تطورات سياسية في بيرو أم مسرحية عبثية؟

TT

ليما ـ رويترز: عندما يرتدي رئيس دولة بذلته الانيقة،ثم يستكمل الوجاهة بحذاء عسكري غليظ، ويقود فريق مطاردة لاعتقال رئيس مخابراته السابق فان ما يطلق عليه «تطورات سياسية» يتحول بسرعة الى مسرحية عبثية.اما الحبكة فهي: رئيس مخابرات المفروض انه على أكبر قدر من الذكاء، ينكشف تورطه في فضيحة فساد ورشى، ويطارده الرئيس ألبرتو فوجيموري بنفسه. وتضج بيرو بقصص عن مؤامرات ودسائس وفساد في جو يشبه دراما مكيافيلية.

وقال خبير قانوني تعليقا على قيادة فوجيموري لحملة المطاردة التي تضم قوات خاصة ووحدات كلاب مدربة على اقتفاء الاثر للقبض على رئيس المخابرات فلاديميرو مونتسينوس: «انه شيء أغرب من الخيال». واعتاد فوجيموري القيام برحلات غامضة بالهليكوبتر تصحبه ابنته كيكو صوفيا فوجيموري، التي اصبحت السيدة الاولى في بيرو بعد طلاق والديها، وأحد الطهاة.

وفي احدى أغرب المهام قام فوجيموري في الاسبوع الماضي بتطهير الجيش من قادة وجنود موالين لرئيس المخابرات،وشوهد يعتقل بنفسه أحد أعوان مونتسينوس في متجر ويلقي به في سيارة اندفعت به الى قصر الحكومة. وليعطي صورة بأنه في حالة تأهب انتعل فوجيموري يوم السبت الماضي حذاء عسكريا طويلا، رغم ارتدائه بذلة مدنية انيقة، وامضى اليوم في اجتماعات مع معاونيه في القصر عدا فترة قصيرة خرج فيها ليعلن للصحافيين أنه أقال قادة الجيش.

ورسمت جريدة ليبراثيون المعارضة دائرة حمراء حول حذاء فوجيموري على الصفحة الاولى وسخرت منه في اخرى ووصفته بأنه «مهرج أميركا».

ووصف مسؤول في منظمة الدول الاميركية في تصريح لصحيفة «واشنطن بوست» ازمة بيرو التي تتسع أبعادها بانها من باب «السحر التجريدي»، في مقابلة مع الاسلوب الادبي اللاتيني الذي يميز اعمال الكولومبي جابرييل جارسيا ماركيز الفائز بجائزة نوبل في الاداب المسمى «الواقعية السحرية».

لكن بخلاف هذا السيناريو العبثي تسود مخاوف عن الاوضاع في بيرو، وتساؤلات عما اذا كان فوجيموري يسيطر على الموقف حقا في بلاده، وهل هو في صراع على السلطة مع رئيس مخابراته الهارب.

يضاف الى هذا كله قيام تمرد في الجنوب.اذ انتشرت شائعات عن وقوع انقلاب في بيرو. وقال تقرير ان القادة العسكريين دبروا مؤامرة لاغتيال فوجيموري. وفي أجرأ تحد لفوجيموري حتى الان قاد اللفتنانت كولونيل أولانتا هومالا تمردا من 50 جنديا، وأخذ رهينتين وكلبا، وهربوا الى جبال الانديز في جنوب بيرو بعد استيلائهم على بلدة للتعدين، وطالبوا بتنحي فوجيموري والقبض على مونتسينوس. وتساءل اليهاندرو توليدو زعيم المعارضة البارز: «اذا كان فوجيموري يمسك بزمام السلطة حقا فلماذا لم يعتقلوا مونتسينوس؟».