مجلس الأمن القومي الإسرائيلي ينصح باراك بالعودة إلى مفاوضات الحل الدائم

TT

عشية سفر كل من الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات (الخميس القادم) ورئيس الوزراء الاسرائيلي، ايهود باراك (الاحد القادم) الى واشنطن، بناء على دعوة الرئيس الاميركي، بيل كلينتون، يتجه مجلس الامن القومي في اسرائيل الى تقديم توصية لباراك، ينصحه فيها بالعودة الى مفاوضات الحل الدائم مع الفلسطينيين، بوصفه افضل الخيارات المطروحة.

وكان عرفات وباراك قد اكدا سفرهما الى واشنطن، وفي الوقت نفسه استبعدا اللقاء المشترك ونظما جدول الزيارة بحيث لا يكونان معا في العاصمة الاميركية. عرفات من جهته سيصل يوم الخميس القادم، ويغادر يوم السبت. فيما يصل باراك الى واشنطن، يوم الاحد المقبل، ويغادرها في اليوم التالي الى شيكاغو، حيث سيشارك في المؤتمر السنوي للمنظمات اليهودية الاميركية.

وقد بعث باراك برسالة شفهية الى الرئيس كلينتون، لينقلها الى عرفات، مضمونها: «اما ان تقبل بالعودة الى طاولة المفاوضات، في ظروف هدوء تام ميدانيا، واما ان تواصل العنف وتتحمل نتائجه».

وكان رئيس مجلس الامن القومي الاسرائيلي، الجنرال في الاحتياط عوزي ديان، قد اعد مذكرة من المفروض ان يصادق عليها مجلسه بشكل نهائي في جلسته اليوم، الاثنين، تتضمن دراسة للخيارات القائمة امام اسرائيل في هذه الايام، وهي اربعة:

ـ الخيار الاول: استمرار المواجهات. ويرى ديان ان هذا الخيار يعني، عمليا، استمرار تعميق الخلافات والصراعات داخل المجتمع الاسرائيلي، والاضطرار الى بناء خطة عسكرية لمواجهة خطر هجوم عربي خارجي لمساندة الفلسطينيين، وتعميق المطالبة العالمية بارسال قوات طوارئ دولية او القيام بتنازلات اقليمية. ويقول ان من الخطأ ان يرى هذا الخيار فقط في اطار التكتيك الحربي او عدد الضحايا واجراء حسابات ومعادلات بروح: قتل لنا 11 وقتل لهم 150 وغير ذلك.

ـ الخيار الثاني: الانفصال. ويتضح اولا بعدم استعمال هذه الكلمة بمعنى الانفصال التام Separation باعتباره غير واقعي بتاتا. واستبدالها بكلمة اخرى هي فك الارتباط disengagement، باعتبارها اكثر مرونة. ويقول ديان ان هذا الحل ينطوي على عدة اخطار هي: افساح المجال امام العديد من الاجراءات التي يقوم بها كل طرف من غير اتفاق، انخفاض درجة الحوار والتعاون الى ادنى حد، استئناف المطلب الفلسطيني بانسحاب ثالث، اضطرار اسرائيل الى السيطرة على اراض فلسطينية تريد اعادتها للفلسطينيين، لكنها مضطرة الى الاحتفاظ بها للمقايضة وقت الحل الدائم. وهذا الاحتفاظ ـ الاحتلال ـ بحد ذاته سيقود الى صدامات والى مشاكل استيطانية وغير ذلك.

ـ الخيار الثالث، هو بالتوصل الى تسوية مرحلية اخرى للمدى البعيد، وبضمن بنوده الموافقة الاسرائيلية على قيام واعلان الدولة الفلسطينية. وبالمقابل ستحتاج اسرائيل الى جهود مضاعفة في مجال الامن والحماية والى استمرار السيطرة في العديد من المناطق، مثل غور الاردن واستمرار وجود مناطق احتكاك، فضلا عن مجابهة المطلب الفلسطيني بالانسحاب الثالث.

ـ الخيار الرابع: الحل النهائي، الذي يصاغ اولا في اتفاقية اطار. وهنا، لا يجد ديان من كلمات لوصف هذا الخيار سوى المدائح. فيقول ان اتفاقا كهذا سيكون الاضمن لأمن اسرائيل وسيؤدي الى الاستقرار ومن ثم الازدهار. والمشكلة الوحيدة فيه، تكمن في الصراعات الداخلية في اسرائيل حول مثل هذا الحل.

ويقول ديان ان الخيارات الاربعة، مركبة ومعقدة، لكن اقلها تعقيدا وضررا هو الخيار الرابع: السلام. ولذلك، فلا بد من تغليبه على غيره من الخيارات.

الجدير ذكره ان الحكومة الاسرائيلية اجرت بحثا مطولا، يوم امس حول الاوضاع السياسية والعسكرية على الساحة الفلسطينية. فأكدت قيادة الجيش والمخابرات على ان خطر القيام بعمليات عسكرية داخل اسرائيل ما زال قائما. لكنها، هذه المرة، لم تتهم السلطة الفلسطينية. بل اشارت الى ايران كمسؤولة عن ذلك. وقالت ان ايران وضعت مخططا استراتيجيا لمساعدة الثورة الفلسطينية يقضي بادخال اجانب الى اسرائيل بهدف القيام بعمليات خطف جنود وتنفيذ عمليات انتحارية.

وحسب التقديرات الاسرائيلية «فان الفلسطينيين يقللون الى الحد الادنى حالات اطلاق الرصاص، ويستعدون لجعلها انتفاضة شعبية تقتصر على الحجر والزجاجات الفارغة او الحارقة. والتقديرات تشير الى ان عرفات حدد هذه السياسة الجديدة، تمهيدا لزيارته الى واشنطن، بينما توجهه الاساسي هو العودة الى التصعيد، بعد عودته».

ومع ذلك، فقد قررت الحكومة الاستمرار في جهودها من اجل التوصل الى سلام، وذلك بالتجاذب مع دعوة كلينتون. وحاولت بعض الاوساط، خصوصا العسكرية، في الجلسة اشتراط الهدوء التام وتسليم الاسلحة واعادة مسؤولي «حماس» الى السجون، قبل السفر الى واشنطن. لكن باراك رفض ذلك وقال: علينا الا نرفض دعوة صديقنا كلينتون، ايا كان السبب».