قضية سفاح صنعاء ما زالت تحير اليمنيين وتوقع مفاجآت جدىدة في الاستئناف

آدم اعترف بقتل عشرات ثم ثبت أن أقواله مجرد خيال وادعاءات

TT

استقبل المجتمع اليمني الحكم الصادر بالاعدام في قضية مشرحة كلية الطب بجامعة صنعاء وأدين فيه فني المشرحة السوداني الجنسية محمد آدم عمر اسحاق (52 عاما) بفتور ملحوظ قياسا بما احدثته هذه القضية من هزة عنيفة رافقها ذهول تام باعتبار ان الجريمة اقترفت في مكان يتعين ان يتوفر فيه الأمن الكافي والتام، فلم يتصور احد ان مشرحة كلية الطب ستكون مسرحاً لارتكاب جرائم القتل والاغتصاب ضد الفتيات في الكلية ولم يشهد المجتمع اليمني جريمة مثل هذه رغم ان حوادث القتل والثارات من الظواهر المألوفة في الاوساط الاجتماعية في البلاد واسهمت الشفافية التي كانت في اقل درجاتها في هذه القضية في اطلاق سيل من الشائعات اعتمادا على الاقوال التي ادلى بها محمد ادم عمر في اعترافاته لدى سلطات التحقيق في الأمن والنيابة العامة حيث قال انه مسؤول عن اغتصاب وقتل وتقطيع 16 فتاة منهن 9 من الفتيات من طالبات كلية الطب و7 اخريات من خارج جامعة صنعاء.

وكانت المفاجأة في بداية القضية اعترافه بأنه ارتكب جرائم مماثلة في عدد من البلدان العربية والافريقية طالت 11 ضحية ورجلا واحدا في السودان عندما كان يعمل في مستشفى جامعة الخرطوم وقتله واغتصابه لـ3 نساء في اثيوبيا و4 اخريات في اريتريا وتحديدا في أسمرة و3 نساء في تشاد وامرأة واحدة في افريقيا الوسطى وسيدة في دولة الكويت. لكن المفاجأة الاكبر هي اكتشاف وزارة الداخلية اليمنية ان السفاح لم يسافر الى اي من هذه البلدان وانه لم يغادر بلده السودان الا الى اليمن فقط واستدلت في هذا الصدد على ان جواز سفره خال من أي تأشيرة عدا ما يستدل به من سفره الى اليمن.

وفي المحطات البارزة في هذه القضية الجلسة الرابعة للمحاكمة عندما تقدمت عايشة ياسين سعيد التي تقيم في دولة الامارات العربية بدعوى امام هيئـة المحكمة وتضمنت هذه الدعوى قتل شقيقتها ندى ياسين سعيد التي تدرس في طب صنعاء منذ عدة سنوات بعد ان عادت من المجر. وجاءت هذه الدعوى مستندة الى الاعتراف الصريح من آدم بأنه قام باغتصاب وقتل ندى وزاد على ذلك قوله انها كانت من اجمل الفتيات اللائي وقعن في شباك جرائمه. لكن اتضح ان هذه الفتاة لم تكن في عداد ضحاياه وغير ذلك مجرى القضية خاصة بعد ان تراجع المتهم عن اعترافاته السابقة بقتل واغتصاب 16 فتاة يمنية من ضمنهن طالبة عراقية تأكد انها من ضحاياه فعلا حيث نفى ان يكون قد ارتكب هذه الجرائم بحق هذا العدد من النساء والفتيات وظل متمسكا بالمسؤولية الكاملة عن مقتل الطالبة العراقية زينب سعود عزيز والطالبة اليمنية حسن احمد عطية. وأوقع هذا التقلب الجميع في حيرة وأطلق العنان للكثير من التصورات حول الدوافع وراء اقتراف هذه الجرائم من ذلك القول ان هذه الجرائم متصلة بوجود شبكة منظمة للتجارة في الاعضاء البشرية بوجود شبكة للدعارة والمتاجرة بالرقيق الابيض حتى وصلت هذه التصورات الى التأكيد بوجود فئـة متخصصة بخطف الفتيات بغرض اشباع الرغبات الجنسية والتخلص منهن بالقتل.

