«الشرق الأوسط» تزور قاعدة عمليات الشيخ حمد بن علي في الشارقة

«صقر الخليج» مسجلة في جنوب أفريقيا ومسؤولوها في الشارقة يتحفظون في الحديث بعد جدل الهدية لصدام

TT

أثار نبأ اهداء الشيخ حمد بن علي بن جبر آل ثاني رئيس مجلس ادارة شركة طيران «صقر الخليج» طائرة للرئيس العراقي صدام حسين تساؤلات عن هذه الشركة التي لم تكن معروفة من قبل، وحول صاحب الشركة الذي قام بتقديم هدية لا تقدمها الا حكومات غنية أو شخصيات غنية معروفة من فئة المليارديرات، مما دفع «الشرق الأوسط» إلى زيارة موقع الشركة في المنطقة الحرة بمطار الشارقة الدولي التي تشكل قاعدة لعمليات الشركة ومركزاً لنشاطها. ومع ان الشيخ حمد تراجع عما نقلته عنه وكالات الانباء بشأن الهدية، الا ان هذا التراجع الذي فرضته فيما يبدو التداعيات والمخاطر القانونية التي يخلفها اهداء او بيع طائرة لبلد يخضع لعقوبات دولية وبدون تصريح من الشركة أو الدولة المصنعة اضاف علامات استفهام جديدة بدل ان يكشف وملابسات قصة الطائرة الهدية.

وكانت زيارة «الشرق الأوسط» لموقع الشركة مرتبة وجرى الاتفاق بشأنها مع مدير العمليات في الشركة الكابتن عامر البدري هاتفيا، الا اننا فوجئنا عند وصولنا الى هناك انه يريد استقبالنا كزائرين لنشرب معه «القهوة»، رافضاًَ الحديث في اي شأن من شؤون الشركة باعتبار ان ذلك من اختصاص رئيس الشركة الشيخ حمد بن علي الموجود في بغداد، وبدا ان امتناع الكابتن البدري عن الادلاء باي معلومات جاء نتيجة تعليمات صدرت له، اذ كانت قصاصة الخبر الذي نشرته «الشرق الاوسط» امس في صدر صفحتها الاولى والذي تضمن تصريحات الشيخ حمد بن علي، وصلت اليه قبل وصولنا، بحيث بدا الكابتن متحفظاً في كلامه قياساً للاريحية التي ابداها عندما تحدثنا إليه هاتفياً من قبل.

وعندما استغربنا تمنعه في اعطاء معلومات حوّلنا الى موظف آخر مسؤول عن العلاقات العامة كان متحفزاً منذ البداية وسأل قبل ان نجلس عما اذا كانت اداة التسجيل مفتوحة ام لا. ثم بدأ بسلسلة اجابات لا تزيد مفرداتها عن «لا ادري».

وعندما طلبنا منه صورة لإحدى طائرات الشركة كتلك المعلقة في مكتبه قال انه لا يوجد في الشركة غيرها، وعندما طلبنا منه السماح بتصوير الطائرات الرابضة في المطار قال ان هذا الامر ممنوع بامر هيئة المنطقة الحرة. وخرجنا من مقر الشركة بخفي حنين وتوجهنا الى ادارة المنطقة الحرة بالمطار، حيث استقبلنا الشيخ صقر بن راشد بن حميد القاسمي نائب المدير العام لهيئة المنطقة الحرة بمطار الشارقة.

ومع ان القاسمي رفض التحدث عن اي امر خاص بالشركة وركز حديثه على الدور الذي تلعبه المنطقة الحرة بمطار الشارقة، الا انه سمح لنا في نهاية اللقاء معه بالتقاط صور مختلفة في المنطقة ومنها صور طائرات شركة صقر الخليج الرابضة في المطار وبينها طائرتان من طراز بوينج 747 وطائرات اخرى من طرازات مختلفة بعضها تجري له عمليات صيانة واخرى عمليات صبغ بلون وشعار الشركة.

لم تتوقف الزيارة إلى الشركة عند حدود التصوير، بل نجحت في الحصول على بعض المعلومات الاساسية ومنها أن الشركة تأسست قبل حوالي العام وهناك اقوال بأن رأسمالها 400 مليون دولار.

اما الشيخ حمد بن علي مؤسس وصاحب الشركة، فهو طيار كان قد طاف العالم على متن طائرة من محرك واحد، كما أنه عمل في شركة طيران الخليج، ويقال انه كان في مركز رئيسي فيها، ثم عمل مديراً لشركة الطيران القطرية قبل تخليه عن منصبه ونقل مركز عملياته الى المنطقة الحرة بمطار الشارقة.

اما الطائرات فتناقضت الاقوال حولها، حيث قال الشيخ حمد ان الشركة لا تملك أي طائرة من طائرات الشركة وكلها مستأجرة، في حين أن عاملين بالشركة قالوا ان الشركة لديها طائرات مملوكة تتراوح حسب اولئك العاملين بين 8 و12 طائرة.

ورغم ان تصريحات الشيخ حمد الاخيرة تقطع من الناحية الرسمية قول كل خطيب فإن وجود هذا العدد الكبير من الطائرات ووجود بعضها في اماكن قصية في المطار يشير الى أن هذه الطائرات مضى على وجودها في المطار فترة طويلة، مما يمكن معه استبعاد فكرة أن هذه الطائرات مستأجرة.

عند هذه النقطة ايضاً اثيرت تساؤلات حول مكان تسجيل هذه الطائرات وما إذا كانت مسجلة في الشارقة ام لا، وتبين انها مسجلة في جنوب افريقيا وليس في الشارقة مقر الشركة.

وتبين أن الشركة كانت بصدد اتخاذ اجراءات للحصول على ترخيص لتسيير خطوط منتظمة، علماً بأن عملياتها الحالية تقتصر على الرحلات المستأجرة.

ومن ابرز الدول التي قامت باستئجار طائرات من الشركة ايران وافغانستان وليبيا ونيجيريا ودول اسلامية اخرى استأجرت الطائرات لنقل الحجاج الى الديار المقدسة، وهو ما تدل عليه العبارات المكتوبة على اجسام الطائرات والتي تشير الى أنها استخدمت لنقل الحجاج والمعتمرين الى الاراضي المقدسة.

رحلة الاستقصاء لم تتوقف عند هذا الحد، بل حاولت البحث عن سر الهدية، او المبادرة الودية، التي إن صحت لم يكن لصاحب الشركة فيها إلا فضل الوساطة.

على هذا التساؤل لا احد يملك إجابة قاطعة إلا الشيخ حمد بن علي الموجود في بغداد والذي أصر تصريح لـ«الشرق الاوسط» على انه لم يقم بتقديم هدية لأحد، وأن الطائرة الهدية ليست ملكاً له.