إشكاليات الانتخابات الرئاسية ساهمت في «تسييس» الأطفال الأميركيين

TT

قبل انتخابات الرئاسة الاميركية لم يكن نجلا مارتين بليسنر البالغان من العمر 12 و13 سنة يبديان اي اهتمام بالسياسة. ولكن عندما تبين في 8 الشهر الجاري ان اميركا بلا رئيس منتخب، تغيير كل شيء في منزل بليسنر المدير السياسي السابق لشبكة تلفزيون سي بي اس، الذي يقول «لقد اصبحا خبراء في قضايا الانتخابات». ولا ينطبق ذلك على اولاده فقط. فقبل ايام سمع ليسنر اطفال السنة الخامسة في المدرسة الابتدائية يناقشون الانتخابات.

وربما يكون عدم حسم انتخابات الرئاسة الاميركية محبطا لكثير من الاميركيين، ولكن اصبح لها فائدة غير متوقعة: لقد تحولت الى درس حقيقي في السياسة لاطفال المدارس.

وتكشف المقابلات الصحافية مع الاطفال ان دراما فرز الاصوات لم تبعدهم عن الاهتمام بما يجري، ولكنها تثير اهتمامهم. فمجرد عودتهم من المدرسة يسألون امهاتهم عن اخر التطورات، او يشاهدون اخبار الصباح يوميا قبل الذهاب للمدرسة. وبالرغم من عدم فهمهم لخبايا المجمع الانتخابي، فقد عرفوا على الاقل انه موجود، وان كل صوت له قيمة. ويعتبر المراقبون السياسيون هذا الاهتمام امرا ايجابيا، على امل ان تتحول مناقشات المدارس اليوم الى اصوات انتخابية في الغد، بالاضافة الى عامل اخر وهو زيادة استخدام الانترنت في هذه الانتخابات، ثلاث مرات بالمقارنة بالانتخابات السابقة. وهو الامر الذي يثير احتمال ان «الشباب والانترنت سيؤديان الى مزيد من المشاركة»، طبقا لتوقعات توماس مان وهو خبير في الشؤون السياسية في معهد بروكينجز في واشنطن.

غير ان ذلك لا يعني ان طلبة المدارس يفهمون فهما كاملا ما يجري، او حتى بصورة متوازنة. فهم يميلون الى رؤية الاشياء من منطلق ابيض واسود، ويتأثرون تأثرا عميقا بآبائهم واصدقائهم ومدرسيهم. والاستطلاع السريع حول مدى فهم الطلبة للعبارات المستخدمة في هذه الانتخابات يكشف عن بعض الافكار الغريبة، لكنها ليست بعيدة عن الحقيقة.

اذ اوضح طالب في الصف السادس ان «غور فاز بالصوت المباشر. وهو الامر الذي يعني انه اكثر شعبية». وبالنسبة لقطعة الورق التي تنفصل عن البطاقة الانتخابية بعد احداث ثقب فيها قالت طالبة: «انه هذا الشيء الصغير المعلق بالبطاقة». وقالت انها علمت بذلك من برنامج تلفزيوني.

اما المجمع الانتخابي فقد ذكرت طالبة مدرسة: «اعضاء المجمع يصوتون بغض النظر عن تصويت الناس في الدائرة الانتخابية. وتتكون الولاية من عدة دوائر وتحصل على عدد معين من الاصوات طبقا لعدد السكان. لا اتذكر لماذا، ولكني ضد هذه الطريقة».

غير ان هناك العديد من الدروس القيمة التي تعلمها هؤلاء التلاميذ. فقد ذكرت تلميذة بمدرسة عليا في كاليفورنيا ان الشخص الذي يحصل على معظم الاصوات ليس بالضرورة الشخص الذي يفوز بالانتخابات. وللاسف ليست البطاقات الانتخابية موحدة، فالبعض يحدث ثقبا في البطاقة والاخر يضع خطأ». وهكذا علمت هذه الفتاة لاول مرة بالاحزاب الاخرى. ولا يفتقد هؤلاء الصبية الى وجهات نظر خاصة بهم، اذ طالبت تلميذة في الفصل السادس بضرورة توفير بطاقة انتخابية موحدة للجميع. وهي ليست وحدها في هذا الامر، فقد اعرب 70% عن اعتقادهم ان بطاقة انتخابية موحدة ستقضي على كثير من المشاكل اثناء الاقتراع. وتكشف فتاة في الواحدة والعشرين من عمرها ادلت بصوتها للمرة الاولى عن حماسة الشباب عندما قالت «اشعر بالفخر للحياة في مجتمع ديمقراطي، واعتقد انك اذا لم تعبر عن رأيك فمن الافضل الانتقال للحياة في كوبا».

* خدمة كريستيان ساينس مونيتورز ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»