مصر تستدعي سفيرها في تل أبيب احتجاجا على ممارساتها ضد الفلسطينيين

موسى: عملية السلام لا تطبع لها تذاكر في إسرائيل والسفير لن يعود في وقت قريب

TT

في خطوة مفاجئة لاقت ارتياحاً شعبياً واسعاً استدعت مصر سفيرها في تل أبيب محمد بسيوني بسبب استمرار الاعتداءات الاسرائيلية على الشعب الفلسطيني والامعان في استخدام القوة.

وقال وزير الخارجية المصري عمرو موسى ان الرئيس حسني مبارك اصدر تعليماته باستدعاء السفير المصري من تل أبيب فوراً بسبب التصعيد الاسرائيلي والاعتداءات على الفلسطينيين، وأشار موسى الى انه سيتشاور مع بسيوني حول ما يجري في الأراضي الفلسطينية.

واضاف موسى ان قرار القاهرة استدعاء سفيرها من تل ابيب يعكس الاستياء الشديد من اسلوب تعامل اسرائيل مع الانتفاضة الفلسطينية.

وابلغ موسى الصحافيين ان مصر ستواصل المشاركة في عملية السلام في الشرق الاوسط ورفض تصريحات وزير الخارجية الاسرائيلي شلومو بن عامي الذي قال ان استدعاء السفير سيقلص دور مصر.

وقال موسى: سنشارك في عملية السلام. عملية السلام لا تطبع لها تذاكر في اسرائيل. واشار موسى الى ان السفير محمد بسيوني لن يعود الى تل ابيب في وقت قريب. وقال: لم يحدد موعد لعودته. هناك الكثير الذي يتعين ان يفعله هنا وله مكانه هنا.

وقالت مصادر مصرية ان بسيوني سيبقى في القاهرة لبعض الوقت ولن يعود سريعاً في الوقت الذي تجري فيه القاهرة تقييماً شاملا للموقف في ضوء سياسة العنف الاسرائيلية.

ولم تستبعد المصادر اتخاذ اجراءات أخرى تصاعدية في حالة استمرار الاعتداءات الاسرائيلية وقصف المدن الفلسطينية وحصار الفلسطينيين وعزلهم عن العالم.

وأكدت المصادر ان القاهرة كانت تبحث الأمر منذ فترة لكنها فضلت عدم اللجوء الى أي اجراءات تصعيدية للمحافظة على دورها في عملية السلام ودعم الجانب الفلسطيني، لكن التصعيد الاسرائيلي غير المبرر واستمرار الصمت الاميركي والأوروبي تجاه الجرائم الاسرائيلية أدى الى اتخاذ هذا القرار.

وأضافت المصادر ان استدعاء السفير المصري من اسرائيل لن يكون الاجراء الأخير ما لم تتوقف اسرائيل عن اجراءاتها القمعية، وتراجع سياستها وتبدأ وقفاً فورياً لكافة أشكال العدوان، وسحب الآلة العسكرية الاسرائيلية خارج المدن وفك الحصار عن الشعب الفلسطيني والعودة الى أوضاع ما قبل الثامن والعشرين من سبتمبر (ايلول) الماضي.

في الوقت نفسه قال وزير الخارجية المصري انه صدرت تعليمات لوفد مصر الدائم في الأمم المتحدة للتشاور الفوري مع لجنة المتابعة والتحرك التي شكلتها القمة العربية للعمل على تنفيذ ومتابعة قرارات القمة.

وأضاف موسى ان المشاورات التي ستجريها المجموعة العربية في نيويورك ستدور حول مسألة العدوان الاسرائيلي والامعان في استخدام القوة داخل الجمعية العامة للأمم المتحدة وصولاً الى مجلس الأمن.

ونفت مصادر مصرية ان تكون القاهرة قد تشاورت أو أبلغت واشنطن بقرار استدعاء سفيرها من تل أبيب، مشيرة في الوقت نفسه الى ان القاهرة أبلغت بعض العواصم العربية بمضمون القرار الذي لقي ارتياحاً عربياً واسعاً.

وكانت دعوات عديدة قد انطلقت من كافة الأوساط السياسية والشعبية في مصر مطالبة باتخاذ اجراءات دبلوماسية ضد اسرائيل بسبب المجازر التي ترتكبها في الاراضي الفلسطينية، لكن القاهرة الرسمية رأت الحفاظ على شعرة معاوية باستمرار العلاقات واستغلالها في رفع الضغوط عن الشعب الفلسطيني.

