الانتخابات الأميركية: توقعات بتكرار سيناريو وقع مرة واحدة خلال القرن الـ19

الفائز في السباق نحو البيت الأبيض قد لا يكون أكثر المرشحين حصولاً على الأصوات

TT

مع انتهاء أطول حملة انتخابية رئاسية في تاريخ الولايات المتحدة، لا يزال المرشحان لهذه الانتخابات، الجمهوري جورج بوش والديمقراطي آل غور، يجدان نفسيهما جنباً إلى جنباً في السباق نحو البيت الأبيض. وتعد هذه الانتخابات الأولى من نوعها، على الأقل منذ عشرين سنة وربما منذ عام 1960، من حيث صعوبة توقع النتيجة قبل ساعات من إجراء العملية الاقتراعية.

وقبل يوم واحد من الاستحقاق الكبير تبدو كل الاحتمالات ممكنة وان كانت استطلاعات الرأي لا تزال تظهر تقدماً طفيفاً للمرشح الجمهوري بوش، إلا أن منافسه الديمقراطي غور لا يزال متفائلاً ويظهر المزيد من القدرة على المنافسة وربما الفوز أيضاً.

وامام احتدام المعركة تتحدث وسائل الاعلام الاميركية عن سيناريو حصل في القرن التاسع عشر ولم يحدث قط في القرن العشرين وهو ان الفائز بالاصوات يمكن الا يكون بالضرورة الرئيس المنتخب.

ففي الحقيقة تجري الانتخابات الرئاسية بالاقتراع العام غير المباشر، اذ ان الرئيس تختاره هيئة من كبار الناخبين يبلغ عددهم 538 ناخبا موزعين على الولايات الخمسين تبعا لعدد سكانها خصوصا. والمرشح الذي يفوز بالاصوات في ولاية ما يكسب جميع الناخبين الكبار باستثناء ولايتين صغيرتين تتبعان آلية شبيهة بالنظام النسبي.

والاميركيون يصوتون في الواقع في 7 الجاري للناخبين الكبار الذين يتعهدون بالتصويت وفقا للاقتراع الشعبي في 18 ديسمبر (كانون الاول) المقبل. والمرشح الذي يفوز بأكبر عدد من الاصوات في ولاية ما يحصل على اصوات كبار الناخبين في هذه الولاية. ويكفيه اذا الفوز في عدد كاف من الولايات ليحصل على الغالبية المطلقة، اي 270 من كبار الناخبين ليصبح رسميا سيد البيت الابيض. وتشير توقعات عديدة الى ان بوش يمكن ان يفوز بولايات اكثر مع غالبية مريحة، لكن آل غور يمكن ان يكسب الولايات التي تشكل ثقلا اكبر من حيث عدد الناخبين الكبار مثل كاليفورنيا (54) ونيويورك (33).

وقد تحولت الحملة الانتخابيات رغم وعود المرشحين الى هجمات شخصية تركزت اكثر من اي وقت مضى على الحياة الشخصية بدلا من ان تنحصر في الخلافات السياسية. وفي هذا السياق وصف جورج بوش آل غور بالرجل المتقلب الرأي الذي يبالغ في تصوير مزاياه. وكرر مرارا «ان قائدا حقيقيا بات متوقعا.. قائداً لا يسعى الى اعجاب الجميع ولا يبدل شخصيته»، واعدا باعادة المصداقية والاستقامة الى البيت الابيض بعد الفضائح التي لطخت عهد كلينتون. كما عمد الى تعديل لهجة رسالته جاعلا من نفسه المدافع عن نهج «محافظ من القلب».

اما آل غور المعروف بسيطرته على ملفات معقدة عديدة فرد على الهجمات التي استهدفته بوصف منافسه بأنه غير مهيأ بل غير قادر على ان يكون رئيس القوة العظمى الاولى في العالم. وقال آل غور «ان الازدهار هو المحك» ملوحا بخطر عودة العجز في الميزانية والبطالة والتضخم.

