الانتخابات المصرية: المستقلون يحرجون الحزب الوطني وتقدم ملحوظ للمعارضة ومرشحي الإخوان

TT

أسفرت النتائج الرسمية لعملية فرز صناديق الاقتراع لانتخابات المرحلة الأولى للبرلمان المصري والتي جرت أول من أمس في 9 محافظات عن تقدم ملحوظ لمرشحي المعارضة خاصة التيار الاسلامي مقارنة بانتخابات 1995 الأخيرة، لكن الاكتساح مازال في صالح الحزب الوطني الحاكم.. ويرجح التقدم الملحوظ لمرشحي المعارضة في المرحلة الأولى التوقعات الخاصة بزيادة فرص التمثيل النسبي للمعارضة في البرلمان القادم الذي سيعقد أولى جلساته يوم 4 ديسمبر (كانون الأول) المقبل.

واللافت للنظر أن التيار الاسلامي وعلى رأسه جماعة الاخوان المسلمين المحظورة التي قابلت المعركة الانتخابية في يومها الأول بسيل من البيانات الساخنة المهاجمة لنزاهة العملية الانتخابية واختارت موقعاً على الانترنت لنشر تلك البيانات حققت تقدماً ملحوظاً بالنسبة لمرشحيها. وقال بيان للجماعة صدر أمس إن نتائج الانتخابات في دائرة مينا البصل أسفرت عن فوز مرشحي الجماعة حسين محمود فئات 3412 صوتاً وحسين محمد عمال بـ3091 صوتاً بينما كان نصيب مرشحي الوطني 1297 صوتاً للعمال و536 صوتاً للفئات.

وفي دائرة الرمل بالاسكندرية تم اعلان النتيجة بعد 12 ساعة فرز وأسفرت عن حصول مرشح الاخوان المحمدي سيد أحمد «عمال» على 3602 صوت ومرشحة الاخوان جيهان الحلفاوي على 3362 صوتاً بينما حصل مرشح الوطني أمامها على 1797 صوتاً ولكن نظراً لعدم حصول مرشحي الاخوان على نسبة 50 في المائة فقد تقررت الاعادة.

وفي دائرة المنتزة تقررت الاعادة بين مصطفى محمد مرشح التيار الاسلامي وعطا سليم مستقل رغم أن المرشح الاسلامي تقدم على منافسه بـ1200 صوت ولكن نسبة الـ50 في المائة أدت إلى الاعادة يوم الثلاثاء القادم. وأشادت بيانات الاخوان بدور القضاء في نزاهة الانتخابات هذه المرة، وهي المرة الأولى في تاريخ الحياة النيابية في مصر التي يشرف فيها القضاء على الانتخابات.

وبالنسبة للحزب الوطني الحاكم فقد أسفرت النتائج الأولية لفرز الأصوات عن فوز د. يوسف والي نائب رئيس مجلس الوزراء والأمين العام للحزب الحاكم عن الدائرة السادسة بالفيوم، كما فاز كمال الشاذلي وزير شؤون مجلس الشعب والشورى والأمين العام المساعد للحزب الحاكم عن دائرة الباجور، وفاز السيد راشد رئىس الاتحاد العام لنقابات العمال عن دائرة سيدي جابر بالاسكندرية، كما فازت عواطف كحك عن العمال بالفيوم.

وحدثت حالات اعادة بين مرشحي الوطني والأحزاب الأخرى والمستقلين في الدائرة الثانية بالسويس والدائرة الأولى بالاسماعيلية وسيتم اعلان النتائج تباعاً.

مفاجآت الوطني وعلى الرغم من الفوز الذي كان متوقعاً لكل من الدكتور يوسف والي نائب رئىس مجلس الوزراء ووزير الزراعة في محافظة الفيوم، وكمال الشاذلي وزير شؤون مجلسي الشعب والشورى بدائرة الباجور بالمنوفية، وذلك خلال الجولة الأولى، إلا أن النتائج أشارت إلى مفاجآت تمثلت في فشل عدد من نجوم الحزب الوطني وقادته في الحصول على نسبة الخمسين في المائة التي تؤهلهم لحسم المعركة من الجولة الأولى، ومن هؤلاء النائب عبد الرحيم الغول وفهمي عمر في قنا، وكذا د. محمد عبد اللاه رئىس لجنة الشؤون الخارجية بالبرلمان المصري لعدد من الدورات في انتخابات الاسكندرية التي حصلت على نصيب الأسد من مفاجآت المرحلة الأولى، بينما أعلن عن سقوط أسماء بارزة بالحزب الوطني منها صلاح شلاضم رئيس احدى لجان البرلمان في انتخابات مدينة السويس، وغيره من قيادات الحزب اللامعة على خلاف التوقعات التي سبقت العملية الانتخابية وإعلان النتائج.

