إسرائيل طلبت وكلينتون وافق على عدم إرسال روس إلى المنطقة

باراك يرحب بالتدخل الأميركي لكنه يفضل الاتصال المباشر مع الفلسطينيين وعرفات ينفي أي لقاءات سرية

TT

شهدت جلسة الحكومة الإسرائيلية، أمس، خلافات حادة وتعرض رئيس الوزراء، إيهود باراك، لهجوم من وزير التعاون الإقليمي، شيمعون بيريس على خلفية المفاوضات الإسرائيلية ـ الفلسطينية ورفض التدخل الأميركي في هذه المرحلة.

وانفجرت هذه الخلافات إثر الكشف عن أن باراك رفض طلباً أميركياً بإرسال المنسق دنيس روس إلى المنطقة ليحاول تحريك مفاوضات السلام. واعتبر بيريس هذا التصرف من باراك استمراراً في سياسة التوتر وإضاعة فرصة السلام في أحرج أوقاتها. وأيده في ذلك وزير القضاء يوسي بيلين، ووزير الخارجية، شلومو بن عامي، اللذان قالا إنه لم يبق على ولاية الرئيس الأميركي، بيل كلينتون سوى 50 يوماً «وليس من المعقول أن يعرض أقوى رجل في العالم، مساعدتنا في تحقيق السلام، ونحن نرد عليه بالقول متأسفون. دعنا نحاول ذلك نحن بأنفسنا». وقال بيريس إن باراك يفقد إسرائيل أحد أهم كنوزها الاستراتيجية، بهذا القرار البعيد عن الحكمة. ودعاه إلى التراجع، مؤكداً أن المسؤولية الوطنية تتطلب الآن بذل كل جهد لإنقاذ المسيرة السلمية. وقال إن هناك احتمالات قوية لأن يتوصل الطرفان إلى اتفاق سلام خلال 50 يوماً في حالة تدخل الرئيس كلينتون.

ورفض باراك هذا الهجوم، وقال إنه لا يرى مصلحة إسرائيلية في تحديد مواعيد ملزمة (هذه الجملة أثارت ضحك بعض الوزراء. إذ أن باراك هو المعروف بتحديد المواعيد المسبقة. وزملاؤه جميعاً ينتقدونه على ذلك). وأعلن باراك أن الإدارة الأميركية تتفهم مواقفه تماماً. وقال إنه تحدث إلى الرئيس كلينتون، بعد ظهر يوم الجمعة الماضي، لـ45 دقيقة. وأنه لم يكن على خلاف مع الرئيس الأميركي في أي شيء «بل كان هناك انسجام تام في المواقف في جميع القضايا، خصوصاً في موضوع وقف إطلاق النار على المسار الفلسطيني».

ونفى باراك أن يكون اعتراضه على إرسال روس بمثابة رفض للخطة الأميركية لدفع المفاوضات. وقال: «هنا أيضاً مواقفنا معهم متطابقة ولا توجد بعد أية خطة أميركية رسمية. وكل جهودنا منصبة الآن على وقف إطلاق النار بشكل فعلي. ورغم أن المواجهات في الأراضي الفلسطينية لم تنجم عن الممارسات الإسرائيلية، ولا علاقة بها. فهناك قرار فلسطيني رسمي باستخدام العنف للضغط علينا سياسياً. ونحن نرد على ذلك. وفي هذه الأوضاع العصيبة نحتاج إلى وحدة صف. ولكن، يوجد بيننا من يعطي لهم سلاحاً لمحاربتنا».

وكانت مصادر أميركية قد سربت إلى وسائل الإعلام الإسرائيلية ما مفاده أن كلينتون يشعر بخيبة أمل من باراك. فقد قدم له عرضاً سخياً لم يسبق لرئيس أميركي أن عرضه، إذ قال له: «بقي لي في البيت الأبيض 50 يوماً سأسافر خلالها لثلاثة أيام إلى ايرلندا، ويبقى 47 يوماً. وأنا مستعد لتكريس كل هذه المدة من أجل مساعدتكم على التوصل إلى سلام مع الفلسطينيين». لكن باراك، بدلاً من الترحيب بذلك، تحدث عن ضرورة تشجيع المفاوضات المباشرة حالياً، من دون وساطة. وضرورة المصادقة على 800 مليون دولار، مساعدة خاصة لإسرائيل لتعويضها عن الانسحاب من لبنان».

وقالت تلك المصادر إن كلينتون استاء بشكل خاص من موقف باراك من موضوع لجنة التقصي الدولية. فهذه اللجنة شكلت بناء على الشروط الإسرائيلية ووضع في رئاستها دبلوماسي أميركي موثوق هو جورج ميتشيل ومع ذلك، فإن باراك يضع شروطاً على قدومها. ويطالب بقراءة شروط تعيينها ومدى صلاحياتها.

ورغم هذه الأجواء، فإن باراك واصل خلال جلسة الحكومة وبعدها، التعامل مع الموضوع بنفس الموقف. وقال مدير عام مكتبه، جلعاد شير في ختام الجلسة، إن باراك يريد فعلاً تحقيق السلام مع الفلسطينيين. لكن الفرق بينه وبين آخرين أنه لا يريده سلاماً بأي ثمن.

وقال شير إن احتمال عدم التوصل إلى اتفاق سلام مع الفلسطينيين خلال فترة حكم كلينتون وارد جداً. ولكن.. هذا بسبب الموقف الفلسطيني وليس الإسرائيلي.

إلى ذلك نفى الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات في ختام زيارته لدولة الإمارات العربية المتحدة أمس إجراء مفاوضات سرية مع إسرائيل وأكد عرفات استمرار الشعب الفلسطيني في انتفاضته.

ونفى الإعلام الفلسطيني كذلك وجود أية مفاوضات إسرائيلية ـ فلسطينية لا سرية ولا علنية، لا في أوروبا ولا في إحدى الدول العربية، كما زعمت وسائل الإعلام الإسرائيلية. وقال «إن هذه الأنباء جاءت في إطار الحملة الانتخابية الداخلية لحكومة باراك، وليس في إطار نشر معلومات».

وقال رئيس جهاز الأمن الوقائي في قطاع غزة، العقيد محمد دحلان، إنه لا يوجد حتى تنسيق أمني بين الطرفين. وكل ما هناك هو اجتماعات للضباط الميدانيين بهدف حل مشاكل تقنية.

فهناك الكثير من القضايا المتشابكة بين الطرفين، تتعلق بمصالح الطرفين والاحتياجات اليومية للفلسطينيين تحتاج إلى حل. ولا يوجد ما هو أكثر من ذلك.

وقال دحلان إن هناك بلبلة حقيقية في القيادة الإسرائيلية ينبغي فهمها جيداً، «حتى نعرف ما هي حقيقة الموقف. فالحكومة التي يقودها باراك دخلت في أزمة بسبب سياستها الجنونية إزاء الفلسطينيين. وهي تحاول البحث عن مخارج لهذه الأزمة، لكنها لا تفلح. فنجدها تفش خلقها في شعبنا الفلسطيني، ولكننا لن نرضخ ولن نستسلم ولن ننجر. إننا نقرأ الخارطة جيداً، ونتصرف كما يجب، في عملية الدفاع عن شعبنا وحقوقنا الوطنية».