ويبدو ان المتهم من هواة الشهرة، وخياله واسع في الادعاء بتصيد النساء وقتلهن وتكشف ذلك بعدما اعترف امام القضاء اليمني بقتله واغتصابه لثلاث فتيات من طالبات كلية الطب في زمن اقل من ساعتين وفي يوم واحد فضلا عن ادعائه اختراع مادة كيماوية لتذويب العظام ورؤوس الفتيات من ضحاياه، وهو ما اعتبرته المحكمة مخالفا للعقل في ان يقتل ويغتصب ويختطف 3 فتيات في اقل من ساعتين، مشيرة الى ان هذا النسيج من الجرائم الغرض منه خلق مزيد من التتويه للقضاء وسلطات التحقيق والنيابة بهدف صرف الانظار عن الجريمتين الثابتتين ضده في مقتل الطالبتين اليمنية والعراقية وهذه الاعترافات لم تحتو على الاركان الشرعية الواجب توفرها في صحة الاعتراف، اذ ان ما اعترف به من الجرائم لم يكن من الامور المعلومة، اذ ان الفتيات كن من الشخصيات المجهولات في الهوية والشخصية والنسب بحسب ما جاء في حيثيات هذه القضية.

ثم ان عوامل الخوف كما تعتقد اوساط قضائية لم تصل في المجتمع اليمني الى درجة ان يختفي هذا العدد من الفتيات من دون ان يسأل احد عنهن حتى بعد معرفة الجريمة ووصولها الى القضاء وهو ما اعتبر ان يحتمل هذا الامر من حيث الوجود من الامور التي يرفضها الكثير من الناس في ان تبلغ درجة الانهيار للروابط الأسرية الى هذا المستوى حتى يختفي هذا العدد من الفتيات البعض منهن وصلن الى مستوى عال من التعليم وتكوين الشخصية ويدرسن في كلية الطب بالجامعة ولم يحرك ذووهن ساكناً بالسؤال والبحث عنهن خوفا من الفضيحة وبخاصة ان مفاهيم وآراء برزت في هذه الآونة حتى من قبل شخصيات اكاديمية بأن اختفاء المرأة او الفتاة يشكل فضيحة في المجتمع مهما كانت الاوضاع والظروف وما يرافقها من مبررات.

لكن ما ينبغي التنويه اليه ان الاحزاب والقوى السياسية وقطاعا واسعا من المواطنين يعتبرون ان ما حدث في طب صنعاء هو نتاج للفساد الذي اكدته هذه الفعاليات والشخصيات في جامعة صنعاء فضلا عن الانفلات وعدم وجود الادارة الحديثة في ادارة المشرحة بكلية الطب حيث لا توجد بها سجلات لمحتوياتها من الجثث والأنسجة والاشلاء التي وصلت التقديرات الطبية الى انه يوجد في هذه المشرحة 133 جثة واشلاء وعظام منها 18 جثة معروفة وباقي العدد من الاشلاء والعظام غير المتطابقة مجهولة المصدر والهوية.

ومهما يكن الامر بما يحمله من خطورة على تعليم الفتاة اليمنية فان هذه الحادثة يمكن ان تكون مدخلا لاصلاح الأوضاع العلمية والأمنية وفي العلاقات الموجودة في الجامعة وعلى الخصوص في كلية الطب.

ورغم ان القضاء قد قال كلمته الاولى في جرائم المشرحة الا ان الاحتمالات المتعددة ما تزال مفتوحة في ان تتكشف عناصر جديدة في محكمة الاستئناف وهي الدرجة التالية وبخاصة ان هنالك اسئلة بحاجة الى اجابة ويستدل على ذلك ان السلطات اليمنية عبر قيادة وزارة الداخلية اكدت ان هذه الجريمة من الجرائم المنظمة وان ليس من المعقول ان ينفذ محمد ادم مثل هذه الجرائم بمفرده، ثم ان سحب قوات الأمن لادم عند اعلان الحكم ضده بتلك السرعة الفائقة قد جعل البعض يحتمل ان هذه الخطوة من قبل الحراس لمنع محمد ادم من ان يدلي ببعض المعلومات التي يعتقد الكثيرون انه ما زال يتحفظ بشأنها.