لبناني في ديترويت يقتل زوجته الحامل وأولاده وينتحر معتذرا عن «خسارة كل شيء» في القمار

TT

ديترويت: داود ابراهيم عندما عاد في الرابعة فجر أمس الى بيته في ديترويت، عاصمة ولاية ميشيغن الأميركية، حيث يقيم منذ هاجر من جنوب لبنان قبل 20 سنة، استيقظت زوجته الحامل بطفلها الرابع منذ 3 أشهر غاضبة من نومها، لتسأله أين كان طوال 4 أيام غاب فيها عن البيت.

عندئذ حدث تلاسن وشجار، واحتقنت الأجواء أكثر حين علمت الزوجة أنه خسر كل شيء في كازينو في لاس فيجاس اعتاد الذهاب اليه ليقامر هناك منذ أدمن على ارتياده قبل عامين. وبدأت زوجته فاطمة، البالغ عمرها 31 سنة، تصرخ وتولول للمصيبة، واستيقظ أولادهما الثلاثة، وأحدهم معاق (منغولي) ودخل الجميع في مناخ من المعميات بلا منطق، فقام جهاد حسن مقلّد وسحب من فوق الخزانة مسدسه الأوتوماتيكي مهددا بالانتحار أمام أطفال مستغيثين وزوجة باكية، ترجوه أن لا يفعل.

دقيقة من الصمت مرت على الجميع، وبعدها عثر جهاد على حل رآه مناسبا أكثر على ما يبدو: وجه المسدس نحو زوجته وأرداها برصاصتين، ومن بعدها انهال بالرصاص على أطفاله الصغار الذين هرعوا الى غرفة فوقية للنوم، ثم جلس الى طاولة في صالون البيت وكتب رسالة قصيرة بالانجليزية، قال فيها إن كل شيء قد انتهى، وإنه لا يستطيع الاستمرار في العيش وسط خسائر مستمرة بشكل يومي على طاولات لاس فيجاس الخضراء، الى درجة «أنني انهزمت وأدمنت الكوكايين وأصبحت مدينا بالمال لكل من يعرفني، فقررت إنهاء كل شيء: حياتي وحياة زوجتي الحامل بطفلي الرابع، وحياة أطفالي الثلاثة، فاعذروني يا أقاربي وأصدقائي.. أغفر لي يا الهي» ووقع في أسفل الورقة اسمه الأول، ثم خر جثة هامدة من رصاصة أطلقها في صدغه الأيمن. جهاد مقلد في الـ 42 من عمره متزوج من فاطمة عجمي الحامل في شهرها الثالث، أب لثلاثة اولاد، آية في السابعة من عمرها، وآدم ابن الخمس سنوات، وليلى كانت ستتم سنواتها الثلاث بعد بضعة ايام.

جهاد كان يعمل في مجال الطباعة. هذه الحرفة التي ورثها عن والده. وأسس شركة محترمة كان يفاخر بأنها تقدر بمليونين ونصف مليون دولار. يقطن في حي راق ويملك سيارة مرسيدس ومنزلاً فخماً.

جهاد القادم من بلدة تبنين في جنوب لبنان قبل نحو 20 عاماً تنقل بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية، ولكنه استقر اخيراً في مدينة ديترويت. وهو رجل مشهود له بالكرم والضيافة وحسن الخلق وهو احد اعضاء جمعية اسلامية ناشطة في المدينة.

ويؤكد جيران جهاد واقاربه انه كان شخصاً رائعاً وكان يعامل عائلته بشكل لطيف وابوي، حتى انه احضر لزوجته الورود لمناسبة حملها بالولد الرابع الذي لم يبصر النور.

ماذا حصل صباح الثلاثاء في فارمنغتن هيلز؟

عاد جهاد فجراً من لاس فيغاس حيث امضى عطلة نهاية الاسبوع، دخل غرفة ابنته البكر آية حمل وسادة رقيقة كبشرة الطفلة، واقترب منها ووضعها على وجهها حاجباً عنها التنفس ما ادى الى اختناقها، وهكذا فعل مع ابنه آدم الذي كان يغط في نوم عميق لن يستيقظ منه ابداً. اما ليلى فلن تحتفل بعيدها الثالث ولن تطفىء الشمعات الثلاث ابداً.

وبعدما خنق الاولاد دخل الى غرفة زوجته فاطمة وبعد عراك معها انهاه بطلقة نارية وضعت حداً لحياتها وحياة جنينها. وانتهت معاناته بالانتحار.

يقول مفتش الشرطة ويليام دوير ان الخادمة هي التي اكتشفت الجريمة عندما حضرت الى عملها صباحاً وانها اتصلت على الفور بالشرطة التي ضربت طوقاً حول المنزل ما اثار استغراب الجيران الذين صعقوا بالخبر.

وكشف دوير امر رسالة الانتحار التي تركها مقلد يشرح فيها معاناته. ولفت دوير الى ان احد المصارف المحلية رفض قبل ايام طلب مقلد تحويل مبلغ من شركته الى حسابه الشخصي في لاس فيغاس. وعلق على هذه الحادثة بأنها احدى مآسي القمار التي تتكرر غالباً.

وتشير السجلات في ديترويت الى ان مقلد سبق واستدان مراراً على حساب المنزل الذي يقطن فيه وانه كان يعيش حياة مرفهة اذ كان يملك عقارات، منها بيته حيث وقعت جريمة القتل والذي اشتراه بمبلغ 226 ألف دولار قبل 7 سنوات، ويقدر سعره اليوم بـ 350 ألفا من الدولارات. وكان يملك سيارة ميرسيدس طراز العام ألفين ويختا صغيرا وبعض العقارات في شمال ولاية ميشيجن، وكان يقوم برحلات بحرية وآخرها كان مع عائلته الى جزر الباهاماس. ولكنه بدأ يواجه مشاكل مادية بعدما اقدمت شركتا فورد وجنرال موتورز على وقف تعاملهما معه، الامر الذي وضعه امام مستحقات مادية ضخمة لم يعد باستطاعته احتمالها. وكان يعتبر انه «ربما استطاع التعويض في المحاولة الاخيرة الرابعة. ومع تكرار «هذه المرة في حال ربحت ستكون الاخيرة».

ويقول مقلد في رسالة الانتحار التي خلفها وراءه ارثاً: « ليس عندي ما اقوله غير طلب السماح الى الاهل والاصدقاء ارجوكم سامحوني. لم يكن عندي سوء نية تجاه احد كنت مدفوعاً بأمل المحاولة الاخيرة. لم اعرف طريقة اخرى للهروب مما اوقعت نفسي فيه سوى القمار وعلى رغم ان كل اقاربي واصدقائي كانوا يساعدونني، الا انني لم اعد قادراً على الخلاص. قررت ان انهي حياتي وحياة زوجتي واولادي. اذا كانوا لا يزالون احياء فهذا معناه انني لم استطع ان اقتلهم على رغم انني لا احتمل فكرة ما سيحصل لهم من بعدي. وانا لم اعنهم بأي وسيلة ليكملوا حياتهم لوحدهم. وانا اتركهم مع اقل من لا شيء. فليغفر لي الله».

مقلد الذي خسر مبلغ 500 الف دولار من اموال الشركة و 60 الف دولار من بطاقات الائتمان ومبالغ نقدية استدانها من اصدقائه وثمن مسدس من عيار 38 وبضع طلقات، انتهى وعائلته اوراقاً بيضاء صغيرة معلقة بابهام الاقدام الكبيرة والصغيرة كتبت عليها حروف.