محكمة فلوريدا العليا توافق على طلب غور اعتماد نتائج الفرز اليدوي لأصوات الناخبين

معسكر بوش يصف الحكم بأنه «غير عادل» ويهدد باستئنافه أمام المحاكم الفيدرالية

TT

دخلت المنافسة في الانتخابات الرئاسية الأميركية منعطفا جديدا بعد ان قررت المحكمة العليا في فلوريدا وجوب تضمين نتائج عمليات فرز البطاقات الانتخابية يدويا في ثلاث مقاطعات في النتائج النهائية. وقبلت المحكمة بالاجماع حجة الديمقراطيين القائلة ان حق الناخبين في اعتماد أصواتهم يجب أن يأتي في المقام الأول. وأمهلت المقاطعات الثلاث في ولاية فلوريدا حتى يوم الأحد القادم لتقديم النتائج المعدلة، ولكن الجمهوريين تمسكوا بأن نتائج فرز الانتخابات يدويا يجب عدم اعتمادها، لأنها لم تقدم في الموعد الذي حدد في أوائل هذا الشهر. ووصف الجمهوريون قرار المحكمة العليا بأنه مرفوض وغير عادل ولمحوا إلى إمكانية الطعن فيه. ويأمل المرشح الديمقراطي آل غور أن تمكنه نتائج إعادة الفرز يدويا من إنهاء تقدم منافسه الجمهوري جورج بوش (الابن) عليه بأغلبية بسيطة. ومعلوم أن الفائز في الانتخابات في ولاية فلوريدا سوف يصبح بكل تأكيد سيد البيت الأبيض.

وفي حيثيات الحكم ذكر قضاة المحكمة السبعة أنهم راعوا في قرارهم الذي صدر بالإجماع صيانة حق الناخبين في الإدلاء بأصواتهم. وترك الحكم للجان الانتخابات المحلية حرية احتساب أصوات البطاقات التي استبعدها الفرز الآلي، لعدم وضوح العلامات التي وضعها الناخبون عليها. ويرى المراقبون إن احتساب مثل تلك البطاقات سيميل كفة النتيجة لصالح غور. وفي اول رد فعل له أشاد غور بقرار المحكمة وقال إنه يعبر عن إرادة الشعب الأميركي، لكن وزير الخارجية الأسبق جيمس بيكر قال متحدثا باسم الحزب الجمهوري: «إن القرار غير عادل وغير مقبول، وإن الهيئة التشريعية لولاية فلوريدا يحق لها الطعن فيه».

ودعا غور منافسه الجمهوري إلى عقد اجتماع للاتفاق على تهدئة حدة التصريحات التي يطلقها أنصارهما، اذ ان هناك شكوكا في ولاية فلوريدا حول قدرة مسؤولي إعادة الفرز على الانتهاء من مهمتهم قبل حلول الموعد النهائي الذي حددته المحكمة. لكن مسؤولا في مقاطعة بالم بيتش بولاية فلوريدا أعرب عن تفاؤله إزاء إمكانية انتهاء إعادة الفرز في المهلة المحددة. ويمثل قرار المحكمة مشكلة كبيرة في مقاطعة ميامي، وهي أكبر مقاطعات فلوريدا، حيث أعلن مسؤولو إعادة الفرز أنهم لن يتمكنوا من استكمال مهمتهم قبل نهاية الشهرالجاري، فضلا عن أن إعادة الفرز يمكن أن تعطلها الاحتجاجات على احتساب بعض الأصوات وعطلة عيد الشكر اليوم (الخميس).

ويذكر أن كاثرين هاريس كبيرة المسؤولين التنفيذيين في ولاية فلوريدا كانت قد قررت وقف إعادة الفرز اليدوي، ولكن المحكمة العليا اتهمتها بحرمان ناخبين أبرياء من حق التصويت.

ويرى المراقبون أن قرار المحكمة العليا يعقد الموقف، لأن بوش يمكنه استئناف الحكم أمام المحاكم الفيدرالية، كما أن بإمكانه أيضا طلب إعادة فرز الأصوات يدويا في ولايات أخرى. ويسابق مسؤولو فرز الاصوات في الولاية الزمن لانهاء الفرز قبل انقضاء المهلة يوم الاثنين القادم، اذ اكدت المحكمة انه يتعين على الولاية قبول نتائج الفرز اليدوي للاصوات حتى 27 نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري، في خطوة قد تحدد الفائز في انتخابات الرئاسة التي اجريت في السابع من الشهر نفسه.

ومنح الحكم المرشح الديمقراطي فرصة اخيرة في سعيه للفوز بمقعد البيت الابيض. كما ان حكم المحكمة العليا ملزم لهاريس التي كانت تريد ان تعلن في 18 الجاري فوز بوش بالاصوات الخمسة والعشرين للولاية في المجمع الانتخابي، ومن ثم فوزه بمقعد الرئاسة في البيت الابيض.

