رئيس الأمن الوقائي الفلسطيني لـ«الشرق الأوسط»: الانتفاضة ليست لتحسين شروط التفاوض

TT

قال رئيس جهاز الامن الوقائي الفلسطيني العقيد محمد دحلان ان التهديدات بقتله التي اطلقها زعيم حزب الليكود الاسرائيلي آرييل شارون لن ترهبه. واضاف في حديث لـ«الشرق الأوسط» ان شارون «شخص قاتل ومعروف بأن يده ملطخة بدماء العرب والفلسطينيين في صبرا وشاتيلا والدعوة الى قتلي لن تفيد اسرائيل في مواجهة ازمتها التي وضعت المنطقة بأسرها في دوامة من العنف والدم». وقال عن الاتهامات بأن العمليات العسكرية يقف وراءها الأمن الوقائي الفلسطيني «هذا شرف لا ندعيه، وليس ذلك تهربا من المسؤولية». وفي ما يلي نص الحديث:

* هناك اتهامات اسرائيلية بأن العقيد محمد دحلان يقف وراء العمليات المسلحة الاخيرة وظهرت دعوات اسرائيلية لتصفيته من قبل ارييل شارون وبعض الحاخامات في اسرائيل، ما تعلقيكم على هذه التهديدات؟ ـ بالنسبة لي كشخص هذه تهديدات لن ترهبني ولن تثنيني عن الوقوف الى جانب الشعب الفلسطيني ونحن في جهاز الامن الوقائي والسلطة الفلسطينية ندافع عن حقوق الشعب الفلسطيني وكرامته ولا نتردد ان نكون رأس الحربة في الدفاع عن مصالح الشعب الفلسطيني. نحن نمثل طموحات الشعب الفلسطيني وامانيه ويتوجب علينا ان نصون كرامة ومصالح شعبنا. اما ان يلجأ شارون للتهديد فهو شخص قاتل ومعروف بأن يده ملطخة بدماء العرب والفلسطينيين في صبرا وشاتيلا والدعوة الى قتلي لن تفيد اسرائيل في مواجهة ازمتها التي وضعت المنطقة بأسرها في دوامة من العنف والدم.. القتل سمة لازمة لاسرائيل منذ تأسيسها فقد اغتالت قيادات سياسية وفكرية واكاديمية فلسطينية وعربية وانا اقول ان الدم لا يرد عليه الا بالدم. اما كيل الاتهامات بأن العمليات العسكرية يقف وراءها الأمن الوقائي فهذا شرف لا ندعيه، وليس ذلك تهربا من المسؤولية وانما حتى لا نسلب هذا الشرف من الشعب الفلسطيني الذي يقاوم الاحتلال يوميا بالوسائل المتاحة له.

* هل تتوقع ان تقوم اسرائيل بخطوة مجنونة بمحاولة التعرض لكم؟ ـ نحن لا نستبعد ذلك، كل التوقعات واردة، ولكن هذا سيجلب رد فعل دموياً على الاسرائيليين.

* هل اتخذتم أي اجراءات وقائية او احتياطات؟ ـ نحن في حالة طوارئ منذ 50 يوما ولا نتساهل في أي اجراء لكن هذا لا يلغي امكانية نجاح اسرائيل في بعض المحاولات وهذا لن ينهي الانتفاضة بل سيزيدها عنفوانا وسيزيد المشاركة في الفعل الفلسطيني ضد قوات الاحتلال. نحن نعيش في لحظة اعادة احتلال للاراضي الفلسطينية ومن حقنا الدفاع عن انفسنا وحتى اللحظة السلطة لم تستخدم حقها في الدفاع عن نفسها وكل الفعل الفلسطيني الممارس الان هو جزء بسيط من حالة الدفاع عن النفس. نحن لسنا قوة عسكرية تستطيع ان تهزم الجيش الاسرائيلي لكننا نملك الارادة التي ستفشل المشروع الاسرائيلي. * في حال تم اغتيال أي مسؤول هل سنشهد رد فعل فلسطينياً مساوياً له؟ ـ الفلسطينيون لديهم امكانات محدودة، لكن هذه الامكانات حولت وتحول الى فعل جدي في مواجهة العدوان، لا استطيع ان اقول ما هو الرد الفلسطيني، لكن بالتأكيد سيكون هناك رد من مجموع الشعب الفلسطيني وليس من جهة محددة وهذا الرد اتضح خلال الايام الماضية واثبت نجاعته ولا اريد القول ممن، لكن ما دام الشعب الفلسطيني معرض لعملية اجتثاث فالشعب الفلسطيني يمارس على الارض وسائل الرد على الاسرائيليين.

* الجيش الاسرائيلي يبادر الان بالهجوم على الفلسطينيين، هل السلطة ستبادر بالرد على الاسرائيليين؟ ـ اولا هذه قضية معنوية. بالنسبة للاسرائيليين هم بادروا بحرب وليس بهجوم. اسرائيل اعلنت الحرب، وما تهددنا به تمارسه على الارض منذ 50 يوما ولا يوجد لاسرائيل وسائل اخرى لم تستخدمها حتى اللحظة، فبماذا يهددوننا؟ لم يبق إلا القنبلة النووية فقط! لا يوجد لدى اسرائيل اسلحة اكثر مما استخدمت فهي احتلت نصف غزة ونصف الضفة الغربية ولم يبق امامهم الا خطوة واحدة وهي ان يعيدوا احتلال مناطق الضفة الغربية وقطاع غزة بالكامل وهذا ما نتوقعه ونعد العدة له، ونحن جاهزون له، لكن هم لم يأخذوا هذا القرار ليس رأفة بالفلسطينيين ولكن رأفة بجنودهم ومصالحهم.

