لوكربي: «الأدلة» التي قدمها الادعاء لا تتعدى السبعة والمرتبط منها مباشرة بالمقرحي وفحيمة «ظرفية» أساسا

المحاكمة دخلت مرحلة العد التنازلي لنهايتها مع طلب الدفاع إسقاط التهم عن أحد موكليه

TT

بانتهاء الادعاء في محاكمة لوكربي من تقديم ادلته ضد الليبيين عبد الباسط المقرحي والامين خليفة فحيمة المشتبه فيهما في تفجير طائرة الـ«بان آم» فوق لوكربي باسكوتلندا، تكون هذه المحاكمة التي بدأت في الثالث من مايو (ايار) الماضي قد دخلت مرحلة العد التنازلي لنهايتها. وهذه المرحلة التي تبدأ الثلاثاء المقبل في كامب زايست بهولندا بمرافعات الدفاع هي في نظر المراقبين والخبراء القانونيين «مرحلة حاسمة» خاصة بعدما اعلن دفاع فحيمة انه سيطلب اسقاط التهم الموجهة لموكله لعدم تقديم الادعاء ادلة مقنعة ضده.

وتحظى خطوة دفاع فحيمة التي كانت متوقعة منذ اكثر من شهر بتأييد وتعاطف الكثيرين من المراقبين. اذ ان فحيمة قلما تردد اسمه في سياق مرافعات الادعاء طيلة الاشهر الستة الماضية. بل ان ما قدمه الادعاء من «ادلة» ضده لا يتعدى مزاعم اوردها في سياق شهادته المنشق الليبي عبد المجيد جعاكة الذي عمل مع «المتهم الثاني» في مكتب الخطوط الجوية الليبية في مطار لوقا المالطي ايام كان الاخير مديرا لهذا المكتب. وما زعمه جعاكة هو في حد ذاته موضع شكوك ويفتقر الى التماسك والاهم من ذلك الى المصداقية في نظر الدفاع الذي نجح في زعزعة مصداقية الشاهد وسلط الاضواء على الدوافع (المالية) وراء شهادته. اما المقرحي فانه كان اكثر حركة ونشاطا، وبالتالي فان الادعاء وجد في تنقلاته واتصالاته في اوروبا وافريقيا وحقيقة ان جواز سفر مشفرا اصدر له بناء على طلب الأمن الخارجي الليبي وانه استخدم هذا الجواز في بعض اسفاره قبيل الكارثة، ما اعتقد انه اساس كاف يستند اليه في دعواه ضده. ولعل هذه التركيز على المقرحي وراء إحجام محاميه عن طلب اسقاط التهم عنه اسوة بفحيمة. ويقول خبير قانوني عن المقرحي انه «اكثر اهتماما بالجوانب السياسية للقضية ولن يفوت اية فرصة لاحراج بريطانيا وأميركا». لكن نفس المصدر يلفت الانتباه الى ان القليل مما ساقه الادعاء ضد المقرحي «لا يتعدى الادلة الظرفية».

ان التهمة الاساسية الموجهة للمقرحي وفحيمة هي انهما وضعا او تسببا في وضع حقيبة سامسونايت بنية وبداخلها متفجرات على متن طائرة مالطية كانت في رحلة من مطار لوقا الى فرانكفورت حيث نقلت منها الى الطائرة المنكوبة. لكن السؤال هو: هل اثبت الادعاء طيلة الاشهر الستة الماضية هذه التهمة؟ روبرت بلاك، استاذ القانون الاسكوتلندي في جامعة ادنبره الذي وضع مقترح اجراء محاكمة لوكربي في بلد ثالث (هولندا)، يرى ان هناك ادلة، اذا ما سلم هيئة المحكمة بقضاتها الثلاثة بمصداقيتها وبمصداقية الشهود الذين وردت هذه الادلة في سياق شهاداتهم امام المحكمة، تثبت ما يلي:

اولا: ان الموقت الذي استخدم في تفجير طائرة الـ«بان آم» كان من انتاج شركة ميبو السويسرية التي زودت ليبيا بموقتات مماثلة، لكنها زودت جهة اخرى على الاقل بنفس الموقت.

ثانيا: ان القنبلة وضعت داخل راديو ومسجل توشيبا «بومبيت» الذي وضع بدوره داخل حقيبة سامسونايت بنية.

ثالثا: انه قبل الكارثة في 21 ديسمبر (كانون الاول) 1988 اشترى رجل «يشبه كثيرا» المقرحي لكنه ايضا «يشبه كثيرا» الفلسطيني المعتقل في السويد محمد ابو طالب، ملابس ومظلة من متجر في مالطا يزعم الادعاء انه عثر على بقاياها ضمن بقايا الحقيبة الحاوية للقنبلة.

رابعا: ان المقرحي سافر بجواز سفر مشفر باسم احمد خليفة عبد الصمد من طرابلس الى مالطا عشية الكارثة وعاد الى ليبيا يومها.

خامسا: ان فحيمة عندما كان مديرا لمكتب الخطوط الجوية الليبية في مطار لوقا المالطي حتى تاريخ الكارثة كان يحتفظ بمتفجرات في درج مكتبه بالمطار.

سادسا: ان مفكرة تعود لفحيمة تضمنت اشارة الى الحصول على بطاقات امتعة من الخطوط المالطية قبل الكارثة بستة ايام.

سابعا: انه كان بالامكان نظريا وضع حقيبة غير مصحوبة على متن طائرة في مطار لوقا المالطي.

الا ان ايا من هذه «الادلة» لا تثبت ان المقرحي وفحيمة وضعا او تسببا في وضع القنبلة على الطائرة المنكوبة. والأهم من ذلك هو انه لا دليل اطلاقا على ان القنبلة بدأت رحلتها من مالطا اصلا. ويعتبر بلاك غياب الادلة هذا «ثغرة خطيرة» في قضية الادعاء ضد الليبيين. ويقول «الادعاء لم يثبت ان القنبلة بدأت رحلتها في مالطا وبالتالي فان ما يلي ذلك من ادلة ـ هي في معظمها ظرفية ـ ليست كافية في نظري لاقناع هيئة المحكمة بأن الليبيين مذنبان». ولعل هذه القناعة نفسها هي التي حركت دفاع فحيمة لطلب اسقاط التهم عن موكله، وهي الخطوة التي وصفها بلاك بأنها «تكتيكية» الغرض منها «حشر الادعاء في زاوية ضيقة وارغامه على اثبات ان ما قدمه من ادلة ضد المتهمين عموما وفحيمة خصوصا كافية للادانة وتبرر بالتالي المضي في المحاكمة».