ويحتاج غور الى 931 صوتا للتقدم على بوش وانتزاع الاصوات الخمسة والعشرين لولاية فلوريدا والتي ستحدد الفائز بمنصب رئيس الولايات المتحدة. وكان الاحصاء الآلي لاصوات ستة ملايين ناخب في فلوريدا قد اظهر تقدم بوش على غور بفارق 930 صوتا وكانت هاريس تريد اعلان فوزه رسميا باصوات الولاية. وعطلت المحكمة العليا ذلك بالحكم .ويذكر ان ستة من قضاة المحكمة عينوا في عهود ادارات ديمقراطية في الولاية، في حين عين السابع بناء على اتفاق بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي.

وما زالت المقاطعات الثلاث وهي بالم بيتش وميامي ديد وبروارد تجري عمليات فرز يدوي للاصوات، لكن النتائج غير الرسمية حتى الآن اظهرت ان عدد الاصوات التي ذهبت لصالح غور اقل مما تكهن به القائمون على حملته الانتخابية. واظهرت بعض التقديرات ان الفرز اليدوي في فلوريدا اكسب غور حتى الآن 266 صوتا.

وعلى صعيد المعسكر الديمقراطي اعلن وليام ديلي مدير حملة غور مساء امس ان الديمقراطيين لا يستبعدون الاعتراض على نتائج فلوريدا بعد مهلة الاحد التي حددتها المحكمة العليا. واضاف: «اعتقد انه علينا الانتظار ومعرفة ما سيجري وما اذا كان هناك من اسباب للاعتراض، ان ذلك يمكن ان يحدث او ان لا يحدث».

وقال وزير الخارجية الاسبق جيمس بيكر (جمهوري): «هذا الحكم غير عادل وغير مقبول، فليس من العدل تغيير القوانين الانتخابية لفلوريدا بأمر قضائي بعد ان اجريت الانتخابات». واضاف: «انه لم يتخذ اي قرار بشأن استئناف الحكم امام المحكمة الاميركية العليا، لكننا نعتزم فحص ودراسة كافة الوسائل التي لدينا لتصحيح هذه النتيجة غير العادلة».

وفي الوقت نفسه واصل مجلس ولاية فلوريدا التشريعي الذي يهيمن عليه الجمهوريون مناقشة الاستراتيجية القانونية التي قد تسمح بتخطي حكم المحكمة. وقال السناتور الجمهوري بمجلس الولاية دانيل وبستر: «ان المحكمة تجاوزت الحدود». واتهم بيكر المحكمة العليا: «باعادة سن القانون الانتخابي للولاية، فبعد اسبوعين من الانتخابات غيرت المحكمة الاحكام وخلقت نظاما جديدا لفرز نتائج الانتخابات».

ويتقدم غور على بوش في التصويت الشعبي، وايضا في المجمع الانتخابي دون احتساب اصوات فلوريدا، لكنه في حالة فوز بوش باصوات الولاية الخمسة والعشرين سيحصل على اصوات المجمع الانتخابي المطلوبة ليصبح الرئيس القادم للولايات المتحدة وهي 270 صوتا من بين 538 صوتا.

وكانت المحكمة العليا قد امرت باحتساب اوراق الاقتراع التى تشوبها عيوب شكلية اذا كانت نية المقترع واضحة فيها. وكتب القضاة في الحيثيات ان «الناخبين يجب ألا يحرموا من الاقتراع عندما تكون نيتهم واضحة بجلاء، فحين تكون ارادة الناخب واضحة بشكل جلي فان هذه الارادة يجب ان تؤخذ فى الاعتبار». ويذكر ان اعادة الفرز تتناول مليونا و700 الف ورقة اقتراع بينها بضعة آلاف اعتبرت غير قانونية.

وهذا الانتصار بالغ الاهمية للديمقراطيين وان كان ينبغي فرز الاصوات يدويا خلال خمسة ايام، وعلى غور تأمين حصوله على اصوات جديدة لقلب النتائج الاولية التي تشير الى تقدم بوش بـ930 صوتا. وسيكون على غور ايضا مواجهة الهجمات المضادة القضائية التي لن يتردد الجمهوريون في شنها.

ويجعل القرار الذي اتخذه القضاة السبعة بالاجماع غور على عتبة البيت الابيض، ويسمح له بكسب الرأي العام بالتأكيد. ولكن، اذا كانت المحكمة العليا قد امرت بضم النتائج المعدلة الى النتيجة النهائية، فانها لم توضح المعايير التي يجب ان يتبعها الذين يقومون بفرز الاصوات لرفض البطاقات التي تثير خلافا او فرزها لصالح احد المرشحين.

وبفرض موعد محدد انتهاء فرز الاصوات وهو الساعة 5 مساء بالتوقيت المحلي يوم الاحد المقبل، اطلقت المحكمة سباقا مع الزمن في ميامي ديد حيث ما زال يجب فرز الجزء الاكبر من الاصوات. وقال الاستاذ بالجامعة الاميركية في واشنطن الآن ليشتمان انه «ليس فوزا لغور لان موعدا محددا فرض بصرامة».