حصيلة اليوم الأول لمشاورات الحريري لتأليف الحكومة اللبنانية الجديدة: تركيز على تشكيلة وزارية متوازنة و«حزب الله» يرفض المشاركة

جنبلاط يصر على تمثيل مسيحيي الجبل منعاً لـ«الاستكراد السياسي»

TT

اجرى رئيس الحكومة اللبنانية المكلف رفيق الحريري جولة واسعة من المشاورات شملت امس غالبية اعضاء المجلس النيابي الـ 128، على ان يستكملها اليوم وفي جدوله لقاءات مع 18 نائباً، ويطلع في نهايتها رئيس مجلس النواب نبيه بري ثم رئيس الجمهورية العماد اميل لحود على النتائج تمهيداً لاعلان حكومته العتيدة.

واشارت نتائج المشاورات مع الكتل النيابية الكبرى التي التقاها الحريري في مقر البرلمان في بيروت الى ان النواب ركزوا على المطالبة بـ «حكومة مجلسية تؤمن الاجماع الوطني والشعبي حولها لتواجه التحديات وفي مقدمها المسألة الاقتصادية ـ الاجتماعية» وعلى ان تكون حكومة «مشاركة متوازنة، تقوم على وثيقة الوفاق الوطني لتنتزع ثقة الرأي العام بما تضمه من شخصيات ذات ارصدة عالية لتجتاز الطريق الصعب» كما اعلن الرئيس السابق للمجلس النيابي حسين الحسيني بعد لقائه الحريري.

وقد احتج الزعيم الدرزي النائب وليد جنبلاط الذي يرأس تكتلاً من 16 نائباً، على عدم توزير اي نائب مسيحي من منطقة جبل لبنان في الحكومة المقترحة، واصفاً ذلك بانه «استكراد سياسي». فيما رفض «حزب الله» المشاركة «لعدم وضوح برنامج الحكومة المقبلة».

استهل الرئيس الحريري استشاراته النيابية بلقاء مع رئيس المجلس نبيه بري لربع ساعة، ثم استقبل الرئيس الحسيني الذي قال: «المطلوب هو حكومة تنطلق انطلاقاً حقيقياً على وثيقة الوفاق الوطني. وهي تعني المشاركة التي هي جوهر النظام اللبناني، بما هو نظام متنوع ويؤمن المشاركة بين جميع فئات الشعب ومناطق لبنان. هذا النظام الذي اجبرنا على القول إنه نظام جمهوري ديمقراطي برلماني من اجل تأمين المشاركة، من هنا فإن المشاركة اساسية. وبالتالي فالحكومات المتوازنة هي التي تؤمن هذه المشاركة فضلاً عن ان لبنان يمر في ظروف صعبة، سواء على الصعيد الداخلي او على الصعيد الخارجي. من هنا اؤكد على وجوب تشكيل حكومة مشاركة متوازنة تستطيع انتزاع ثقة الرأي العام بما تضم من شخصيات لها ارصدة عالية لدى الرأي العام وتمكن من اجتياز الطريق الصعب».

ولم يشارك الرئيس السابق للحكومة عمر كرامي في الاستشارات كنائب مكتفياً بلقاء الحريري كرئيس سابق للحكومة. بعد ذلك استقبل الحريري نائب رئيس مجلس النواب الياس الفرزلي الذي قال: «تشرفنا بلقاء دولة الرئيس المكلف. وتباحثنا في أمر تشكيل الحكومة التي يعلق عليها الامال. وتمنيت عليه اولاً: ان تكون الحكومة برلمانية مجلسية، لان هذه الحكومة تحكم باسم الاكثرية النيابية، وان لا يستعان بمن هم خارج المجلس النيابي إلا بمن تمتعوا بمواصفات استثنائية تحتاج مصلحة البلاد العليا الى خدماتهم وخبراتهم. ثانياً: اكدنا على ضرورة حكومة توحي الثقة وتؤمن الاجماع الوطني والشعبي حولها وتستنهض الناس لتنفيذ خططها المتعلقة بقرارات كثيرة لان المسائل التي ستواجهها هي متعددة التحديات وكبيرة. وفي مقدم هذه التحديات المسألة الاقتصادية ـ الاجتماعية ـ المالية. ان الاعباء الاقتصادية التي يعيش تحت ثقلها الناس، الاعباء المعيشية واسعار المازوت وهجرة الشباب واقساط المدارس والمسألة الاقتصادية ـ المعيشية بالنسبة لنا هي المسألة المركزية التي تحتاج الحكومة الى معالجتها. هذا الامر يحتاج الى ثقة الناس بالحكومة وبقراراتها. فعسى ان تكون الحكومة حكومة توحي الثقة للناس، كل الناس».

