رئيس الأمن الوقائي الفلسطيني تحول من ضامن لأمن إسرائيل إلى «مطلوب للتصفية»

TT

كم تتغير الاشياء بسرعة، فبالامس كان محمد دحلان يكافح لضمان الامن لاسرائيل خلال العملية السلمية باعتقال المصممين على تخريب التسوية والمفاوضات. اما اليوم فيطالب سياسي اسرائيلي بارز بوجوب «تصفية» دحلان. وتعتبر المظاهرات وعمليات القصف والهجوم بالصواريخ مجتمعة دليلا واضحا على تمزق العملية السلمية. وهذا، ايضا، حال الوضع الغريب الذي نفسه فيه دحلان، رئيس الامن الوقائي في السلطة الفلسطينية في قطاع غزة والرجل الذي تجسدت فيه سابقا آمال نجاح العملية السلمية.

في حديث مع الصحافيين أول من امس، بعد قصف اسرائيل عشرات المواقع الفلسطينية داخل قطاع غزة الذي يخضع للسيطرة الفلسطينية، بدا دحلان مهموما ويحس بالمرارة ازاء ما آلت اليه العملية السلمية لاسيما بعد القصف الصاروخي الاسرائيلي الاخير الذي لم يطل مقره لكنه طال بناية جديدة تشتمل على مكاتب القوات الامنية التي يترأسها. وفي اواخر سبتمبر (ايلول) الماضي، وبعد قتل القوات الاسرائيلية الامنية 20 فلسطينيا خلال اليومين الاولين من الانتفاضة الحالية، اشار دحلان الى انه اصبح «مقتنعا تماما بان العلاقة مع اسرائيل باتت عقيمة».

وخلال المدة التي سعى فيها المسؤولون الفلسطينيون للوفاء بشرط اسرائيل للعودة الى مفاوضات السلام المتمثل في منع المسلحين من شن هجمات على اسرائيل، لعب دحلان دورا اساسيا في عملية السلام. وكان عمله يتلخص في اعتقال اعضاء جماعات مثل «حماس» و«الجهاد الاسلامي». وذكر دحلان انه طلب طيلة الاعوام الستة الماضية من عدد لا يحصى من المسؤولين الاسرائيليين «التعامل باحترام مع الفلسطينيين» والاخذ في الاعتبار مصالحهم. واضاف «كلهم قالوا: ممتاز، انت على حق. ولكن ماذا عن تطبيق ذلك؟... انه كلام فارغ. فهم لا يقومون بذلك».

ومع تواصل الانتفاضة، اصبحت وظيفة دحلان في حكم المنتهية. ورغم تصديه للجماعات المسلحة بقوة في الماضي الا انه يقول الآن، انه في غير مقدوره كبح الاحباط الشعبي العام من عملية السلام ومن رد فعل اسرائيل تجاه الانتفاضة. فحتى الآن، كانت الاغلبية الضخمة من الضحايا في صفوف الفلسطينيين، كما انتقد مجلس الامن اسرائيل على استخدامها القوة. وأوضح دحلان ان الاسرائيليين الآن يبحثون عن كبش فداء. وينتصب للدفاع عن احد الجنود تحت امرته الذي عبر الى منطقة عسكرية اسرائيلية في غزة وقتل جنديا اسرائيليا وأصاب آخر بجروح بالغة قبل ان يرديه احد الجنود قتيلا قائلا «انه عجز عن تحمل الاعتداءات الاسرائيلية». واضاف ان ذلك الجندي هجم على هدف عسكري.

اما بالنسبة للتهديد بتصفيته والذي دعا اليه زعيم الليكود آرييل شارون، فرد دحلان مؤكدا ان هناك زملاء كثيرين سيأخذون بثأره. غير انه عمد ليلة الاثنين الى نقل اسرته من بيته في غزة الى مكان مجهول، حسب المتحدث باسمه احمد السبعاوي. ورغم خيبات الامل المتتابعة طيلة الاسابيع الاخيرة، يصر دحلان على انه يظل ملتزما بالعملية السلمية «لاني اعمل الى جانب ياسر عرفات... وانا مؤمن بالكامل ان ياسر عرفات يريد التوصل الى السلام» بأسرع ما يكون. ويضيف «أنه الحل الوحيد للشعبين».

* خدمة «كريستيان ساينس مونيتور» خاص بـ«الشرق الأوسط»