين الماضيين. ولمح كلينتون الى هذه الصفقة في كلمته القصيرة التي القاها بعد انتهاء قمة شرم الشيخ، قائلا: «توصلنا الى التزامات مهمة على خلفية هذه الازمة. وينبغي ألا نصاب بالوهم ازاء الصعوبات التي لا تزال ماثلة امامنا». وبرزت تلك «الصعوبات» خلال ساعات من اقتراح تلك الصفقة. وحسب نفس المصدر الاستخباراتي الاسرائيلي، فان باراك اعرب عن عدم استطاعته فعل اكثر من «النظر» في هذا الاقتراح.

غير انه، وبعد ساعات من عودته الى اسرائيل، وجد نفسه في مواجهة حادة مع زعيم الليكود آرييل شارون الذي اوضح انه «سيقاتل باراك بالاسنان والاظافر» لمنعه من قبول مثل هذه الصفقة.

وبعد تسرب اخبار المناوشات الحادة بين باراك وشارون الى وسائل الاعلام، اصدرت الحكومة اوامرها للصحف الاسرائيلية بعدم نقل اي تقارير او تفاصيل عن الصفقة المقترحة. وبررت ذلك بالذريعة الاعتيادية في مثل هذه الحالات من ارتباط هذه المسألة بـالامن القومي الاسرائيلي. وهذه هي المرة الثانية خلال هذا الاسبوع الذي تكمم فيه قوانين الرقابة الاسرائيلية الشديدة وسائل الاعلام المحلية.

وكان جهاز الامن الداخلي الاسرائيلي «شين بيت» قد حصل مطلع الاسبوع على امر قضائي من المحكمة لمنع نشر اي اخبار حول القبض على الضابط حنان تاننباوم داخل اسرائيل. وكان محامو الـ«شين بيت» قد ترافعوا في محكمة بتل ابيب نيابة عن جهاز الموساد. وفي العادة يعمد الموساد دائما الى الاستعانة بالـ«شين بيت» حفاظا على سريته في مثل هذه الامور. ومنذ ذلك الحين والصحف الاسرائيلية تتابع الصحف الاجنبية ـ بما فيها «الشرق الأوسط» ـ لمعرفة تفاصيل قضية تاننباوم. وتأتي حساسية هذه القضية لجهة اثارتها لقدر معتبر من الاحراج لحكومة باراك. وتشمل القيود الاعلامية الخاصة بهذه القضية كل المراسلين الاجانب داخل اسرائيل. كما طلب من زوجة تاننباوم عدم الادلاء باية تصريحات لوسائل الاعلام. وبرزت معلومات جديدة امس حول العملية التي كان تاننباوم طرفا فيها منذ ثلاث سنوات في سويسرا، اذ حاول تاننباوم، الذي انتحل الاسم المستعار ماتي غولدبيرغ، واربعة من عملاء الموساد زرع اجهزة تنصت داخل شقة عبد الله الزين، الذي تعتقد الموساد انه جامع التبرعات الاكبر لـ«حزب الله» في اوروبا. وكان المخطط لهذه العملية داني ياتوم الذي طرد من منصبه مديرا للموساد بسبب فشل تلك العملية.

وعلم اخيرا ان ياتوم وبعد مدة قصيرة من تعيينه مستشارا امنيا لباراك سافر الى سويسرا وهناك ضَغَطَ على مسؤولي الحكومة السويسرية لاطلاق سراح عميل الموساد الذي صدر عليه حكم بالسجن من جانب المحكمة العليا السويسرية بتهمة «التجسس السياسي». وجلب ياتوم العميل المحكوم بنفسه الى اسرائيل في مارس (اذار) الماضي، وهو يخدم الآن في وزارة الدفاع الاسرائيلية.