مجلس الأمن الإيراني يعيد النظر في إجراءات التطبيع مع العراق بعد اشتداد هجمات «مجاهدين خلق»

مباراة إيران والعراق في دورة بيروت الآسيوية تثير النزاع بين رواد المركز الإيراني في لندن

TT

علمت «الشرق الأوسط» من مصدر قريب من الحكومة الايرانية، بأن المجلس الأعلى للأمن القومي قرر تجميد الاتصالات على المستوى الأعلى مع الحكومة العراقية على ضوء الحملات الاخيرة التي شنتها وحدات تابعة لمنظمة «مجاهدين خلق» بقذائف الهاون على عدد من مقرات الحرس الثوري وملعب رياضي تابع للحرس شمال العاصمة الايرانية، طهران، خلال يومين متتالين (الجمعة والسبت الماضيين) واكتشاف خلية تابعة للمنظمة واعتقال اعضائها الذين اعترفوا بدخول ايران من العراق بمساعدة اجهزة الاستخبارات العراقية، وفي اليوم الذي وصل فيه وزير الخارجية الايراني كمال خرازي الى بغداد في اول زيارة من نوعها منذ 10 سنوات. واكد المصدر ان قذائف «مجاهدين خلق» سقطت بعيدة عن اهدافها، غير ان نوع هذه القذائف لم يترك مجالاً للشك بأنها من ضمن المعدات التي تلقتها المنظمة المعارضة من مستودعات الأسلحة العراقية قبل فترة قصيرة.

وعلمت «الشرق الأوسط» أن المجلس الأعلى الايراني للأمن القومي اعتبر استئناف هجمات «مجاهدين خلق» في الوقت الذي اتفق فيه البلدان خلال زيارة خرازي الى بغداد على منع الجماعات المعارضة من استخدام اراضيهما لشن عمليات ارهابية ضد البلد الآخر، خروجاً عن الاتفاق ودليلاً على عدم مصداقية بغداد في خطابها الجديد نحو طهران.

وأوضح المصدر ان وحدات مشتركة من الجيش الايراني النظامي والحرس الثوري ستقوم باجراء مناورات خاصة تحت حماية القوات الجوية في المناطق الحدودية المتاخمة للعراق في مقاطعات كرمنشاه وعيلام وخوزستان في وقت قريب، وان قوات خاصة للحرس و«البسيج» (قوات التعبئة) انضمت الى فرقة «ثأر الله» المكلفة بأمن العاصمة لحراسة المرافق وبوابات طهران.

وكانت الصحف الايرانية المحافظة قد اشادت بزيارة خرازي ووصفتها بأنها «زيارة تاريخية»، فيما نشرت الصحف الاصلاحية اخبارها ونتائجها بهلجة اتسمت بالحذر والتحفظ، وفي الاسبوع الماضي دعت صحيفة «جام جم» التي يصدرها القطب اليميني المعارض للاصلاحات علي لاريجاني مدير الاذاعة والتلفزيون، الايرانيين لاعداد عُدتهم للسفر الى مدينة كربلاء العراقية، مشيرة الى ان طريق كربلاء قد بات مفتوحاً. كما ان صحفاً اخرى مثل «رسالت» و«كيهان» و«قدس»، تحدثت عن اتفاق البلدين حول محاور مهمة مثل تسوية القضايا العالقة منذ انتهاء الحرب، والتعاون في مجالات التصدي للاستكبار ودعم الشعب الفلسطيني ومحاربة الولايات المتحدة، غير ان الصحف نفسها غيرت لهجتها هذا الاسبوع ووجهت انتقادات لاذعة الى وزارة الخارجية وحكومة خاتمي بسبب خطواتها الاخيرة لترميم الجسور مع بغداد.

وفي طهران، تعرض وزير الخارجية كمال خرازي لانتقادات عدد من النواب الاصلاحيين يوم امس الذين وجهوا اليه تساؤلات حول اسباب تفاؤله بنتائج سفره. واعتبر تاجرينا نائب مدينة مشهد الاصلاحي، ان ايضاحات خرازي لم تكن مقنعة، والعراق ما زال مستمرا في دعمه للمنافقين (مجاهدين خلق) ولا يمكن الاعتماد على اقوال مسؤولي النظام العراقي.

وفي لندن اسفرت مواجهة وقعت بين عدد من تلامذة المدرسة الايرانية وأوليائهم واطفال وشبان عراقيين معظمهم من المتحدرين من اصول ايرانية في الاسبوع الماضي عن مقاطعة ممثلية الولي الفقيه والمركز الاسلامي التابع لها من قبل الجالية الايرانية في لندن.

وبدأ الحادث مساء الاربعاء الماضي، خلال بث مباراة كرة القدم بين فريقي ايران والعراق ضمن مباراة كأس آسيا في لبنان، اذ ان العشرات من الايرانيين، بينهم تلامذة المدرسة الايرانية، توجهوا الى المركز الاسلامي حيث كان يجري عرض المباراة على شاشة الكترونية كبيرة نقلاً عن احدى القنوات الفضائية الخليجية. ورغم ان شبكة «جام جم» الفضائية الايرانية كانت تنقل المباراة مباشرة على الهواء، غير ان مسؤولي المركز قرروا نقل المباراة من قناة عربية بذريعة وجود العشرات من العراقيين.

ورغم اعتراض التلامذة الايرانيين على ذلك فإن مسؤولي المركز رفضوا تغيير القناة مما ادى الى احتجاج التلامذة وتوتير الجو، وعندما انتهت المباراة بفوز ايران، قام بعض الشبان العراقيين بتمزيق العلم الايراني واطلاق شعارات ضد ايران، علماً ان معظم اولياء هؤلاء الشبان هم من رواد المركز الدائمين، وبعض منهم يحصلون على مساعدات مالية بين الحين والآخر لقاء حضورهم جلسات المركز واعلان التزامهم بفتاوى وأحكام مرشد الثورة الايرانية علي خامنئي.

وبينما تمكن مسؤولو المركز من تهدئة الوضع ومنع خروج المواجهات من اطار التلاسن الكلامي، وبعض الكلمات، فان آثار المواجهة تركت شرخاً عميقاً.