وتبدو نتائج المرحلة الأولى للانتخابات النيابية في مصر غير نهائىة، حيث تجرى الاعادة في عدد كبير من الدوائر الانتخابية لعدم حصول المرشحين على النسبة الحاسمة 50 في المائة، وهو الأمر الذي يعقد عليه المرشحون المستقلون وأعضاء أحزاب المعارضة آمالاً كبيرة في الفوز بنسبة معبرة عنهم في البرلمان المصري المقبل، لكن المراقبين يؤكدون بأن الحزب الوطني ما زالت أمامه فرصة أكبر في الفوز بأغلبية ساحقة في البرلمان لعدة أسباب منها الدعم الحزبي الهائل الذي يتمتع به أعضاؤه، فضلاً عن أن اختيارات مرشحيه جرت بواسطة المحافظين وليس القيادة المركزية، لكن دخول رجال الأعمال والمستقلين المنتظر انضمامهم للحزب الحاكم في حالة فوزهم سيمنح الحزب الوطني فرصة أكثر في الهيمنة على البرلمان القادم، خاصة ان النتائج تشير إلى فوز عدد كبير من هؤلاء المستقلين.

وكان رؤساء بعض اللجان قد اضطروا إلى تأخير موعد الاغلاق ساعتين نظراً للاقبال الكبير من الجماهير في الدقائق الأخيرة من موعد الاقتراع، حيث كان من المقرر اغلاق الصناديق ومراكز الاقتراع في الثامنة مساء وظل الاقبال حتى الواحدة ظهراً محدوداً، وخاصة في الدوائر الريفية ولكن بدأ يتزايد حتى تم تمديد موعد الاغلاق في معظم الدوائر. وجدير بالذكر أن الانتخابات الحالية تتم على ثلاث مراحل على مستوى الجمهورية لاختيار 444 عضواً بالبرلمان المصري، واشتملت المرحلة الأولى التي أجريت أول من أمس، وأعلنت نتائجها أمس، على تسع محافظات هي الاسكندرية والبحيرة والمنوفية والسويس وبورسعيد والاسماعيلية والفيوم وسوهاج وقنا لاختيار 150 عضوا لمجلس الشعب «البرلمان». كما تجدر الاشارة أيضاً إلى أن هذه الانتخابات هي الأولى التي تتم تحت اشراف قضائي كامل بعد التعديل الدستوري في قانون الانتخابات، مما أدى لدمج أكثر من لجنة في مكان واحد لقلة عدد الهيئة القضائية في مصر، وبالرغم من أن دمج اللجان عطل الكثير من الناخبين للذهاب لمراكز الاقتراع إلا أن الاقبال سجل في دوائر الحضر ما بين 30 و35 في المائة وفي الدوائر الريفية ما بين 60 و65 في المائة، وهذا يزيد بكثير عن نسبة الاقبال التي كانت متوقعة أو التي كانت في الانتخابات السابقة، وفي ما يعد كبارقة أمل للمعارضة مع نهاية المرحلة الأولى حتى الآن تمت عملية الاقتراع بدون أي اخلال أو انتهاكات من جانب الحكومة ولم تقع حوادث عنف إلا القليل، فلم تشهد هذه الانتخابات غير ثلاث حوادث عنف اثنتان في قنا وأخرى في بورسعيد وكانت بين المرشحين وليس من جانب الحكومة.

من جهة أخرى قال المستشار المأمون الهضيبي نائب المرشد العام لجماعة الاخوان المسلمين «المحظورة» لـ«الشرق الأوسط» انه رغم التجاوزات التي وقعت أثناء العملية الانتخابية، ومنها اعتقال مندوبي مرشحين الاخوان بالاسكندرية مما دفع المحكمة الادارية لتأجيل الانتخابات بدائرة الرمل لوقت آخر، إلا أن فوز اثنين من أعضاء الجماعة بشكل حاسم من الجولة الأولى فضلاً عن خوض تسعة لانتخابات الاعادة انما يشكل مؤشراً طيباً، ويؤكد التفاف الناخبين حول من وصفهم الهضيبي بمرشحي التيار الاسلامي، في اشارة إلى أعضاء جماعة الاخوان الذي يتحدث باسمها، والتي يرى المراقبون للانتخابات البرلمانية، انها ستمثل في البرلمان القادم بعدد لم تكن يتوقعه حتى أكثر المتفائلين داخل أوساط الجماعة المحظورة التي تشكو منذ أربعة شهور مضت من ملاحقات أمنية طالت معظم نشطائها، لدرجة تجاوز معها عدد الموقوفين منها ألف شخص حسب مصادر الجماعة.

