نسبة الإقبال على التصويت تفاوتت بين 40% و10% فقط من الناخبين في المحافظات

TT

لم تنجح أنشطة الترغيب السياسية والحكومية الضخمة التي قامت بها الحكومة المصرية قبل بدء أولى مراحل الانتخابات البرلمانية في 18 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي إلى استدراج الأغلبية الصامتة داخل المجتمع المصري للمشاركة في عملية الاقتراع التي ستنتهي عقب انتهاء المرحلة الثالثة للانتخابات في منتصف الشهر الجاري.

ورغم أن احصائىات المشاركة في بعض المحافظات قدرت اقبال الناخبين بنحو 40% ممن لهم حق التصويت إلا أن الاحصائىات ذاتها أكدت تدني هذا التقدير في محافظات أخرى لنحو 15% فقط في تأكيد مباشر على امتناع كثير من الناخبين عن التعاطي مع المتغيرات الجديدة التي شهدتها الانتخابات المصرية هذه المرة في سابقة هي الأولى من نوعها والتي جاء على رأسها الاشراف القضائي الكامل على العملية الانتخابية.

والواقع يؤكد حدوث بعض التغيرات لدى الناخبين المشاركين في عملية الاقتراع في بعض التوجهات وثباتهم على اعتقادات موروثة على محاور أخرى ويأتي على رأس قائمة المتغيرات التمرد الواضح لدى الجماهير تجاه سياسات عمل الأحزاب المصرية وعلى رأسها الحزب الوطني الحاكم الذي كان يملك نحو 95% من مقاعد البرلمان الماضي وبات يعاني إعراضاً ملحوظاً عن انتخاب مرشحيه في كثير من الدوائر والتي دفعته لاعادة نخبة كبيرة من الخارجين عليه بعد نجاحهم كمستقلين إلى صفوف الحزب تمسكاً بالحفاظ على الأغلبية البرلمانية التي يحوزها داخل البرلمان.

ورغم ان الحزب الحاكم أنهى مرحلة الانتخابات الأولى باعلان حصوله على 118 مقعداً من مقاعد المرحلة البالغة 150 مقعداً إلا أن النتائج تؤكد أن مرشحي الحزب حصلوا على 55 مقعداً فقط فيما أضاف لهم المستقلون باقي هذه المقاعد والتي أوحت لكثيرين بأن الحزب الحاكم فقد أرضية واسعة لدى الجماهير بسبب تعاطيه مع بعض القضايا الأساسية والجماهيرية في دورته الماضية والذي لم يحظ باستحسان الجماهير.

وهذا ما أقلق الحكومة المصرية قبل بدء المرحلة الثانية ودفعها لتعديل كثير من أوراقها قبل هذه المرحلة التي ستجرى انتخابات اعادتها غداً (السبت) وجعل الحكومة تلقي بقياداتها ووزرائها لتجوب المحافظات ليفتتحوا بعض المشروعات ويؤكدوا على كثير من الثوابت التي اعتبروها جاذبة للرأي العام غير أن ذلك لم يفلح كثيراً حيث فقد الحزب في بدء المرحلة الثانية 40 مقعداً وفاز بعشرة آخرين دون اعادة من بين 134 مقعداً مخصصة لهذه المرحلة وستقتصر مرحلة الاعادة على مشاركة 230 مرشحاً بينهم 84 تابعون للحزب الحاكم و123 مستقلاً و14 مرشحاً منتمين لجماعة الاخوان المسلمين و9 مقاعد مقسمة بالتساوي بين احزاب الوفد والتجمع والناصري.

ووفقاً لهذه النتائج بدا ان هناك أزمة داخل الحزب الحاكم بعد فشل نخبة كبيرة من مرشحيه الشباب والرموز التقليدية التي حافظت على مقاعدها لأكثر من عقدين كاملين وهو ما أعطى تأكيداً بأن الحزب سيعيد تقييم عمل اعضائه في المحافظات وفقاً لتصريحات الأمين العام المساعد للحزب كمال الشاذلي الذي سبق وتوعد بعض مرشحي حزبه الذين خرجوا عن الالتزام ووقفوا ضد زملائهم في مرحلة الاعادة وتحالفوا مع مرشحين مستقلين مما أحرج الحزب اعلامياً وجماهيرياً.

الأمر الآخر اللافت للنظر خلال عملية التصويت ان الناخبين أكدوا على عدم ثقتهم بأي من أحزاب المعارضة الأخرى واعتبروها بدائل للحزب الحاكم غير مرضية وأكد التصويت على أن هذه الأحزاب مازالت هامشية وغير فاعلة من وجهة نظر الجماهير ويكفي للتدليل على ذلك أن حزب الوفد الذي سبق أن وعد رئىسه نعمان جمعة بالفوز بمائة مقعد قبل بدء الانتخابات لم يفز إلا بمقعد واحد بصعوبة في المرحلة الأولى وهو في المرحلة الثانية في انتظار ثلاثة مقاعد باقية للاعادة.

ولم يكن الحال أفضل حالاً بالنسبة للأحزاب الأخرى حيث اكتفى التجمع اليساري بالفوز بثلاثة مقاعد في المرحلة الأولى وبقيت له مثلها في المرحلة الثانية، والعربي الناصري فاز بمقعد واحد فقط في المرحلة الأولى وله ثلاثة أخرى باقية للاعادة في المرحلة الثانية.