تباين مصري سوري في افتتاح اجتماع وزراء الخارجية العرب التحضيري للقمة الطارئة

الشرع يدعو لوقف مصافحات العرب والإسرائيليين وينتقد قمة شرم الشيخ * الصحاف يوزع الابتسامات على نظرائه العرب

TT

برز خلاف سياسي علني في الجلسة الافتتاحية أمس للاجتماع الاستثنائي لوزراء الخارجية العرب بين مصر من جهة وسورية ولبنان من جهة أخرى حول اسلوب مواجهة اسرائيل اذ أصر رئيس الوزراء اللبناني ووزير الخارجية الدكتور سليم الحص وبتأييد من وزير الخارجية السوري فاروق الشرع على اتخاذ قرار عربي بوقف كل اشكال التطبيع والعلاقات مع اسرائيل، ولام الأخير بصورة مباشرة الدول التي أقامت علاقات مع اسرائيل بزعم انها ستخدم عملية السلام وطالبها بتجميد خطواتها بعد أن تأكد للجميع ان اسرائيل كانت المستفيد الأول من هذه العلاقات. ويأتي اجتماع الوزراء تحضيرا للقمة العربية الطارئة التي ستفتتح غدا في القاهرة.

أما وزير الخارجية المصري عمرو موسى فتجنب الاشارة الى أي خطوة تصعيدية باتجاه اسرائيل ردا على غزوها لأراضي السلطة الفلسطينية والتصعيد المستمر ضد لبنان وأكد أن السلام خيار استراتيجي وشدد ان القدس الشرقية هي عاصمة الدولة الفلسطينية المستقلة، وحشد الطاقات والامكانات العربية لدعم الشعب الفلسطيني والموقف السوري وتأييد لبنان. وبدا ان توجهات القاهرة ودمشق باتت متباينة بخصوص ردة الفعل المطلوبة عربيا اذ يرغب السوريون في اتخاذ خطوات متشددة.

ودعا الشرع خلال افتتاح الاجتماع الوزاري التحضيري للقمة العربية الى وقف كل اشكال التطبيع و«المصافحات» بين العرب والاسرائيليين.

واوضح الشرع «بعضنا اقام علاقات في اطار عملية السلام على أمل مساعدة الجانب العربي ولكن تبين الان انها انقلبت وبالا على الجانب العربي، وليس من المعقول ان تستخدم هذه العلاقات ضد المصالح العربية وتقوض عملية السلام التي انطلقت هذه العلاقة اساسا حرصا عليها».

واضاف ان «كل مصافحة وكل علاقة تشكل ضغطا من اسرائيل على الجانب العربي» المعني بعملية السلام.

واكد الوزير السوري انه «يؤيد تماما» مطالبة رئيس الدائرة السياسية في منظمة التحرير الفلسطينية فاروق القدومي ورئيس الوزراء اللبناني سليم الحص اللذين دعيا في وقت سابق العرب الى قطع العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية مع اسرائيل. وقال الشرع «من يعتقد ان الموقف اما سلام أو حرب مخطئ، نحن مع سلام يعزز كراماتنا القومية والوطنية ولسنا مع سلام الحلول الوسط التي يطالب بها احيانا راعيا عملية السلام».

ودعا الى «الانسحاب من جميع الاراضي المحتلة حتى خط الرابع من يونيو (حزيران)». واضاف «هذا هو حل وسط وهو موقف قوي لا يستطيع ان يجازف به احد. اذا تمسكنا بهذا الموقف بصورة جماعية متضامنة لا يستطيع احد ان يتهمنا باننا طلاب حرب او اننا تخلينا عن السلام».

واضاف «نحن اجتزنا الحلول الوسط منذ زمن عندما قبلنا بحدود الرابع من يونيو (حزيران) 1967» كهدف لعملية السلام.

وانتقد الشرع اتفاق شرم الشيخ الذي ابرم الثلاثاء الماضي بين الفلسطينيين والاسرائيليين في محاولة لوقف العنف في الاراضي الفلسطينية.

وقال الشرع «بدلا من قبول العودة الى الوضع الذي كان قائما قبل 28 سبتمبر (ايلول) كان ينبغي الاصرار على العودة الى خط الرابع من حزيران والا لا تفاوض، وفي هذه الحالة ان الذي يتحمل مسؤولية وقف التفاوض هو اسرائيل».

وطلب الشرع من القمة العربية ان تأخذ قرارا «بانشاء صندوق لدعم انتفاضة الاقصى تحت اشراف الامين العام للجامعة العربية وعدد من الدول العربية».