وكانت عملية الفرز قد بدأت عقب انتهاء التصويت في 75 دائرة التي يتنافس فيها 1265 مرشحاً يمثلون مختلف الأحزاب والقوى السياسية والمعارضة والمستقلين تحت اشراف رؤساء لجان من القضاة وأعضاء النيابة العامة، واجمالاً تشير النتائج التفصيلية للانتخابات البرلمانية المصرية إلى فوز مرشحي الحزب الوطني، وعدد محدود من مرشحي المعارضة خاصة في بورسعيد والاسكندرية، بينما فاز عدد من المستقلين خاصة رجال الأعمال.

ويلاحظ على الجولة الأولى للانتخابات ارتفاع نسبة الاعادة بين مرشحي الحزب الوطني والمستقلين، ففي محافظة المنوفية حسم الحزب الوطني 5 مقاعد بـ3 دوائر وستجرى الاعادة في 9 دوائر. وفي الاسكندرية فاز اثنان من الحزب الوطني واثنان من جماعة الاخوان وستجرى الاعادة في 8 دوائر.

وفي محافظة قنا لم تحسم النتيجة لأي من المرشحين وستجرى الاعادة في 6 دوائر. وفي السويس فاز مرشح مستقل ولم تحسم بقية الدوائر في انتظار الاعادة. وفي الفيوم فاز الحزب الوطني بثلاث دوائر وستجرى الاعادة في 4 دوائر. وفي البحيرة حسم الحزب الوطني دائرتين وفاز نائب مستقل وستجرى الاعادة في 7 دوائر. وفي بورسعيد فاز مرشح حزب التجمع المعارض البدري فرغلي وستجرى الاعادة في نفس الدائرة بين مرشح وفدي وآخر مستقل. وفي الاسماعيلية حسم الوطني دائرتين وتبقى دائرة للاعادة. وفي سوهاج فاز اثنان مستقلان والباقي اعادة في 9 دوائر.

ومن جانبه أعلن المستشار فاروق سيف النصر وزير العدل أن نسبة اقبال المواطنين للادلاء بأصواتهم في انتخابات المرحلة الأولى لمجلس الشعب بلغت أكثر من 50 في المائة.

وأرجع وزير العدل في تصريح له أمس ذلك إلى ثقة المواطنين في الاشراف القضائي الكامل على العملية الانتخابية منذ بدء عملية الاقتراع والفرز حتى اعلان النتيجة.

وأشار إلى أن نسبة الأصوات الباطلة كانت قليلة جداً، مؤكداً أن الانتخابات جرت وسط أجواء سادها الهدوء وخلت تماماً من حوادث العنف وأعمال البلطجة نظراً لوجود رجال القضاء على رأس اللجان الانتخابية سواء كانت عامة أو فرعية.

وأعرب وزير العدل عن أمله في أن تستمر العملية الانتخابية في المرحلتين الثانية والثالثة مثلما جرت في المرحلة الأولى.

وقال إن رؤساء اللجان العامة سيواصلون اعلان النتائج أولاً بأول في دوائرهم فور الانتهاء من فرز الأصوات.

وتقرر أن يبدأ مجلس الشعب في استقبال الأعضاء الجدد الذين فازوا في انتخابات المرحلة الأولى يوم الاثنين القادم وذلك لتسجيل بياناتهم من واقع أوراق عضويتهم والتي يقدمونها إلى لجان استكمال أوراق العضوية التي شكلها المستشار سامي مهران الأمين العام للمجلس.

وتضم هذه البيانات اسم العضو وتاريخ ميلاده ودائرته الانتخابية وصفته سواء كانت فئات أو عمال أو فلاحين وعنوانه وأرقام هواتفه وصفته الحزبية والشهادات الدراسية الحاصل عليها والمجالس النيابية التي كان عضواً فيها واللغات الأجنبية التي يجيدها والمؤتمرات الداخلية والخارجية التي شارك فيها.

ويبدأ المجلس في استقبال الأعضاء الجدد يومياً من الساعة العاشرة صباحاً حتى السابعة مساء وحتى موعد انعقاد المجلس الجديد يوم 14 ديسمبر (كانون الأول) القادم.

يذكر أن المرحلة الأولى للانتخابات التي جرت أمس الأول تنافس فيها 1262 مرشحاً يختار الناخبون منهم 150 فقط في 75 دائرة.