مصادر عسكرية أميركية تقلل من إمكانية تسريب الأصولي أبو السعود معلومات عن الجيش الأميركي إلى بن لادن

عضو منظمة «القاعدة» سعى لاختراق المباحث الفيدرالية بعد أن تقدم للعمل كمترجم بهوية مزورة

TT

بينما كان مسؤولون اميركيون قد اثاروا مخاوف من تسريب القيادي الاصولي المصري محمد على ابو السعود (ابو عمر)، الرقيب السابق في سرية الامداد والتموين الملحقة بالقوات الخاصة الاميركية في مركز جون كيندي بنورث كارولينا، معلومات امنية مهمة لمنظمة «القاعدة» التي يترأسها اسامة بن لادن، قلل العقيد ريتشارد باترسون المتحدث باسم مركز جون كيندي للدراسات الحربية، من امكانية تسريب ابو السعود معلومات امنية مهمة، مشيرا الى انه لم يكن يحمل تصريحا للمرور الى المعلومات الامنية المتعلقة بالجيش، والمخزنة في اجهزة الكومبيوتر. وكان محمد ابو السعود قد استخدم، طبقا لملف المباحث الفيدرالية، اكثر من كنية واسم وهوية في التعامل مع اعضاء منظمة «القاعدة»، ابرزها (ابو عمر) ومحمد آدم، واحمد بهاء الدين، وتيمور ناصر، واعترف امام قاضي المحكمة الفيدرالية في نيويورك الشهر الماضي بذنبه في التخطيط لتفجير السفارتين الاميركيتين في شرق افريقيا. وقالت مصادر قانونية في الولايات المتحدة لـ«الشرق الأوسط» ان (ابو عمر)، وهو ضابط سابق في الجيش المصري ومحتجز حاليا في سجن المتربوليتان بجنوب نيويورك، توصل الى صفقة مع المحققين الاميركيين. وقال القاضي ليونارد ساند ان الصفقة تسهل سجن ابو السعود 25 عاما كحد ادنى، غير ان ممثل الدفاع اعترض في المحكمة على شروط الصفقة لانها في غير صالح موكله. وكان ابو السعود قد التحق بالقوات الاميركية، وتدرج عسكريا، الى ان اصبح مسؤولا عن تلقين القوات الخاصة معلومات عن الثقافة العربية والاسلامية الى ان غادر القوات الاميركية عام 1989. وحوكم ابو السعود في قضية «العائدون من البانيا» التي نظرتها محكمة هايكستب العسكرية في القاهرة العام الماضي، وصدر ضده حكم غيابي بالسجن لمدة 25 عاما. وظهر ابو السعود في قفص الاتهام بالملابس الزرقاء واعترف بخمس تهم الموجهة اليه من الادعاء الاميركي، وضمنها التواطؤ مع بن لادن لقتل الاميركيين. ويتضمن ملف الاتهامات الذي اعده ضباط المباحث الفيدرالية حول منظمة «القاعدة» التي اسسها بن لادن والقيادي المصري محمد عاطف (ابو حفص)، الكثير من تفاصيل المنظمة السرية التي كانت تعرف باسم «مكتب الخدمات» في بيشاور قبل ان تكون لها فروع في باكستان وافغانستان ونيويورك ممثلة في «مركز الكفاح» لاستضافة اللاجئين، ومحاولة ابو السعود اختراق المباحث الفيدرالية «اف. بي. آي» بعد ان تقدم بطلب للعمل كمترجم يوم 10 مايو (ايار) 1993، ولكن بعد ان استخدم اسما جديدا (تيمور علي ناصر).

ويتطرق ملف التحقيقات الى «الشهادة الكاذبة» التي ادلى بها ابو السعود الى ضباط المباحث الفيدرالية في ما يتعلق بنفيه تدريب عناصر من الاصوليين في قضية «تفجيرات نيويورك» عام 1993، التي ادين فيها عمر عبد الرحمن زعيم «الجماعة الاسلامية» بالسجن مدى الحياة، ثم ارساله رسالتين من من سانتا كلارا بكاليفورنيا الى زميله وديع الحاج (محتجز في نفس السجن بنيويورك)، احداهما تتعلق بمحاكمة عمر عبد الرحمن. وكلتا الرسالتين معنونتان باسم «وديع نورمان» وهو احد الاسماء المستعارة للحاج. ويتحدث ملف الاتهامات عن دخول ابو السعود الى كينيا بجواز سفر مصري مزور يوم 23 يناير (كانون الثاني) 1994، تحت اسم احمد بهاء الدين محمد آدم، وبعدها بعشرة ايام وضمن مراقبته لمباني السفارة الاميركية في نيروبي كان يدخل ابو السعود الى حرم السفارة الاميركية" باستخدام جوازه الاميركي. ويتطرق ملف التحقيق الجنائي الى سفر (ابو السعود) الى فانكوفر بكندا، باستخدام هويات مزورة لاحضار احد اعضاء «القاعدة» الى الاراضي الاميركية، ثم اشرافه في صيف عام 1994 على تدريب كبار اعضاء «القاعدة» في السودان على استخدام وسائل الاتصالات الحديثة، وتدريب عناصر من مكلفي حماية بن لادن في الخرطوم على اساليب المراقبة والتدريب. واعترف ابو السعود في التحقيقات التي اشرف عليها ضباط المباحث الفيدرالية انه في اوائل التسعينات تم تقديمه الى منظمة «القاعدة»، وفي عام 1992 تولى تدريب اعضاء «القاعدة» على صناعة المتفجرات في افغانستان، كما ذكر انه دربهم على الاعمال الاستخبارية وكيفية تأسيس خلايا سرية يمكن استخدامها في التدريبات.

وذكر انه عمل، خلال تلك الفترة، مع عدد من كبار مساعدي بن لادن من بينهم وديع الحاج وكنيته (عبد الصبور، ونورمان، والمدير) وهو واحد من المتهمين الذين سيحاكمون في نيويورك في 3 يناير المقبل. وقد ساعد بن لادن على انشاء «خلايا» في كينيا. واوضح ابو السعود انه «تم تأسيس شركة سيارات للحصول على عائدات، واسس وديع الحاج منظمة خيرية تساهم في تقديم هويات الى اعضاء القاعدة». واضاف ان بن لادن ارسله عام 1994 الى جيبوتي لاعداد تقرير عن السفارة الاميركية هناك. وقدم ابو السعود العديد من التفاصيل حول شبكة العلاقات التي ذكر انها موجودة بين منظمة بن لادن وغيرها من المنظمات مثل الجهاد الاسلامي المصرية التي يترأسها ايمن الظواهري، وحزب الله المدعوم من ايران.

وقال ابو السعود انه بعد حادث تفجير السفارتين كان ينوي السفر الى مصر ومنها الى افغانستان للقاء بن لادن، ولكنه استدعي آنذاك للمثول امام هيئة محلفين كبرى في نيويورك، «وقد ادليت بشهادتي وقلت لهم كل شيء وتم القبض علي».