ولفتت المصادر الى ان اسرائيل لم تلتزم بما تم الاتفاق عليه في شرم الشيخ ولا بالعرض الذي حمله الرئيس الاسرائيلي السابق عيزرا فايتسمان بتفويض من رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود باراك لطلب وساطة مصرية، مشيرة الى ان تل أبيب لم تلتزم أيضاً بكافة التفهمات التي تمت لافتتاح الحدود البرية والسماح بدخول المساعدات الانسانية والطبية المتكدسة في مطار العريش وعلى مقربة من منفذ رفح الحدودي، الأمر الذي اعتبرته القاهرة اصراراً على العدوان واستمرارا لسياسة الحصار الاقتصادي والسياسي والعسكري للشعب الفلسطيني.

ورحبت القوى السياسية في مصر بقرار سحب السفير المصري في اسرائيل والذي اعتبره كثيرون جاء متأخراً بعض الوقت، لكن ذلك لم يمنع من اعتباره قراراً مهماً، داعين الى قطع العلاقات الدبلوماسية مع اسرائيل وطرد السفير الاسرائيلي من القاهرة.

واعلن نعمان جمعة رئيس حزب الوفد تأييده لهذه الخطوة من جانب الرئيس مبارك، وقال: نحن نتضامن معه بشكل مطلق في أي خطوة يتخذها لمواجهة العدوان الآثم الغشيم الهمجي الذي تقوم به العصابات الصهيونية ضد الشعب العربي في فلسطين.

وأشار جمعة الى ان الوفد يعد لتشكيل لجنة قومية لتنظيم مقاطعة السلع والخدمات الاسرائيلية وأي خطوة تكون لصالح الشعب الفلسطيني.

من ناحيته اعرب خالد محيي الدين رئيس حزب التجمع عن أسفه البالغ لما تعرض له الشعب الفلسطيني بالأمس من هجمات همجية اسرائيلية، وأكد ان قرار القيادة السياسية المصرية بسحب السفير المصري من اسرائيل هو أولى الخطوات تجاه الممارسات الهمجية الاسرائيلية، داعياً الى اتخاذ خطوات أخرى من قبل كل القيادات السياسية العربية بعد ان استباحت اسرائيل الدماء والمقدسات العربية من دون أن يردعها أي موقف عربي حقيقي.

وطالب ضياء الدين داود رئيس الحزب الناصري بطرد السفير الاسرائيلي من القاهرة فوراً، وطالب دول الخليج العربي بوقف ضخ البترول الى كل الدول الغربية، مؤكداً ان هجمات اسرائيل بالطائرات والصواريخ على اهداف فلسطينية هي بمثابة اعلان حرب يجب ان يواجهه العرب برد حاسم وقوي حتى لا تتمادى اسرائيل في عدوانها وانتهاكاتها ضد كل ما هو عربي، سواء في فلسطين أو خارج فلسطين. أما نائب المرشد العام لجماعة الاخوان المسلمين المستشار مأمون الهضيبي فقال لـ«الشرق الأوسط»: كنا نتمنى ان يكون القرار سحباً للسفير وليس استدعاء لان ذلك لا يلزم الطرف الآخر باتخاذ ذات الموقف، ولكن عموماً نعتبر هذه الخطوة ايجابية لحد بعيد ونأمل ان يكون ذلك بداية لموقف تصعيدي ليتناسب مع العدوان الاسرائيلي الهمجي على الشعب الفلسطيني خاصة ان هذا الاجراء يتقابل مع رغبة الجماهير في الشارع المصري، مشيراً الى ان استمرار الاجراءات المتصاعدة في هذا الاتجاه تصب في صالح الموقف العربي ضد اسرائيل.

ومن جانبه قال الأمين العام لحزب العمل المعارض عادل حسين انه من المؤكد ان استدعاء السفير المصري من تل أبيب هو خطوة لها تقديرها في الاتجاه الصحيح ويمثل استجابة لمطالب الجماهير العربية والاسلامية في كل مكان، وهو أيضاً يعد تنفيذاً لقرارات القمة العربية.

واضاف لـ«الشرق الأوسط»: اننا نطالب بخطوات أبعد في هذا المجال تصل الى حد قطع كامل للعلاقات الدبلوماسية.

ورحب استاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور حسن نافعة بالقرار واعتبره تطبيقاً عملياً لقرارات القمة العربية لانها تحدثت عن ضرورة التعامل مع اسرائيل بقدر تجاوبها مع مقررات القمة والتي اظهرت اسرائيل ناحيتها استخفافاً ملحوظاً، لذا فكان لزاماً عليها ان تجني آثار هذه التصرفات.