* ما هو المخرج من الازمة الراهنة؟

ـ المخرج مرتبط بيد ايهود باراك (رئيس الوزراء الاسرائيلي) وليس بيد السلطة الفلسطينية. باراك اعلن العدوان والهجوم على الشعب الفلسطيني. عليه اولا ان يوقف العدوان، وثانيا يجب ان تفهم رسالة الانتفاضة على انها ليست لتحسين شروط الفلسطينيين وانما رسالة الانتفاضة ان الشعب الفلسطيني يريد التحرر ويريد ان تكون له دولة في الضفة والقطاع والقدس الشرقية عاصمة لها، هذا هو الحد الادنى وهذه هي رسالة الانتفاضة..

* هل يشكل ضعف الحكومة الاسرائيلية عامل ضغط لاستمرار هروب باراك الى الامام بقتل الفلسطينيين؟ ـ الدم الفلسطيني مطروح في المزاد على طاولة الاحزاب الاسرائيلية والكل يزاود على الاخر كيف يقتل اكثر وكيف يغتال شخصيات سياسية وكيف يمارس البطش مع الفلسطينيين. نحن ندرك وجود هذا المزاد، لكن مزادهم فشل امام الصمود الفلسطيني فاسرائيل مقتنعة انه لا يوجد حل عسكري للقضية الفلسطينية والانتفاضة الباسلة ولكنها مترددة في الاعتراف بالحقيقة وان تقف بجرأة وتقول يجب على الحكومة الاسرائيلية ان تنهي احتلالها الذي استمر 53 عاماً، هذا هو الحل السحري للانتفاضة، اما ما دون ذلك فهو دوران في حلقة مفرغة. * هل هناك مبادرات جدية للعودة للمفاوضات لانهاء الواقع الحالي؟ ـ انا ادرك ان الفلسطينيين لا يحبون ان يسمعوا كلمة مفاوضات خلال الاحداث، لكن ايضا بحكم المسؤولية الملقاة على كاهل السلطة الفلسطينية، هذه الانتفاضة هدفها تحرير الشعب الفلسطيني والانعتاق من الاحتلال وبالتالي أي فرصة تطرح علينا بشكل جدي وحقيقي وعميق لمفاوضات ليست بالطريقة والاسس والوسائل التي كانت في السابق لمفاوضات تحرر الفلسطينيين وتتلاءم مع المطالب الفلسطينية الكاملة في موضوع القدس والارض واللاجئين فاننا لن نفوت هذه الفرصة اما ان نعود الى الطريقة التي كانت تدار بها المفاوضات في السابق من مماطلة واتفاقات لا تنفذ فهذا ماض لن نعود إليه.

* ما هي شروطكم للعودة الى التفاوض؟ ـ اولا وقف العدوان، ثانيا وجود قوات دولية لحماية الفلسطينيين، ثالثا عرض جدي ملموس لنهاية المفاوضات وليس بدايتها بمعنى الى اين نحن ذاهبون وما هو المعروض علينا وهل يتلاءم مع الخطوط الفلسطينية الحمراء في القدس واللاجئين والارض والحدود. انا اعتقد ان ما حدث في كامب ديفيد كان صمودا اسطوريا للفلسطينيين ورسالة للاميركيين والاسرائيليين بأن ما يعرض لا يتلاءم مع الخطوط الحمراء الفلسطينية، نحن لا نبحث عن تحسين شروط حياة الفلسطينيين، نحن نبحث عن اعادة حقوق للفلسطينيين.

* هل تعتقد ان سحب مصر سفيرها يعكس ادراكاً مصرياً بأن اسرائيل قد تبادر لحرب شاملة؟ ـ اسرائيل لن تتردد في مهاجمة أي دولة عربية، نحن نمثل الجسر الاخير الذي يمنع اسرائيل من التمدد والعدوان على الدول الاخرى، واذا انهار هذا الجسر ستنهار الجسور الاخرى. ان سحب السفير المصري هو خطوة في موعدها وخلق ارباكا في الساحة الاسرائيلية ونأمل ان تسلك دول عربية اخرى الخطوة المصرية. يجب الا تكافأ اسرائيل من بعض الدول العربية بأن تواصل معها علاقاتها العلنية والسرية. * في ظل الاجماع الصهيوني حول قضايا الحل الدائم القدس اللاجئين والحدود والسيادة، هل ترى ان هناك امكانية للحل والتسوية؟ ـ لا يوجد تماسك في الموقف الاسرائيلي ولا يوجد موقف اسرائيلي موحد، قبل كامب ديفد كان 5% من الاسرائييين مع فتح ملف القدس، وبعد كامب ديفيد اصبح 30% مع ذلك، والان هناك تيار واسع بعد الانتفاضة يطالب بازالة المستوطنات. الجانب الفلسطيني لن يقبل ولا يوجد فلسطيني على وجه الارض يقبل الحلول الوهمية وانصاف الحلول التي تطرحها حكومة باراك.