المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية: مقتل 100 ألف في النزاعات المسلحة في العالم بينهم 60 ألفا في أفريقيا

TT

قال المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في تقريره السنوي امس ان 100 الف شخص على الاقل قتلوا في نزاعات مسلحة خلال السنة الماضية، وان 60 الفا منهم سقطوا في دول افريقيا جنوب الصحراء. واشار المعهد في تقريره حول توازن القوى في العالم الى انه خلال السنة الماضية «استمرت النزاعات وتواصلت الحروب الاهلية بدون اي تغيير في افريقيا وجنوب شرق آسيا لا سيما في اندونيسيا، واميركا اللاتينية (كولومبيا) والشرق الأوسط حيث وصلت عملية السلام الى مأزق».

واضاف ان القوات المسلحة الاميركية وقوات دول اوروبا الغربية «تجاوزت حدها بسبب التدخل في البلقان وافريقيا وآسيا، بعد فترة جرى خلالها خفض عدد قواتها الى حد كبير». واوضح انه بالرغم من ارتفاع النفقات العسكرية في الولايات المتحدة، فانها لا تزال تتراجع في الدول الاوروبية الاعضاء في حلف شمال الاطلسي (باستثناء بريطانيا). وشكك المعهد ايضا في قدرة الاوروبيين على تشكيل قوة «قوامها 60 الف رجل تتمتع بمصداقية وتكون مستقلة».

واكد التقرير ان تضاعف عدد النزاعات في كافة انحاء العالم جعل الامم المتحدة تواجه صعوبة «في تأمين قوات لعمليات حفظ السلام من كل البلدان وليس فقط من الدول العظمى». واضاف انه «بالرغم من ذلك وبعد خفض منتظم خلال السنوات الخمس الماضية، فان عدد الجنود المنتشرين في كل انحاء العالم في اطار عمليات الامم المتحدة ارتفع الى حد كبير في عام الفين». واشار الى انه هناك حاليا 14 عملية حفظ سلام في العالم، يشارك فيها 28 الفا و900 جندي من 38 دولة.

وقبل سنة كان عدد الجنود المنتشرين في اطار عمليات مماثلة يبلغ 9123 رجلا، وبالرغم من ارتفاع عدد جنود حفظ السلام فانه لا «يزال اقل بكثير» مما كان عليه بين عامي 1993 و 1995 حيث كان عددهم يبلغ 70 الف رجل.

من جهة اخرى اشار التقرير الى ان «ثلاثة ارباع دول افريقيا جنوب الصحراء شهدت نزاعات مسلحة بشكل او بآخر» خلال السنة الماضية. واستمر تسليم الاسلحة من داخل القارة وخارجها بالوتيرة نفسها، مشيرا في الوقت نفسه الى «بذل جهود لحصر الاموال المستخدمة لشراء اسلحة ودعم لوجستي او لدفع رواتب عناصر الميليشيات او التنظيمات العسكرية الاخرى».

واضاف انه تم بذل جهود تحت اشراف الحكومات الغربية لمكافحة تهريب الماس «الذي يشكل مصدر عائدات مهما لبعض مجموعات المتمردين لا سيما في سيراليون وانجولا». ولاحظ التقرير ان المحاكم حول جرائم الحرب مثل تلك التي تشكلت حول رواندا وسيراليون في الفترة الاخيرة «تعتبر وسيلة اخرى غير عسكرية للضغط على مسؤولي المجموعات المسلحة».

وقال انه بالرغم من تسبب الحروب في مقتل عشرات الاف الاشخاص في افريقيا، فان الامراض وخصوصا الايدز «كان لها اثر اقوى» في ارتفاع عدد الوفيات، اذ ان حوالي ستة الاف شخص يموتون كل يوم بسبب مرض الايدز في افريقيا.

وحول النزاعات الرئيسية في القارة الافريقية خلال الاشهر الماضية اشار التقرير الى الحرب بين اريتريا واثيوبيا، وان كلا من البلدين نشر 14 كتيبة في ذروة المعارك في مايو (ايار) الماضي. اما في وسط افريقيا فان الوضع لا يزال غير مستقر في جمهورية الكونغو الديمقراطية، مما يفسر التردد في نشر العدد اللازم لقوة حفظ سلام «وخصوصا بعد الخسائر التي لحقت بقوات الامم المتحدة في سيراليون».

وفي انجولا لا تزال المعارك مستمرة بين القوات المسلحة النظامية وقوات «يونيتا» بزعامة جوناس سافيمبي حيث «قتل حوالي ستة الاف شخص غالبيتهم من خارج نطاق المعارك بين اغسطس (آب) عام 1999 والشهر نفسه من العام الحالي». واشار ايضا الى الوضع في سيراليون حيث «فقد الامل في احلال السلام حين قام متمردو الجبهة الثورية المتحدة بشن هجومهم»، والى الانقلاب العسكري الذي قام به الجنرال روبرت جي في ساحل العاج في ديسمبر (كانون الاول) الماضي.

وبالنسبة للحالة الروسية قال المعهد ان روسيا توصلت اخيرا في ظل قيادة فلاديمير بوتين الى وضع برنامج اصلاح عسكري متماسك ولكن تنفيذه يواجه الكثير من العوائق البشرية والمالية. واضاف ان «القوات المسلحة واجهزة الامن الروسية ستستفيد على ما يبدو، في ظل قيادة بوتين، من اصلاح عسكري اكثر تنسيقا، واكثر تحديدا من الناحية الاستراتيجية، واكثر قابلية للتنفيذ اقتصاديا». واوضح ان هذا الاصلاح لا يستهان به «بعد عقد من الانحدار التدريجي والدعم السياسي والحكومي المحدود في عهد بوريس يلتسين».

واشاد المعهد بالمنطق المعتمد في الاصلاح الذي وضع في اغسطس الماضي، والذي اعطى الاولوية لاصلاح عاجل جدا للقوات التقليدية على حساب تجديد الترسانة النووية الموروثة من عهد الحرب الباردة. ويتمثل هذا الاصلاح في تخفيض عدد الرؤوس النووية الاستراتيجية الى ما بين 1000 او 1500 رأس، ودمج القيادة المكلفة بادارة الاسلحة النووية مع القوات الجوية، الا ان خطة الاصلاح هذه تصطدم بالنقص الكبير الذي يعاني منه الجيش على المستويين البشري والمالي، كما اظهرت ذلك الادارة السيئة جدا لازمة الغواصة النووية كورسك.

وقال التقرير ان على الجيش الروسي ان يخرج نفسه من المستنقع الشيشاني، اذ ان غياب اي عملية سياسية من اجل احلال السلام في الشيشان «اغرق القوات الروسية، منذ انتهاء العمليات العسكرية واسعة النطاق، في حرب استنزاف لا يمكن ان يتم كسبها بالوسائل العسكرية فقط وبدون دعم ملموس لا غنى عنه من السكان المحليين».