تقرير دولي: المتشددون في إيران يواصلون إحكام قبضتهم على برامج التسلح والجزائر تزيد إنفاقها العسكري لمواجهة الأصوليين

TT

اعتبر المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في لندن أن الإصلاحات الديمقراطية في إيران لا تزال بطيئة، وأن رجال الدين المتشددين لا يزالون يحكمون قبضتهم على القوات المسلحة وبرامج التسلح، وكشف أن الجزائر كثفت من إنفاقها العسكري لمواجهة الجماعات الأصولية المسلحة بالرغم من صدور قانون «الوئام المدني» وعودة المسلحين إلى الحياة المدنية.

وقال المعهد في تقريره السنوي «الميزان العسكري» الذي أصدره أمس، إن الإصلاحات الديمقراطية في ايران لا تزال بطيئة والتوتر لا يزال على أشده بين طبقة رجال الدين الحاكمة والمطالب الشعبية المتعلقة بالإصلاح السياسي والاقتصادي. وعلى الرغم من مساعي الرئيس محمد خاتمي لتحسين العلاقات مع الخارج وخاصة مع الدول الأوروبية، فإن المتشددين هم الذين يحكمون قبضتهم على القوات المسلحة وبرامج التسلح. والقدرات العسكرية الإيرانية تواصل تحقيق التقدم حيث تمكنت قيادة الحرس الثوري الإيراني من تأسيس خمس وحدات لإدارة ترسانة البلاد من الصواريخ، كما جربت إيران في 15 يوليو (تموز) الماضي صاروخ «شهاب 3» الذي يعتقد أن مداه يصل إلى 1500 متر. وتدعي إيران أنها أطلقت بنجاح نوعاً متطوراً من الصاروخ الصيني (سي. 802) أرض ـ أرض.

وحول العنف في الجزائر، ذكر تقرير المعهد، الذي يختص في دراسات السلم والحرب، أن حكومة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لا تزال تعاني من أعمال الجماعات الأصولية المسلحة رغم أن العام الحالي بدأ بمستوى منخفض في أعمال القتل عقب البدء بتنفيذ قانون «الوئام المدني». ويضيف التقرير أن هناك اختلافاً في وجهات النظر داخل القيادة العسكرية في الجزائر حول كيفية التعامل مع الجماعات التي ترفض قانون الوئام». وأوضح التقرير أن الجزائر زادت من إنفاقها العسكري لمواجهة الجماعات الأصولية المسلحة، وبلغ 8.1 مليارات دولار خلال العام الحالي مقابل 7.1 مليارات في العام الماضي.

وفي مؤتمر صحافي عقده المعهد أمس وحضرته «الشرق الأوسط» بمناسبة إصدار التقرير، توقع أخصائيون في الدراسات الاستراتيجية استئناف المحادثات بين الفلسطينيين والاسرائيليين خلال أسبوعين، لكنهم شككوا في البدء بمفاوضات حول الحل النهائي وتوصل الطرفين إلى اتفاق. وأوضح ستيف سايمون، نائب مدير المعهد، أن الأحداث الأخيرة في الضفة الغربية وقطاع غزة قد زادت من الهوة بين الطرفين وخلقت مزيداً من عدم الثقة بين الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات ورئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود باراك. وقال سايمون «قد يبدأ الطرفان محادثات لكن استئناف المفاوضات بينهما في القريب العاجل أمر مستبعد». وربط يزيد الصايغ، مستشار المعهد لشؤون الشرق الأوسط، بين الوضع في المنطقة وانتخابات الرئاسة الأميركية. وقال إن الأسابيع الماضية كثفت من مستوى العنف، «ولا يبدو أن الرئيس ياسر عرفات يدرك بالضبط كيف يتعامل مع الوضع خلال الفترة الانتقالية قبل الانتخابات الأميركية المزمع إجراؤها الشهر المقبل».

واعتبر تقرير المعهد أن أكبر تغيير عسكري حدث في المنطقة خلال العام المنصرم يتمثل في الانسحاب الاسرائيلي من جنوب لبنان في مايو (ايار) الماضي، والذي أنهى بدوره ما كان يسمى بـ«الجيش الجنوبي»، لكن بالرغم من ذلك الانسحاب فإن التوتر في المنطقة لا يزال مستمراً، خاصة بعد تجدد المواجهات العسكرية بين الفلسطينيين والاسرائيليين خلال الأسابيع الماضية وأسر «حزب الله» اللبناني ضابطا وثلاثة جنود اسرائيليين. وأضاف التقرير أن «حزب الله» اغتنم فرصة الانسحاب الاسرائيلي وملأ الفراغ دون أن يؤدي ذلك إلى حدوث مواجهة كبرى.

وبالنسبة للعراق، قال سيتف سايمون، ردا على سؤال لـ«الشرق الأوسط»، إن أغلبية دول العالم لم تعد تنظر إلى العراق كقوة إقليمية تهدد جيرانها، لكن هناك اختلافا عالمياً حول كيفية التعامل مع الشأن العراقي الذي لا يزال يمثل «قضية حيوية». ومما ورد في التقرير أيضاً أن العراق لا يزال يقاوم مطالب مجلس الأمن، وخاصة 1284 الذي يقضي برفع العقوبات فقط في حال تعاون بغداد مع لجنة الأمم المتحدة للمراقبة والتدقيق والتفتيش (يونموفيك) لمدة 120 يوماً. لكن بالرغم من هذا الوضع فإن العقوبات بدأت تتآكل، وبدأ العراق يصدر سرا كميات من النفط عبر مياهه الإقليمية قرب الحدود مع ايران بموافقة ضمنية من طهران.

وحول الإنفاق العسكري، اعتبر المعهد أن منطقة الشرق الأوسط لا تزال تمثل اكبر سوق للاسلحة في العالم واعتبر ان ارتفاع اسعار النفط يمكن ان يدفع حكومات المنطقة الى تجاوز موازنتها الاساسية في هذا المجال هذه السنة ايضا بالرغم من ان مبيعات الاسلحة في العالم تراجعت خلال عام 1999 مقارنة مع 1998. وبلغ مجموع النفقات العسكرية لدول المنطقة السنة الماضية 60 مليار دولار اي ما يعادل تقريبا قيمة الانفاق في السنة السابقة خلافا لتوقعات بتراجع الموازنات في هذا المجال بنسبة 5 في المئة. وتوقع المعهد ان يستمر تجاوز النفقات العسكرية هذه السنة ايضا نظرا لارتفاع مستوى اسعار النفط.

واعتبر التقرير ان اسرائيل التي لها ثاني اكبر موازنة عسكرية في المنطقة اظهرت اعتدالا في السنة الماضية حيث ان نفقاتها العسكرية بلغت 8.8 مليار دولار ولم تعد تمثل سوى 9.8 في المائة من الناتج المحلي الخام مقابل 10 الى 12 في المائة في السنوات الخمس السابقة.