الفلسطينيون والإسرائيليون يتبادلون الاتهامات حول تأخير توجيه نداءي عرفات وباراك لوقف «أعمال العنف»

TT

أدى الاتفاق الذي وقعه الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، ووزير التعاون الإقليمي في الحكومة الإسرائيلية، شيمعون بيريس، إلى انخفاض حاد في المواجهات الإسرائيلية ـ الفلسطينية، أمس. وتوقع الطرفان أن تنخفض حدتها أكثر وأكثر حتى تتوقف خلال بضعة أيام، بروح النداء المشترك الذي كان من المقرر أن يوجهه مساء أمس، كل من عرفات (باللغة العربية) ورئيس الوزراء الإسرائيلي، إيهود باراك (باللغتين العبرية والإنجليزية).

وكان الانخفاض في التوتر قد بدأ يظهر على الأرض، منذ ساعات الصباح، إذ انسحبت الدبابات الإسرائيلية والمجنزرات من مداخل المدن الفلسطينية. ولم تظهر في الجو الطائرات المروحية المقاتلة. وبدأت قوات الاحتلال تخفف من حصارها على المدن والبلدات والقرى الفلسطينية. لكن نداء الرئيسين، عرفات وباراك، تأخر. وبعدما كان مقرراً إطلاقه في الثانية بعد الظهر، تم تأجيله إلى الرابعة، بسبب استمرار الاجتماع الذي عقده عرفات مع قيادة الأجهزة الأمنية وكبار الوزراء. وفي هذه الأثناء وقع انفجار السيارة المفخخة في القدس. فتم التأجيل حتى الخامسة، وهذه المرة بسبب الخلاف حول تحميل إسرائيل السلطة الفلسطينية مسؤولية هذا الانفجار والمطلب الإسرائيلي بإعادة قادة «حماس» و«الجهاد الإسلامي» إلى السجون.

ولم يصدر النداء في الخامسة، إذ شكا الفلسطينيون من أن إسرائيل لم تلتزم باتفاق بيريس ـ عرفات، وأن هناك مناطق ما زالت محاصرة وما زالت الدبابات تهددها. وردت إسرائيل على ذلك بالقول إن القادة العسكريين الميدانيين من الطرفين يعملون بتعاون تام طيلة النهار ويعالجون كل المشاكل الناشئة ولا حاجة لافتعال المزيد من الأزمات من جراء أية عراقيل تقنية. واتهمت إسرائيل السلطة بأنها لا تسيطر على الوضع بعد، إذ ما زال هناك إطلاق رصاص والقاء حجارة في عدة مواقع.

وكان عرفات وبيريس قد توصلا إلى اتفاق لتطبيق إعلان شرم الشيخ حول وقف إطلاق النار، الذي اتفق عليه قبل أسبوعين، لكنه لم ينفذ في حينه. وأمكن الوصول إلى اتفاق، بعد أن اقنع بيريس عرفات ـ حسب المصادر الإسرائيلية ـ بأن استمرار المواجهات لن يفيد أي طرف ويؤدي إلى انهيار الثقة بمسيرة السلام في المجتمع الإسرائيلي ويقوي العناصر اليمينية المتطرفة ويضطر باراك إلى القيام برد عسكري عنيف.

وفي الوقت نفسه أبدى بيريس تفهمه لعدد من مواقف عرفات ومطالبه بخصوص التحقيق في المواجهات وبخصوص المسيرة السلمية. ووعده بأن يعمل كل ما في وسعه للتأثير الإيجابي لتحسين الأجواء والعودة إلى المسيرة السلمية.

وقال بيريس لعرفات: أنا أقول لك ان هناك أخطاء عندنا. واننا يجب أن نحاول أكثر فهمكم وفهم دوافعكم.

وتبادل الطرفان أفكاراً حول استئناف مسيرة السلام. وقال بيريس لعرفات، ان على الطرفين ان يعتمدا الآن أكثر على الإدارة الأميركية والرئيس بيل كلينتون في هذا.

أما عرفات فقد اتهم باراك بتنظيم مذابح ضد الشعب الفلسطيني لكي يرضي قوى اليمين. وقال له إن الرصاص الإسرائيلي قتل حوالي 150 فلسطينياً وتسبب في إصابة آلاف آخرين بجراح تؤدي إلى إعاقتهم الأبدية.

وأكدت مصادر إسرائيلية وفلسطينية ان الإدارة الأميركية، التي رافقت الطرفين وحثتهما على هذه التفاهمات، قررت تولي مسؤولية دفع عملية السلام. ولهذا دعت وزير الخارجية الإسرائيلي، شلومو بن عامي، والمفاوض الفلسطيني الرئيسي الدكتور صائب عريقات، إلى واشنطن. وهي منكبة على اعداد وثيقة تتضمن أفكاراً جديدة لدفع عملية السلام، وتنتظر وصول عرفات وباراك، كل على حدة، للتباحث معهما حولها ومن ثم العودة إلى طاولة المفاوضات.