بوتين وبلير يبحثان دعم الأمن الأوروبي بعيدا عن النفوذ الأميركي

TT

للمرة الخامسة وخلال فترة لا تتجاوز ثمانية اشهر التقى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين «صديقه» رئيس وزراء بريطانيا توني بلير الذي وصل الى موسكو في زيارة عمل تستغرق يومين، ورغم الدهشة التي اعترت بعض المراقبين لأسباب قالوا انها تعود الى عدم وجود القضايا الملحة التي تفرض سرعة القيام بمثل هذه الزيارة فقد تضمن جدول اعمال المباحثات الروسية البريطانية الكثير من القضايا البالغة الأهمية وكشف عن بعضها بوتين في مستهل لقائه في الكرملين مع بلير حين قال: «ان تنسيق الجهود في الساحة الدولية، ولا سيما فيما يتعلق بمجال الأمن يظل في مقدمة قضايا التعاون الثنائي». ولعل بوتين يقصد بذلك ما سبق وطرحه بشأن رفضه لمقترحات الولايات المتحدة حول بناء منظومة خاصة بها للدفاع المضاد للصواريخ ما يعد خروجا على معاهدة الحد من الأنظمة المضادة للصواريخ الموقعة بين البلدين عام 1972. وكان قد استقطب الكثيرين من زعماء البلدان الاوروبية «حول اقتراحه بشأن انشاء منظومة مشتركة، كشف عن اتفاق بشأنه توني بلير الذي قال في لقائه مع بوتين بضرورة تركيز الجهود حول قضايا الأمن الدولي استنادا الى وجود الكثير من التفاهم المتبادل بين الجانبين حول هذه القضايا».

وحرص الطرفان على مناقشة المسائل المتعلقة بالتعاون في المجالات الاقتصادية والتجارية، والتي توقفا بصددها بالمزيد من التفاصيل خلال لقاء بلير مع رئيس الوزراء الروسي ميخائيل كاسيابوف. وأشارت تاتيانا رازباش المتحدثة باسم الحكومة الروسية الى ان اللقاء تناول كذلك «الحصول على دعم بريطانيا لروسيا في مطلبها لدى نادي باريس حول جدولة الديون، والتعاون في مجالي الاستثمار، وضخ الاستثمارات البريطانية في مجال الصناعة وقطاع الطاقة لروسيا، الى جانب الاستعداد للندوة الدولية التي ستعقد في موسكو تحت عنوان «روسيا ـ بريطانيا الموجة الجديدة».

على صعيد القضايا الدولية تناول الجانبان الموقف في يوغوسلافيا بعد رحيل رئيسها السابق سلوبودان ميلوشيفيتش، والوضع في الشرق الاوسط على ضوء التصعيد الاخير من جانب السلطات الاسرائيلية، ومقترحات موسكو حول توسيع آلية الاشراف على عملية السلام في اطار انضمام اوروبا الى الراعيين الرئيسين روسيا والولايات المتحدة، وكذلك الأوضاع في الشيشان ما يكفل عودة روسيا الى الجمعية البرلمانية الاوروبية في اطار التسوية السلمية.

وشهدت زيارة رئيس الوزراء البريطاني ما اسمته بعض وسائل الاعلام المملوكة للدوائر اليهودية مفاجأة حين رفض بلير الحديث الى اذاعة «صدى موسكو» التي يملكها فلاديمير جوسينسكي رئيس المؤتمر اليهودي الروسي، والتي سبق وتحدث اليها الرئيس الاميركي بيل كلينتون خلال زيارته الاخيرة لموسكو.

وقالت صحيفة «كوميرسانت ديلي» ان المفاجأة اتسمت بشكل اكثر حدة نظراً لأن الاعتذار عن عدم الحديث علمت به اذاعة «صدى موسكو» من ادارة ديوان الكرملين، وليس من السكرتير الصحافي لرئيس الوزراء البريطاني. وأشارت الى ان رئيس الوزراء البريطاني «فضل الصداقة مع بوتين على حرية الصحافة في روسيا». وكأن هذه الحرية لا يمكن ان تكون كاملة الا اذا استجاب الآخرون لابتزاز مثل هذه المحطات الاسرائيلية والاميركية الهوى حسبما فعل كلينتون!! وكانت الصحافة الروسية قد اسهبت في الحديث عن الصداقة الشخصية التي قامت بين بوتين وبلير منذ استقبل الاول صديقه البريطاني في موطنه سان بطرسبرج، كأول زعيم غربي، فيما كانت لندن اول عاصمة غربية يزورها بعد تنصيبه رئيسا لروسيا. وقالت ان بوتين الذي يجيد الألمانية بدأ في تعلم الانجليزية التي يحقق فيها تقدما.