مخيبر يرفض اعطاء الثقة لـ «حكومة ظل سورية» والحريري يعتبر إسرائيل مصدر المشاكل

سجال في جلسة الثقة محوره العلاقات اللبنانية ـ السورية

TT

شهدت جلسة مجلس النواب اللبناني امس سجالاً حاداً بين رئيس الحكومة رفيق الحريري والنائب البير مخيبر على خلفية الوجود السوري في لبنان الذي اعتبره مخيبر «غير شرعي» مستغرباً عدم وجود علاقات دبلوماسية بين البلدين ومحذراً من انه «اذا بقي الحكم اللبناني في دمشق، يُخشى ان يصبح لبنان في مواجهة سورية». وخلص الى المطالبة بـ «جلاء الجيش السوري عن لبنان لانه سيكلف لبنان حرباً». واشار الى انه «متأكد من هذا بعد التحذير الذي اطلقه الامين العام للامم المتحدة كوفي انان من الخطر على الحدود اللبنانية ـ الاسرائيلية».

ولم ينتظر الرئيس الحريري انتهاء مداخلات النواب للرد وفق ما درج عليه رؤساء الحكومات في جلسات الثقة. وفضّل الرد «بطريقة مباشرة بما ان الامر الذي اثاره ... مخيبر في غاية الحساسية والاهمية». فاعتبر «من الخطأ تصوير ان سورية هي المشكلة، بل اسرائيل» مؤكداً انه لا يقول ذلك «طمعاً بالمناصب او المواقع، بل للحق فقط».

وكان مخيبر اول المتكلمين في جلسة المناقشة فسأل رئيس الحكومة عن تصريح انان. وقال: «ما كاد الشعب اللبناني يرتاح لخروج العدو الاسرائيلي من الجنوب حتى عدنا نحركش (نلعب) بالنار». وتساءل: «لماذا لا يقوم الجيش اللبناني بحماية الحدود اللبنانية؟».

واعتبر مخيبر ان «كل ما ورد في البيان الوزاري للحكومة لا يمكن ان ينفذ الا بغطاء سياسي مفقود في لبنان». وانتقد «تضمن البيان ان من اهداف الحكومة تطوير العلاقة مع الدولة الشقيقة السورية». وقال: «لا اعتقد ان احداً اكثر مني تمسكاً بعلاقاته مع الجارة سورية، لكني قبل كل هذا اتساءل: هل نحن مستقلون حقيقة؟ واذا لم نكن كذلك، فلماذا التطوير والى اين؟».

واضاف: «انقل اليكم رأي شريحة كبيرة من الشعب اذا لم يكن كله. واقول ان الشعب اللبناني يطالب بأن تكون هناك علاقات دبلوماسية بين لبنان وسورية. ولماذا الاحجام السوري عن التبادل الدبلوماسي؟ ... ان اللبنانيين يطالبون اليوم بخروج سورية لانهم يخشون استمرار هذه الوصاية... وبعدما انسحبت اسرائيل من لبنان ونفذت القرار 425 مع التحفظ على مزارع شبعا كان الهدوء ماشياً على الحدود وبدأنا «الحركشة». انا لا اعلم لماذا المقاومة التي احترم وانحني امام جهودها وتضحياتها لا تحارب في الجولان فلم يعد هناك سبب للمحاربة في لبنان، السبب الوحيد هو جرّ الحرب الى لبنان». وطالب الحكومة بـ «اجلاء الجيش السوري عن لبنان لانه سيكلف لبنان حرباً وانا متأكد من ذلك بعد انذار كوفي انان». وقال: «نحن نتمنى لسورية الحرية والسلام. وتحرير ارضها ونحن معها. ولكن ليسمح لنا المغالون والمزايدون اننا لسنا بحاجة لكي يفرض احد علينا الوجود السوري في لبنان».واضاف: «اريد ان اسجل انه اذا كنا نتمسك ببقاء الجيش السوري وان يبقى الحكم اللبناني في دمشق وليس في بيروت اقول هذا لاسجل هذا الكلام للتاريخ، انا اخشى بعد سنوات من الاستمرار في هذا المسار ان يصبح لبنان تجاه سورية، كما هو الوضع بين اسرائيل والفلسطينيين. لبنان لا يقبل ان يبقى هناك اي غبار على الاستقلال اللبناني... ونحن في هذا المجال نرى ان مصلحتنا ومصلحة سورية هي سحب هذا الجيش السوري الذي لا مهمة له عندنا الا اذا كانت النية الحرب».

وبعد كلمة مخيبر طلب الحريري الكلام، فقال: «في مناقشة البيان الوزاري جرت العادة ان الحكومة ترد في النهاية ولكن الامر الذي اثاره الدكتور مخيبر بغاية الحساسية والاهمية وجب الرد بطريقة مباشرة». واضاف: «الدكتور مخيبر اثار عدة امور جوهرية بدأ حديثه بالقول عن الاوضاع في الجنوب وكلام الامين العام للامم المتحدة وكأن لبنان هو المعتدي. لبنان هو المعتدى عليه وعنده اراض محتلة والسيادة لا تتجزأ ولا تقاس بالامتار، السيادة سيادة. كل الموضوع الذي تثيره اسرائيل الآن هو بسبب وضعها السيئ داخل الاراضي الفلسطينية وتحاول ابعاد الانظار عما يجري في فلسطين وتركز على موضوع الجنود والجاسوس الموجود لدى المقاومة ... اما القول اننا نحركش باسرائيل فهذا كلام غير صحيح لان اسرائيل تحاول خلق الوضع لاعطاء مبررات. الوضع في الجنوب مستقر ولكنه هش لان اسرائيل ترفض السلام وما يحل المشكلة ليس ارسال الجيش او عدمه بل اقامة سلام دائم في المنطقة».

واكد الحريري ان «الجيش السوري دخل الى لبنان ولا اريد العودة الى الظروف نتيجة التصرفات الخاطئة لكل الطوائف والفئات. اما اعطاء الصورة وكأن سورية هي سبب المشكلات للبلد فأعتقد ان هذا الامر مخالف للحقيقة ولا اقول هذا الكلام طمعاً للمناصب او المواقع بل للحق فقط. نحن في البلد دفعنا جميعا الثمن غالياً ومن دون سورية كان مستحيلاً ان يستقر الوضع ورأينا تجارب دول اخرى في هذا الاطار». وقال: « من الخطأ ان نحاول تصوير ان سورية هي المشكلة. اسرائيل هي المشكلة. والوجود السوري هو موجود فعلاً لانه ليس بيننا وبين سورية مشكلات. وهذا الوجود لعب دوراً اساسياً في اعادة تكوين السلم الاهلي في البلد. وكان في استطاعة السوريين لو كانت عندهم اطماع في البلد ان يفعلوا ما يشاؤون لانه لم يكن عندنا جيش ... واننا نعرف ان الوجود السوري يتقلص في الكثير من المناطق لمصلحة الشرعية اللبنانية. ونحن مقتنعون ان الوجود السوري ضروري اليوم خصوصاً في ظل الصراع الكبير مع اسرائيل. فاسرائيل اليوم بحالة ضياع ولا نعرف كيف يمكن ان تستعمل قوتها. واثارة هذه الامور مع الاخوان السوريين في هذا الوقت بالذات غير مجدية وتثير الفرقة بين اللبنانيين والتمسك بالسيادة والاستقلال ليس حكراً على فئة». وشدد على اننا «لا نرى تناقضاً في المرحلة الراهنة بين سيادة لبنان واستقلاله وبين الوجود السوري.»