البرلمان اللبناني يستأنف مناقشة البيان الحكومي وبري يستبق الحريري في الرد على المداخلات

TT

استأنف مجلس النواب اللبناني مساء امس جلساته المخصصة لمناقشة البيان الوزاري لحكومة الرئيس رفيق الحريري المستمرة منذ الخميس الماضي.

وينتظر ان تنتهي المناقشة اليوم بانتهاء النواب من الادلاء بمداخلاتهم التي يتضمن معظمها انتقادات للبيان الوزاري وتشديداً على إيلاء الشأن الاقتصادي والاجتماعي المأزوم الأهمية اللازمة.

وعلمت «الشرق الأوسط» ان رئيس مجلس النواب نبيه بري سيستبق الرد الذي سيدلي به الحريري على المداخلات النيابية، بمداخلة يرد فيها على النواب الذين أثاروا موضوع الوجود العسكري السوري في لبنان من زاوية الدعوة الى انسحاب القوات السورية العاملة على الأراضي اللبنانية.

وتوقعت مصادر نيابية ان ينطلق بري في رده من الوثائق والنصوص التي تؤكد شرعية الوجود السوري في لبنان ومدى الحاجة اللبنانية اليه خصوصاً في هذه الظروف الخطيرة التي تمر بها المنطقة نتيجة العدان الذي تشنه اسرائيل ضد الفلسطينيين في الأراضي المحتلة واطلاقها التهديدات ضد لبنان وسورية. وكان أول المتكلمين في جلسة الأمس النائب نسيب لحود الذي ألقى كلمة تضمنت انتقادات لاذعة للعهد وحكومة الرئيس سليم الحص السابقة من دون ان يسميهما، فقال: «هذه حكومة يفترض انها تدشن مرحلة جديدة. هذه حكومة يفترض انها تأتي على انقاض مرحلة امتدت طوال السنتين الماضيتين، ودفع اللبنانيون خلالها ثمناً غالياً من اقتصادهم وحقوقهم وحرياتهم لقاء مشروع سلطوي عمد الى تهميش مجلس الوزراء كمؤسسة والى تهميش الوزراء كشركاء في السلطة والقرار السياسي. فغدت السلطة الفعلية تمارس من مكان آخر في غرفة صيقة لا تتمتع بأي ضيقة دستورية تستعين بمندوبين ومراقبين في كل الوزرات والادارات يمارسون ما يشبه الوصاية حتى على الوزراء انفسهم. هذا المشروع السلطوي تنكر بزي الاصلاح وتذرع بأخطاء المرحلة التي سبقته وهي لا شك كانت كثيرة وتستحق التصويب. فانقض أصحاب المشروع على الحريات باسم الدفاع عنها. فأبيح حق التظاهر نظرياً فيما قمعت التظاهرات، ودجنت وسائل الاعلام وفرض الصمت عليها، وحلت المصادر والأشباح في التصريح مكان الوزراء والمسؤولين، وصادرت اصواتهم، وشلت الادارة باسم الاصلاح، وزرع فيها المحاسيب والأزلام. وتم التنكيل بالموظفين الأخصام، ومعظمهم ليسوا من المرتكبين، فاختلط الاصلاح مع المحاسبة، والمساءلة مع تصفية الحسابات السياسية، فكانت الملفات تفتح بسحر ساحر وتقفل بقدرة قادر.

وأضاف: «في خضم كل ذلك، كان من البديهي ان تتفاقم الأزمة الاقتصادية، وان يحجم المتمولون عن الاستثمار، وان يتوقف النمو وتتفشى البطالة ويتسع الفقر وتزداد الهجرة. تلك كانت ابرز سمات ونتائج المشروع الذي يفترض ان هذه الحكومة جاءت على انقاضه، والتي كان للانتخابات النيابية دور مهم في تظهير مأزقه، حيث عبر الناخبون، وفي مناطق عدة، وبقدر ما استطاعوا في ظل قانون مجحف وادارة سيئة منحازة للانتخابات، عن رفضهم القاطع لهذا النهج وأساليبه القمعية ونتائجه الكارثية».

واعتبر لحود «ان الدرس الأول في كل ما جرى ان لبنان لا يمكن ان يحكم بالتسلط، ولا بالتفرد، ولا من خارج المؤسسات الدستورية، ولا بتجاوزها. وان الديمقراطية والتعددية والحرية، وان كانت غير مكتملة وتشوبها الشوائب، تبقى حجر الزاوية في البنيان السياسي السليم وحجر الأساس للتأمين الاستقرار والازدهار. نأمل من الجميع ان يكونوا قد استوعبوا هذا الأمر جيداً».

وقال لحود: «ان افضل ما يقال في هذه الحكومة انها تكرار رتيب لتشكيلات سابقة سئم اللبنانيون رؤيتها، هذه الحكومة فيها لا شك وجوه لا يمكن الا ان نحيي كفاءتها الرفيعة ووطنيتها المخلصة. غير ان وجود هؤلاء لا يعوض ولا هو يعادل مشاركة آخرين ممن لا تتوافر فيهم أي شروط موضوعية لتبوؤ سدة المسؤولية، او توزير آخرين غيرهم ممن لم يبرعوا بشيء إلا بغيابهم اللامع او بصمتهم المدوي طوال سنوات نيابتهم. أما بدعة البدع فهي انتقال الوزارات بالوراثة، كأنها ملك خاص، كما العقارات والسيارات وفرش المنازل. كل ذلك يظهر يا دولة الرئيس، ان المبدأ الأساس الذي تقوم عليه هذه الحكومة هو المحاصصة.

ولاحظ لحود: «ان حكومة النمو والوفاق، هذه تنمو بسرعة هائلة، فمن 24 وزيراً عشية تأليفها وصلت الى 30 لدى ولادتها، ويتوقع ان تبلغ 32 وزيراً قريباً، وربما اكثر بعد ذلك. من يدري؟ العبرة ليست في الحجم، العبرة في النوعية، ان الحكومة القوية ليست بعدد اعضائها، على العكس تماماً، كلما كبرت الحكومة، أدى ذلك الى تفتيت السلطة التنفيذية، وعبدت الطريق أمام عودة الترويكا او ما يشبه الترويكا من بدع غير دستورية وغير مؤسساتية».