ثم استقبل الحريري «كتلة المقاومة والتنمية» التي يرأسها بري. وقال نائب رئيس الكتلة سمير عازار انه «تم التركيز على الانجاز الوطني المتمثل في تحرير الجنوب اللبناني عبر المقاومة ومواجهة المخاطر والتهديدات الاسرائيلية للبنان من خلال ترجمة مبدأ وحدة المسار مع سورية في احلال السلام الشامل والعادل على مستوى المنطقة ومن خلال العمل الجاد على تنمية المنطقة المحررة والاهتمام بمشاريعها وتوفير فرص العمل لتثبيت المواطنين فيها ولاعادة ادماجها في الاقتصاد اللبناني وعدم تركها فريسة للركود او التراجع الاقتصادي. كما تم التأكيد على ان لبنان يحتاج لمسيرة اصلاحات اساسية والتأكيد على خروج لبنان من الركود الاقتصادي عبر انهاض قطاعاته الانتاجية وتعبئة موارده البشرية والتركيز في هذا المجال على اولوية القطاع الزراعي وتصريف المنتجات الزراعية وتعزيز قدرات المزارع اللبناني».

والتقى الرئيس الحريري «كتلة الكرامة» التي يرأسها وتضم 18 نائباً. وعقب اللقاء قال النائب بشارة مرهج: «كان الرأي مجمعاً حول ضرورة مجيء حكومة توحي الثقة لان هذه المسألة الجوهرية التي تحتاج اليها البلاد في هذه المرحلة بالذات. وهذه الفكرة ماثلة في وجدان دولة الرئيس رفيق الحريري. وقد اكدنا في هذه المشاورات اهمية ان تأتي الحكومة ممثلة لروح الوفاق الوطني ايضاً، على ان تتمثل فيها كل المناطق والقيادات السياسية الممثلة في البرلمان».

والتقى الرئيس الحريري «كتلة الوفاء المتني» التي تضم النواب ميشال المر وانطوان حداد واميل اميل لحود. وقال المر عقب اللقاء: «تمنينا لدولة الرئيس التوفيق اولاً في تشكيل الحكومة الجديدة. وابلغنا اليه اننا في ظل هذا الوضع الاقتصادي والاجتماعي الذي تعاني منه البلاد ستكون كتلتنا داعمة لأي حكومة يتفق فخامة الرئيس ودولة الرئيس على تأليفها. فالحكومة التي يرون انها مناسبة سندعمها لان كتلتنا ستظل تدعم خطوات العهد وخطوات الرئيس الجديد للحكومة، لاننا في مرحلة دقيقة تمر بها البلاد. والمطلوب انقاذ الوضع الاجتماعي والاقتصادي اولاً. ولهذا السبب تقتصر مطالبنا على انقاذ الوضع الاجتماعي والاقتصادي ومن ثم نعود للشأن السياسي». واكد المر انه يؤيد «تأييداً مطلقاً» توزير نجله الياس المر. واضاف: «ان اسمه وارد في كل التشكيلات».

ثم التقى الحريري «كتلة اللقاء الديمقراطي» التي يرأسها النائب وليد جنبلاط وهي تتألف من16 نائباً. وعقب اللقاء قال جنبلاط: «نطالب بأن يتمثل اللقاء بأوسع شريحة ممكنة سياسية وطائفية. وارفض ان يتمثل هذا اللقاء الذي يضم ستة عشر نائباً فقط بتمثيل درزي. طرحنا قبل الانتخابات شعار المصارحة والحوار والوحدة الوطنية والانفتاح. ولا ازال مصراً على هذه الشعارات واؤكد عليها. لذلك لا استطيع ان اتخلى عن رفاقي في اللقاء الديمقراطي ومعنا ايضاً كفاءات وفاعليات ايضاً غير مسيحية سنية وشيعية عندها القدرة على ان تتمثل في هذه الحكومة. اما في ما يتعلق بالتمثيل الدرزي فليمثل الدروز بكفاءات غير حزبية مثل عادل حمية وعباس حلبي وغيرهما. وعند الدروز ايضاً كفاءات ولا اريد ان احصر التمثيل الدرزي بوليد جنبلاط او بالحزب التقدمي الاشتراكي».

