تعتيم مصري غير مسبوق على نبأ استقبال الرئيس مبارك للسفير الليبي

صحيفة معارضة تحذر من انعكاس الخلاف مع ليبيا على المصالح المصرية لديها

TT

فيما استمر التعتيم الاعلامي الرسمي حول استقبال الرئيس المصري حسني مبارك اول من امس للسفير الليبي في القاهرة جمعة المهدي الفزاني، اوضحت مصادر مصرية وليبية متطابقة في القاهرة لـ«الشرق الأوسط» هذا التعتيم غير المسبوق برغبة الجانبين المصري والليبي في ابقاء ملف علاقاتهما الثنائية بمعزل عن تناول وسائل الاعلام على الأقل في المرحلة الراهنة وحتى ينتهي تأثير الرذاذ السلبي الذي تعرضت له هذه العلاقات اخيرا بسبب تباين مواقفهما بشأن القمة العربية الطارئة التي استضافتها العاصمة المصرية الشهر الماضي.

ولوحظ أن وسائل الاعلام الرسمية تجاهلت نبأ اجتماع السفير الليبي بالقاهرة مع الرئيس المصري حسني مبارك علماً بأن وكالة أنباء الشرق الأوسط الحكومية كانت قد طلبت من مشتركي نشرتها الرسمية تجاهل الخبر المقتضب الذي سبق للوكالة أن بثته حول هذا الاجتماع.

وحرص مسؤولون مصريون وليبيون على التأكيد لـ«الشرق الأوسط» على أن عمق العلاقات الاستراتيجية بين القاهرة وطرابلس ومصالحهما المشتركة كفيلة بتجاوز الفتور الراهن والمؤقت في علاقاتهما على خلفية تباين الرؤى الخاص بنتائج القمة العربية الطارئة التي عقدت اخيرا بالقاهرة.

وقال هؤلاء إن أسس هذه العلاقات ثابتة ولن تهزها أزمة عارضة أو خلاف طارئ نظراً لاتفاق الجانبين على الحفاظ على هذه العلاقات بما يخدم مصالحهما الثنائية.

وسبق للعلاقات المصرية ـ الليبية أن عرفت هزات مماثلة ولكن سرعان ماتجاوزتها حيث تمكن الرئيس المصري والزعيم الليبي من تفادي أزمة اختفاء منصور الكيخيا المعارض الليبي البارز بالقاهرة عام 1993 على الرغم من ضغوط أميركية وأوروبية هائلة على الطرفين.

كما رفض الرئيس المصري حسني مبارك قبل عودة العلاقات المصرية ـ الليبية عام 1989 المشاركة في أكثر من سيناريو أعدته الادارة الأميركية لاسقاط نظام العقيد القذافي باستخدام القوة العسكرية.

ويبلغ عدد العمال المصريين لدى ليبيا قرابة النصف مليون عامل بشكل رسمي بينما ترتفع بعض التقديرات بهذا الرقم إلى حوالي مليون عامل. وتنشط حركة التجارة البينية بين مصر وليبيا مسجلة 3 مليارات دولار سنوياً، منها مليار دولار هي حجم التجارة الرسمية بين البلدين.

وعلى الرغم من أن عباس الطرابيلي رئيس تحرير صحيفة «الوفد» القاهرية قد لمح في مقاله الافتتاحي أمس على صدر الصفحة الأولى بالجريدة إلى ما وصفه بالمعركة المكتومة والخلاف الكبير بين مصر وليبيا بسبب تصريحات متبادلة حول طريقة معالجة أزمة العنف الصهيوني تجاه الشعب الفلسطيني والمقدسات الاسلامية في القدس. إلا أنه تساءل حول انعكاس هذا الخلاف على موقف شركات المقاولات والكهرباء المصرية العاملة داخل ليبيا.

وحذر الطرابيلي من خطورة امكانية قيام السلطات الليبية بترحيل العمالة المصرية لديها متسائلاً «ماذا نفعل لو عاد هذا المليون إلى أرض الوطن مطرودين تاركين وراءهم مدخراتهم وأملاكهم، وماذا سيفعلون هنا غير انضمامهم إلى طابور العاطلين وهم بالملايين وهل تتحمل شبكة المرافق المصرية عودتهم بسهولة من مدارس ومستشفيات ومياه وكهرباء ومساكن وشوارع».

وتكمن المفارقة في مقال الطرابيلي المدافع عن العلاقات المصرية ـ الليبية في كون صحيفة الوفد من أكثر الصحف المصرية انتقاداً وهجوماً للعقيد القذافي، لكنها سجلت هذه المرة تفاوتاً واختلافاً عن غيرها من الصحف التي لم تتوان عن انتقاد مواقف القذافي من القمة العربية الطارئة