بعد الشيوعية.. جاء دور الرأسمالية في غزو التبت

TT

بكين ـ رويترز: بعد نصف قرن من وجود القوات الصينية في التبت يواجه الدالاي لاما زعيم البلاد الروحي المنفي غزوة جديدة.. رجال نفط ومنقبون عن الذهب وحطابون ومربو ماشية، اذ حول الغزاة الجدد المسلحون بالحفارات والمناشير العاصمة «لاسا» الى بلدة تجد فيها كل شيء ، وكل شيء فيها جائز.

وتفتح الصين ما تسميه «الكنز الغربي» من الموارد الطبيعية على مصراعيه.

وتضم المنطقة نصف احتياطيات العالم من الليثيوم، واكبر ترسيبات للكروم في الصين، وثالث اكبر منجم نحاس وكميات غير معروفة من الالماس، وبذلك تتمكن بكين بسرعة من احتواء منطقة جبال الهيمالايا داخل الاقتصاد الصيني، وهو هدف استراتيجي يراود بكين منذ غزو قوات جيش التحرير الشعبي الماوي للمنطقة قبل 50 عاما.

ومع ربط ازدهار التبت بالصين تثق السلطات الشيوعية هناك بانها ستستميل قلوب وعقول سكان المنطقة كذلك، لكن بالنسبة لحكومة الدالاي لاما في المنفى فان هذا التحديث الاجباري يمثل تحديا كبيرا، لانها لا تستطيع معارضة تحسين مستوى معيشة سكان التبت الفقراء، غير انها تخشى من ان تكون هذه الاستثمارات موجهة لخدمة مصالح زمرة من المهاجرين الصينيين وتشديد قبضة الصين السياسية على المنطقة. وقالت الحكومة المنفية في بيان من دارامسالا في شمال الهند انها «تؤيد المشروعات التي تفيد شعب التبت وتعارض تلك التي تضر مصالحه».

واصبح بالامكان الان بالفعل رؤية رجال اعمال متأنقين يجوبون التبت، ويجرون اتصالات من هواتف محمولة. وفي العاصمة سوق للاوراق المالية يمكن للمستثمرين التعامل فيه على الاسهم المحلية. كما يحتشد السياح في قصر«بوتالا» المطل على مباني ادارية حديثة وميدان جديد شيد على طراز ميدان تيانانمين الصيني. وهذا الشهر بالتحديد كان اكبر مسؤول في التبت يقول للمستثمرين في هونج كونج ان الهدف الاساسي هو التكامل مع الاقتصاد العالمي، واضاف: «انتم بذلك تغتنون ونحن نحقق التنمية».

ولكن الدالاي لاما الذي لا يملك نفوذا في بكين يسعى للابطاء من التحولات الاقتصادية لموطنه، بممارسة الضغوط على الشركات المتعددة الجنسيات والجهات المقرضة. وتشجع انصاره بحملة ناجحة ضد قرض من البنك الدولي لاعادة توطين مزارعين صينيين فقراء في اراضي التبت. والان يركزون على انابيب للغاز في اقليم كينجاي المشرف على هضبة التبت تقيمه شركة بتروتشاينا الصينية التي تملك بريتش بتروليوم اموكو حصة فيها، كما يكافحون خطط التنقيب عن النفط في اراضي التبت نفسها.

وقال بيان الحكومة في المنفى: «هذه المشروعات كما نراها الان ستضر بشعب التبت، لانها تؤثر بالسلب على مجتمع التبت وعلى البيئة، وبالتالي يجب ان توقف على الفور ويعاد تصميمها او تلغى». ومشروع خط انابيب الغاز الذي يبلغ طوله 950 كيلومترا ويصل بين سيبي في اقليم كينجاي ولانجو في اقليم جانسو، واحد من عشرة مشروعات يخطط لها بمقتضى سياسة التنمية الغربية التي تنتهجها الصين. وتقول بكين ان مشروع خط الانابيب الذي سيتكلف 5.2 مليار يوان (302 مليون دولار) سيوجد فرص عمل ويحسن البنية الاساسية ويساعد على اعادة توزيع الثروة.

ولكن نشطاء التبت يدفعون بان المشروع سيغري المزيد من المستوطنين الصينيين بالقدوم، ويخل بالمنظومة البيئية ويبدد الموارد الطبيعية بدون ان يعود بفائدة تذكر على السكان. وقال لورني ستوكمان المتحدث باسم الحملة الدولية للتبت بواشنطن: «عندما تحاول تطوير مناطق عن طريق استخراج مواردها فان ذلك يحولها الى مستعمرات».

وتحث حكومة التبت في المنفى شركات بريتش بتروليوم اموكو واجيب النفطية الايطالية وانرون الاميركية على سحب استثماراتها من شركات تعمل في مجالات النفط والغاز في اراضي التبت. وقال ستوكمان: «لدينا القدرة على شن حملات على مدى التزامها بحماية البيئة وحقوق الانسان».