ورداً على سؤال قال: «لقد ابلغت الى الرئيس الحريري موقفي، كما ابلغته امس الى الرئيس لحود، الذي انفعل لانني شبهت نفسي بعرفات ولم اشبهه بعرفات. عرفات مسكين عندما يعود الى غزة يضع حرس شرف ليستقبله والمسكين ليس عنده شيء. نحن النواب على الاقل ليحترمونا بالشكل. كيف؟ التكليف ثم التأليف. هذه كل المسألة. ثم نحن ننسى جبل لبنان بأكمله، وفي كل جبل لبنان ليس هناك نائب مسيحي في الوزارة المقترح تشكيلها. لماذا؟ لماذا الانتخابات اذن اذا كان هناك استكراد سياسي؟ ولا تؤاخذنني على التعبير».

والتقى الرئيس الحريري كتلة نواب «حزب الله» التي تضم 12 نائباً. وعقب اللقاء قال النائب محمد رعد: «عرض نواب كتلة الوفاء للمقاومة تقويمهم للمرحلة الراهنة التي تمر فيها البلاد. واكدوا جملة امور ينبغي ان تحرص الحكومة المقبلة عليها. وهي التماسك السياسي والوطني العام على المستويات كافة لمواجهة الاخطار والتهديدات الصهيونية التي لا تزال قائمة ولحفظ وصون وتعزيز الانجاز المبارك الذي تمثل في التحرير وايلاء الشأنين الاقتصادي والاجتماعي اهمية استثنائية والعمل الجاد والمسؤول لوقف التدهور الخطير الذي تكشفه الموازنات العامة وتوسل الآليات المنهجية للتخفيف من عبء الدين وتحريك قطاعات الانتاج وتوفير فرص الاستثمار واعتماد سياسة جاذبة لتوظيف اموال اللبنانيين المغتربين واعطاء الاولوية على مستوى التنمية للمناطق المحررة والمحاذية وكذلك المناطق المحرومة».

وعلى صعيد مشاركة «حزب الله» افاد رعد: «في ضوء رؤيتنا للمرحلة الدقيقة والحاسمة التي تمر بها البلاد، ونظراً لعدم توافر فرص النقاش الكافي لتكوين رؤية سياسية مشتركة ولعدم وضوح برنامج الحكومة المقبل، ونتيجة الاتجاه لتشكيل الحكومة على قاعدة العلاقات مع الجهات والاسماء لا على قاعدة الرؤية والبرنامج الواضحين، فانه ليس بوسعنا الركوب في مركب نجهل كيفية تحركه وفي اي اتجاه على رغم اننا سنتحمل امام الرأي العام مسؤولية المشاركة فيه. لذلك قررنا عدم المشاركة في هذه الحكومة المزمع تشكيلها والتي نتمنى لها التوفيق. لكن ذلك لن يثني نواب الكتلة عن ملاحقة قضايا اهلهم وشعبهم ومطالبهم المشروعة، ولا عن الحضور الدائم والفاعل لمراقبة وتصويب عمل الحكومة والتعاون معها لمصلحة المواطنين وتيسير امورهم وتوفير الخدمات العامة لهم ولمناطقهم».

والتقى الرئيس الحريري نواب «الكتلة الشعبية» التي تضم النواب ايلي سكاف ونقولا فتوش وجورج قصارجي. ثم التقى النائب نسيب لحود الذي قال: «رشحت الرئيس رفيق الحريري لرئاسة الحكومة قناعة مني انه الشخص الانسب لتأليف هذه الحكومة في هذا الوقت. كما انني اعتقد ان الرصيد الشعبي والثقة الشعبية اللذين تبلورا في الانتخابات النيابية من شأنهما ان يساعداه على مواجهة التحديات التي امامنا في هذه المرحلة. لكنني ابديت له تحفظي الكبير عن التسريبات التي رأيناها في الصحف. فان تسميتي للرئيس الحريري ليست شيكاً على بياض. وانني اخشى ان تأليف حكومة على الشكل الذي يأتي في التسريبات التي رأينا بما تضمنتها من توزير للاصهار والازلام من شأنه ان يبدد الرصيد الكبير الذي يتمتع به الرئيس الحريري، تماماً كما تبدد الزخم الذي رافق انتخاب الرئيس اميل لحود لرئاسة الجمهورية».

والتقى الرئيس الحريري كتلة البقاع الغربي التي تضم النواب روبير غانم وفيصل الداوود وسامي الخطيب. وعقب اللقاء قال غانم: «طالبنا بحكومة من سياسيين وبرلمانيين بأكثرية اعضائها، لتكون مقبولة من الرأي العام وقادرة على توحيد الشعب اللبناني حول مشروع وفاق وطني ومواجهة التحديات الاقليمية والداخلية. واهمها على الصعيد الداخلي ايجاد الحلول للأزمة الاقتصادية المعيشية التي يتخبط فيها اهلنا في لبنان وايجاد فرص عمل من اجل الحد من هجرة الشباب».

