بعد 21 عاما من السلام البارد: السفارة الإسرائيلية في شارع «محمد الدرة» ظلت ثكنة عسكرية

TT

رغم مرور 21 عاماً على افتتاح السفارة الاسرائيلية في القاهرة، والتي كانت أول سفارة لاسرائيل في عاصمة عربية، إلا انها ظلت أسيرة العزلة، والحراسات الأمنية المشددة التي حولت الشارع الذي تقع فيه السفارة، والبنايات التي تحيط بها، الى ما يمكن وصفه بالثكنة العسكرية، ويقع مقر السفارة في الطابق الثامن عشر من بناية تطل على النيل في مواجهة كوبري جامعة القاهرة، والتي كثيراً ما تشتعل بالمظاهرات الطلابية المعادية لاسرائيل.

وعلى مدار 21 عاماً مضت وطلاب جامعة القاهرة يحاولون الوصول الى مقر السفارة للتظاهر أمامها، ولكن قوات الأمن حالت دون حدوث ذلك، فالاجراءات الأمنية المشددة التي تحيط بها جعلت ذلك الأمر مستحيلاً، لدرجة اضطرت بعض القاطنين لتغيير مساكنهم والانتقال من شارع ابن مالك، الذي تقع فيه السفارة، والذي تغير اسمه بقرار من المجلس المحلي لمحافظة الجيزة مؤخراً الى اسم «شارع الشهيد محمد الدرة».

وانخفضت في هذا الشارع أسعار العقارات بدرجة كبيرة مقارنة بمثيلاتها في شوارع ليست بعيدة عنها، فقد أصبحت مسألة زيارة أي من قاطني هذا الشارع بمثابة مغامرة غير مأمونة العواقب، لدرجة ان أي مواطن مصري يقوده حظه العاثر الى المرور أمام السفارة يستوقفه عشرات من ضباط الشرطة السريين والرسميين المنتشرين في المكان لاستجوابه، والتحقق من شخصيته.

واذا كان الشخص متجهاً بالفعل الى السفارة الاسرائيلية، فإن ضباط المباحث يفحصون بطاقته الشخصية ويدونون بياناته ويستجوبونه تفصيلياً عن أسباب الزيارة وترتيباتها، وحين يخرج من مقر السفارة فلا بد ان يمر على مكتب تابع لجهاز مباحث أمن الدولة بالقرب من السفارة لمزيد من الاستجوابات حول ما جرى وبمن التقى وماذا دار من حوارات.

وفي المقابل أيضاً فإن هناك اجراءات مشددة لكل مصري يرغب في السفر الى اسرائيل خصوصاً بعد اكتشاف قضية عزام عزام الذي أدانته محكمة أمن الدولة المصرية بالتجسس لمصلحة اسرائيل عام 1997. ولم يتجاوز عدد الزائرين المصريين الى اسرائيل خلال العام الحالي 500 شخص معظمهم من المسؤولين وأصحاب التوكيلات التجارية، وفرقة واحدة للفنون الشعبية اقتصرت زيارتها على أراضي السلطة الفلسطينية.

أما في ميادين القاهرة فيمكن للمارة أن يشاهدوا بضائع اسرائيلية مهربة الى مصر بدءاً من الملابس والأدوات الكهربائية مروراً بالساعات وانتهاء بأدوات المكياج، وهذا أمر له أسبابه المتعددة من بينها ان غالبية التجار أو الباعة المتعاملين في البضائع الاسرائيلية إما فلسطينيون من المقيمين في مصر، والذين يترددون على غزة والضفة لزيارة ذويهم أو شبان مصريون تدفعهم ظروف البطالة، وافتقاد الوعي السياسي الى هذه التجارة الرابحة المريحة.

وبينما لا يكف الدبلوماسيون الاسرائيليون في القاهرة عن الشكوى من تجاهلهم، فإنهم من خلال النشرات الدورية التي يرسلونها دون إذن، للصحف والمثقفين المصريين عبر البريد الالكتروني قد وجدوا منفذاً، ويؤكدون خلال رسائلهم انه من بين 22 اتفاق تطبيع أقرها الطرفان في معاهدة السلام عام 1979 لم تنفذ مصر سوى ثلاثة أو أربعة بينما بقي نحو 18 اتفاقاً غير منفذ، ويعترفون بأن حجم التبادل التجاري يبلغ 75 مليون دولار منها 50 مليون دولار صادرات من اسرائيل الى مصر، بينما تبيع مصر نفطاً لاسرائيل وفقاً لما نص عليه اتفاق كامب ديفيد من حقول سيناء كانت قيمته نحو 250 مليون دولار وبلغ العام الماضي 150 مليونا فقط نتيجة لانخفاض اسعار النفط وخفض اسرائيل لطلباتها من النفط والغاز الطبيعي المصري.