لكن هناك مرشحاً ثالثاً يمكن ان يخلط الاوراق ويزعج المرشح الديمقراطي، وهو المرشح اللبناني الأصل رالف نادر مرشح الخضر الذي سجل تقدما ملحوظا في بعض الولايات حيث يمكن ان يرجح الكفة لصالح بوش بانتزاعه اصواتا من الديمقراطيين رغم عدم وجود فرق بين الاثنين في نظره.

وخلال الأسابيع الماضية، استخدم غور بعضاً من أقوى تصريحاته للتشكيك في مصداقية بوش، وقال إن برنامجه الخاص بالرفاهية الاجتماعية ليس برنامجا اتحاديا. واضاف «لم تكن هذه زلة لسان وانما تعبير عن العداء الراسخ» للحكومة.

واخبر غور الصحافيين على متن طائرة مساء السبت من واشنطن إلى بنسلفانيا «سنفوز، وبامكانكم كتابة ذلك».

ولكن بوش يدافع عن دعوته لاصلاح برنامج الرعاية الاجتماعية ويقول ان اصلاحاته لن تقلص من المزايا التي يوفرها البرنامج، مضيفا ان خطته الخاصة بالعلاج الطبي مثل خطة غور وربما افضل. ويصر على أن غور يسعى لاثارة مخاوف الكبار في السن بالقول إن الجمهوريين سيقللون من المزايا التي يحصلون عليها.

وإضافة إلى انتخاب رئيس جديد للولايات المتحدة، سيختار الناخبون الأميركيون المقدر عددهم بـ148 مليونا غداً (الثلاثاء) أيضاً 435 عضواً في مجلس النواب و34 من اعضاء مجلس الشيوخ المائة.

ويتوقع الخبراء ان تكون المنافسة على اشدها ايضا في الانتخابات التشريعية حيث ان الديمقراطيين يتمتعون بفرصة جيدة لانتزاع الغالبية من الجمهوريين الذين يشغلون الآن 222 مقعدا مقابل 209 للديمقراطيين في مجلس النواب. وهناك مقعدان يشغلهما مستقلان، احدهما يصوت مع الديمقراطيين والآخر مع الجمهوريين، اضافة الى مقعدين شاغرين، احدهما سيكون بالتأكيد من حصة الحزب الديمقراطي.

وفي مجلس الشيوخ يتمتع الجمهوريون ايضا بالغالبية اذ يشغلون 54 مقعدا مقابل 46 للديمقراطيين. وثلث هذه المقاعد فقط قابلة للتجديد وعموما يعتبر الجمهوريون في موقع افضل للاحتفاظ بالغالبية اذ يتعين على الحزب الديمقراطي ان يفوز بخمسة مقاعد للسيطرة على هذا المجلس المؤلف من مائة عضو.

وقال آلان ليشتمان المتخصص في شؤون الرئاسة الاميركية في الجامعة الاميركية في واشنطن «اذا فاز آل غور في السباق الى البيت الابيض فمن الضروري ان يسيطر الديمقراطيون ايضا على مجلس النواب لضمان نجاح اصلاحاته». واكد ان «انتخابات مجلس النواب تعتبر حيوية لبرنامج حكومته»، مضيفا «اذا فاز الجمهوريون بالرئاسة واحتفظوا بالغالبية في مجلسي الكونغرس فسيكون لديهم عندئذ درجة من السلطة لم يسبق ان حصلوا عليها منذ 1920». واشار الى انه من النادر جدا في انتخابات عامة ان تكون المنافسة على هذا القدر من الاحتدام على المستويات الثلاثة من الحكم: الرئاسة ومجلس النواب ومجلس الشيوخ.

والمحطة الابرز التي تتابع بشغف في هذه الانتخابات هي ولاية نيويورك حيث تحظى السيدة الاولى هيلاري كلينتون بفرصة كبيرة في ان تصبح اول زوجة رئيس اميركي تدخل الساحة السياسي كسناتور. لكن السباق الرئاسي يتركز في الواقع في نحو عشر ولايات يجوبها المرشحان لا سيما فلوريدا وبنسلفانيا وميشيغن.

* خدمة «لوس انجليس تايمز» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»