وتساءل النائب الداوود: «كيف تصدر تشكيلة حكومية قبل ان تبدأ الاستشارات النيابية؟ هل هذه هي الديمقراطية في البلد؟ وما دور النواب وكرامتهم في هذا الاطار؟ الى جانب ذلك نحن نستغرب كيف ان منطقة راشيا درزياً لا تبدو على الخريطة اللبنانية. وفي كل الامور التي تحصل لا يأتون على ذكر منطقة راشيا. لذلك نحن نرفض هذا الطرح. ونؤكد ان منطقة راشيا اساسية في المعادلة في لبنان والانتماء الى الوطن».

والتقى الرئيس الحريري مجموعة الشمال التي تضم النواب سليمان فرنجية ونجيب ميقاتي وصالح الخير وسايد عقل وفايز غصن واحمد حبوس وجهاد الصمد وقيصر معوض.

وعقب اللقاء قال الصمد: «طالبنا بان يكون التمثيل شاملاً لكل المناطق اللبنانية ويمثل كل الفاعليات والقوى السياسية. كما تمنينا على دولة الرئيس ان يكون هناك دعم للمناطق المحرومة في كافة ارجاء الوطن وايلاؤها الاهتمام الكامل».

والتقى الرئيس الحريري «التكتل الطرابلسي» الذي يضم النواب محمد كبارة ومحمد الصفدي وموريس فاضل. وقال الصفدي عقب اللقاء: «تمنينا ان تكون حكومة وطنية سياسية كاملة تعطي للشعب الثقة الكاملة بامكاناته السياسية والاقتصادية لوضع ورسم خطة سياسية ـ اقتصادية كاملة للبلاد لتخرج من ازمتها».

واختتم الرئيس الحريري جولته الاولى من المشاورات بلقاء مع «كتلة الكرامة والتجدد» (نواب كسروان وجبيل). وعقب اللقاء قال النائب جورج افرام: «هناك اجحاف في تمثيل شريحة مهمة في هذا الوطن. وآمل من القيادات الوطنية ان تتنبه لوقف هذه الممارسات المتمادية في تعزيز الشعور عند شريحة مهمة في تأسيس هذا الوطن ونهضته ومستقبله، بالتغييب والتهميش وعدم الشعور بأنها مشاركة في القرارات المصيرية في هذا الوطن. لقد ابلغنا هذه الهواجس الى دولة الرئيس. وقلنا له ان الشعب اللبناني يعلق آمالاً كبيرة على هذه الحكومة الانقاذية ولم يعد قادراً على تحمل خيبات امل».

واضاف: «بلدنا الذي دفع 220 مليار دولار نقصاً في الدخل القومي خلال 25 سنة من الحرب، تهجيراً وهجرة وخراباً، والذي دفع 200 الف شهيد، كل ذلك يستدعي المطالبة بحكومة قوية توحي الثقة لشعبنا وتعطيه املاً بمستقبله ليخفف قلق اهالي بلدنا على ابنائهم. وطالبنا بان تكون هذه الحكومة قوية وتعمل بروح توافقية ويكون نهجها عبر تحريك الدولة الاقتصادية واعتماد مشاريع سريعة في المجالات ليثق شعبنا بدولته ويتقرب منها ويدعم الحكومة. وشددنا على وجوب خلق مناخ لتلاقي اللبنانيين وتوحيدهم، لان اللبنانيين اذا لم يتوحدوا ستذهب حقوقهم وتضحياتهم ودماؤهم الزكية هدراً من دون ان يعترف احد بالظلم الواقع علينا. ويجب ان نعرف اننا اذا توحدنا، كما حررنا جنوبنا بالامس، يمكننا ان ننقذ بلدنا من الضائقة الاجتماعية وان نوقف هجرة شبابنا الى الخارج».

واجرى الرئيس الحريري مع الرئيس بري تقويماً اولياً لحصيلة استشاراته، ثم غادر الاثنان مجلس النواب لتناول الغداء، قبل ان يستأنف الحريري جولته الثانية امس التي شملت «كتلة القرار الشعبي» (3 نواب) وابرز نوابها الوزير السابق للخارجية فارس بويز، ثم كتلة حزب البعث العربي ـ الاشتراكي المؤيد لسورية (3 نواب)، فكتلة حزب الكتائب (3 نواب) وكتلة الحزب السوري القومي الاجتماعي (4 نواب) وكتلة الارمن وتضم نائبين، اضافة الى عدد من النواب المستقلين.