ودعا الوزير السوري اخيرا الى الحفاظ على الوحدة الوطنية الفلسطينية وقال «اناشد اخواننا الفلسطينيين الحفاظ على الوحدة الوطنية الفلسطينية لمواجهة التحديات وهذا ليس تدخلا في شؤونهم الداخلية لكنه امر اساسي للمحافظة على الوحدة».

واتفق وزراء الخارجية الذين تحدثوا في الجلسة الافتتاحية التي استمرت ساعة ونصف الساعة على فظاعة الجرائم التي ارتكبتها اسرائيل في حق الفلسطينيين منذ قيام رئيس حزب الليكود ارييل شارون بزيارته للحرم الشريف يوم الثامن والعشرين من سبتمبر (ايلول) الماضي، كما اتفقوا ايضا على ضرورة اعادة بناء العلاقات العربية ـ العربية لترتفع الى مستوى التحدي.

وفي هذا السياق وجه أمين عام الجامعة الدكتور عصمت عبد المجيد نداء الى وزراء الخارجية والقادة العرب حضهم فيه على اقرار آلية دورية عقد القمة العربية معتبرا اتخاذ هذه الخطوة يمثل تحديثاً لعمل الجامعة العربية.

وكانت اجتماعات وزراء الخارجية العرب بدأت متأخرة عن موعدها نحو 20 دقيقة وشارك فيها غالبية الوزراء العرب باستثناء ليبيا التي ترأس وفدها المعارض السابق عبدالمنعم الهوني مندوبها الدائم لدى الجامعة العربية في اشارة الى غضبة ليبيا من اصرار مصر على عقد هذه القمة فيما انتقدت غالبية وسائل الاعلام المصرية الصادرة أمس تسريب الزعيم الليبي معمر القذافي مشروع البيان الختامي للقمة.

ورد وزير الخارجية المصري عمرو موسى على خطوة ليبيا بأن مشروع البيان تم تعديله خمس مرات والأخير هو المعروض على وزراء الخارجية العرب وقال: أمر طبيعي ان نعد مشروعا للبيان الختامي لأننا الدولة الداعية لعقد القمة حتى يتسنى للدول العربية الرد عليه وابداء ملاحظاتها عليه.

وامتنع الهوني ـ في أول ظهور رسمي له منذ تقديم أوراق اعتماده للجامعة العربية منذ شهرين ـ عن الرد على كلمات موسى الذي لم يسم ليبيا أو يذكرها.

وخلت الجلسة الافتتاحية للاجتماع الاستثنائي لوزراء الخارجية العرب من أي مداخلة خليجية وقالت مصادر خليجية لـ«الشرق الأوسط» ان حديثنا سيكون في الجلسة المغلقة وأن مشاركة العراق في القمة العربية لا تعني انتهاء الخلافات.

وبدا وزير الخارجية العراقي محمد سعيد الصحاف منتشيا بعد انتهاك غالبية الدول العربية للحظر الجوي المفروض على بلاده، وطوال الجلسة الافتتاحية فيما كان الوزراء يتحدثون ظل يوزع الابتسامات على وزراء الخارجية العرب وسط مراقبة وزير الدولة للشؤون الخارجية الكويتي سليمان ماجد الشاهين.

ودعا رئيس الوزراء اللبناني الى تضمين البيان الصادر عن القمة العربية موقف بلاده من الحدود مع اسرائيل اذ شدد على التمسك بالحدود الدولية وفق خرائط عام 1923 والمثبتة في اتفاقية الهدنة وأعلن تحفظه على ثلاث نقاط من خط الانسحاب الأزرق الذي حددته الأمم المتحدة والتمسك بالدفاع عن مزارع شبعا ودعا الى الافراج الفوري عن الاسرى والمحتجزين في السجون الاسرائيلية.

وحدد ورقة عمل لوزراء الخارجية تضمنت ثماني نقاط منها وقف التطبيع وقطع العلاقات الدبلوماسية وكل اشكال التبادل وتجميد المفاوضات متعددة الأطراف والتصدي دوليا لأعمال العنف الاسرائيلية ضد الفلسطينيين وتشكيل لجنة دولية موثوق بها للتحقيق في الأحداث المأسوية والزام اسرائيل، باحترام المقدسات وتوفير الدعم للشعب الفلسطيني.

واستحسن وزراء الخارجية دعوة مصر للقمة واستضافتها، أما جلساتهم المغلقة فشهدت خلافات حول الصياغة التوفيقية لمشروع البيان الختامي الذي سيحال الى القمة العربية غداً السبت.

واختصر وزراء الخارجية أعمالهم الى يوم واحد فقط بدلا من يومين وسط توقعات ان تختتم القمة اعمالها يوم السبت أيضاً.