الحزب الحاكم يفقد غالبيته المطلقة والإخوان حاصروا الأمن ودخلوا البرلمان

أحزاب المعارضة المصرية ما زالت هامشية

TT

طرحت نتائج المرحلتين الأولى والثانية من الانتخابات البرلمانية المصرية بعض التساؤلات حول الأوضاع داخل الحزب الوطني الحاكم وداخل أحزاب المعارضة والمكاسب التي حققتها جماعة الاخوان المسلمين المحظورة خلافاً لكل التوقعات.

ويبدو ان الساحتين السياسية والشعبية غيرتا نظرتيهما للحزب الحاكم الذي اعتاد منذ بدء التعددية الحزبية في مصر قبل ربع قرن على حيازة صفة الغالبية داخل البرلمان، وهذا ما يؤكده تغير لغة الخطاب الاعلامي شبه القومي نسبياً في التعاطي مع الانتخابات والحزب الحاكم على صفة الخصوص، وذلك وفقاً لما رصد خلال العملية الانتخابية.

وتركزت بعض التساؤلات حول ما اذا كان الحزب الوطني فقد شعبيته المعتادة لدى الناخب، أم انه فشل في اختيار من يمثلونه هذه المرة خلال الانتخابات التي رصدت تغير جبهته بنحو أكثر من 40 في المائة، مما سار عليه الحال في الانتخابات السابقة لإشعار الجماهير بأن الحزب بصدد تطوير وتعديل منهجه وتغيير دمائه للوصول الى صبغة مرضية على مستوى العمل وإرضاء الجماهير. غير ان المردود جاء على عكس ما توقعه الحزب وأحدث خللا ملحوظاً بعدما فشل الحزب في تحقيق الغالبية المطلقة أمام المرشحين المستقلين في وقت قال فيه البعض ان فوز المستقلين ليس حباً فيهم ولكنه نكاية في الحزب الحاكم.

كذلك شهدت الانتخابات انفلاتاً للأمور داخل الحزب لأمرين، الأول ان عدداً كبيراً من قيادات الحزب رشحوا أنفسهم كمستقلين أمام مرشحي الحزب، ولم تفلح محاولات الحزب في اقناعهم بالعدول عن هذا الموقف ومساندة مرشحي الحزب الذين عاد الحزب ليستفيد بهم في مراحل الإعادة بعد فشل مرشحيه الرسميين.

أما الأمر الآخر الذي كان له مردود أكثر تأثيراً داخل صفوف الحزب فيكمن في ان عدداً كبيراً من مرشحيه عقدوا تحالفات مع مرشحين مستقلين ضد زملائهم في الحزب في مرحلة الإعادة، هو ما يعد خرقاً لالتزام أعضاء الحزب تجاه زملائهم وهو أيضاً ما دفع بعض قيادات الحزب لتوعد هؤلاء المرشحين باتخاذ اجراءات عقابية ضدهم.

أما أحزاب المعارضة الأخرى ففشلت جميعها في اجتذاب الرأي العام تجاهها رغم انقلابه على الحزب الحاكم، ولم تستطع هذه الأحزاب الخروج من هامشيتها وعدم فعالياتها على الساحة السياسية الداخلية في مصر. ويكفي القول ان احزاب المعارضة مجتمعة لم تفلح الا في الفوز بـ10 مقاعد فقط خلال مرحلتي الانتخابات من بين 284 مقعداً كانت مخصصة للمرحلتين.

ويعد موقف ومفاجآت جماعة الاخوان المسلمين المحظورة هو الأكثر جدلا ومتابعة من قبل كافة تشكيلات المجتمع المصري المتابع للحركة الانتخابية بعدما احدثت الجماعة مفاجأة مدوية خلال مرحلتي الانتخابات وفوزها بـ15 مقعداً ـ تطمع في زيادتها ـ تشكل بها قوة معارضة مؤثرة داخل البرلمان وتكفل لها حمل لواء قيادة المعارضة.

وطرح فوز جماعة الاخوان بـ6 مقاعد في المرحلة الأولى و9 أخرى في المرحلة الثانية تساؤلات كثيرة في ظل حملات التوقيف الأمنية التي طالت أكثر من ألف شخص قبل بدء المرحلة الانتخابية واثناءها، وهو الأمر التي تعاملت معه الجماعة بتكثيف حملاتها الاعلامية ونداءات الاستغاثة والتشهير بالمضايقات الأمنية التي تتعرض لها، وهو ما اعتبره المراقبون نجاحاً كبيراً تحقق لصالح الجماعة، وان ما حدث افادها أكثر مما اضرها وانها نجحت في جلب استعطاف الرأي العام معها في بعض المحافظات وتمكنت في اماكن أخرى من محاصرة الأمن اعلامياً ومنعه من النيل من مرشحيها، مما منحهم أرضية جماهيرية كانت كفيلة بادخالهم البرلمان المصري عبر طريق ممهد ووسط الثناء من تيارات سياسية داخل المجتمع.

ورغم ان الجميع بات ينتظر افرازات المرحلة الثالثة والأخيرة من الانتخابات المصرية التي ستنطلق بعد يوم غد، فإن النتائج باتت لدى البعض متوقعة او غير مهمة وانها قد تكون أكثر تشابهاً مع المرحلتين السابقتين رغم محاولات البعض وأولهم الحزب الحاكم في تحسين موقفه الجماهيري لدى الرأي العام.