واشنطن تخطط لضرب مخبأ بن لادن في جبال أفغانستان ردا على تفجير المدمرة «كول» في عدن

6 من المعتقلين في اليمن لم يشاركوا في الحرب الأفغانية

TT

كشف المسؤولون الاميركيون ان ادارة الرئيس الاميركي بيل كلينتون تدرس مجموعة واسعة من البدائل، من بينها القوة العسكرية لضرب قواعد اسامة بن لادن، اذا اكد المحققون انه وراء نسف المدمرة الاميركية كول في ميناء عدن.

غير انهم اوضحوا ان اي تحركات عسكرية ضد مخبأ بن لادن في جبال افغانستان، سيعلن عنها باعتبارها «وقائية» لمنع عمليات في المستقبل، وليس غارات انتقامية. ويرجع السبب الى ان المادة 51 من ميثاق الامم المتحدة تحظر استخدام القوة المسلحة من جانب دولة ضد اخرى، الا في حالة الدفاع عن النفس او بعد موافقة مجلس الامن. اي ان الانتقام ليس تبريرا مقبولا لاستخدام القوة. ويتيح القانون الدولي استخدام القوة للدفاع عن النفس، ولكن تحديد «الدفاع عن النفس» امر يثير الجدل، طبقا لرأي مايكل ماثيسون وهو استاذ قانون ومحام سابق في وزارة الخارجية الاميركية.

وكان رئيس الوزراء اليمني عبد الكريم الارياني قد ذكر انه يبدو ان الذين نسفوا المدمرة كول في ميناء عدن من بين العرب الذين شاركوا في الحرب التي انتهت بطرد القوات السوفياتية من افغانستان في الثمانينات، وهي نفس المجموعة التي تشكل جوهر شبكة بن لادن المعروفة باسم «القاعدة».

واشار المسؤولون الاميركيون الى وجود علاقات لافتة للانتباه بين الهجوم على المدمرة كول في 12 اكتوبر (تشرين الاول) الماضي وعملية نسف السفارتين. لكنه لم تظهر ادلة واضحة على علاقة بن لادن بنسف المدمرة حتى الان.

وذكر مايكل غلينون استاذ القانون في جامعة كاليفورنيا في دافيس الذي الف كتاباً حول التدخل العسكري، انه من غير الواضح مدى قوة الادلة التي تبرر التدخل العسكري.

وطبقا للمسؤولين في ادارة كلينتون، فإن البدائل المطروحة تشمل ممارسة الضغوط على جماعة طالبان الحاكمة في افغانستان، واستمرار الجهود للقبض على بن لادن ومحاكمته، اضافة الى نشاطات سرية لاجهزة الاستخبارات والغارات العسكرية.

واوضح بول بريمر الثالث رئيس الهيئة القومية لمكافحة الارهاب ان كلينتون يواجه اختيارا صعبا. فالغارات العسكرية، في غياب استراتيجية شاملة لمواجهة بن لادن، لن تحقق شيئا. ولكن عدم القيام بشيء، ليس بديلا. واضاف بريمر: «انها ورطة حقيقية، فعلى المدى الطويل تجد انك تواجه مثل هذه الملاجئ الامنة. لقد اصبحت افغانستان لبنان 2000».

وعلى صعيد اخر ركزت السلطات اليمينة على العرب الافغان، في الوقت الذي استمرت فيه تحقيقات مكتب التحقيقات الفيدرالية ووكالة الاستخبارات المركزية والمحققين اليمنيين في حادث نسف المدمرة كول. فقد رجح المحققون اليمنيون، في الوقت الذي كشفوا فيه في الاسابيع الماضية عن عدد من الادلة المحلية، ان الرجلين اللذين قادا القارب المحمل بالمتفجرات البلاستيكية نحو المدمرة من اليمنيين، ومن المؤكد انهم من الذين شاركوا في الحرب الافغانية.

واشارت المصادر اليمنية والاميركية ذات العلاقة بالتحقيق في نسف المدمرة كول الى وجود علاقة قوية ـ بل وعلى الاقل اسم مشترك ـ مع حادث نسف السفارتين الاميركيتين في عام 1998. فقرار الادانة الاميركي يؤكد انه تم تنفيذ العمليتين بأوامر من بن لادن، الذي يحتل رأس قائمة مكتب التحقيقات الفيدرالية للافغان العرب المطلوبين.

والجدير بالذكر ان الافغان العرب حاربوا الاتحاد السوفياتي بفاعلية في افغانستان عندما كان ذلك الامر يرضي الولايات المتحدة، التي مولتهم ودربتهم. وعندما حققوا الانتصار في تلك الحرب، استغل عدد مجهول منهم ربما يقدر بالالف اجراءات الدخول المتساهلة لليمن للتدفق علي بلد تبدو بجبالها المطلعة على وديان زراعية «مثل افغانستان» كما وصفها يمني.

غير ان التشابه، مثل المهاجرين القدامى لا يلقى الترحيب. فالحكومة اليمنية التي كانت تعتبر المجاهدين ذوي منفعة عندما كانت تواجه التجمعات الشيوعية، اكتشفت انهم شيء اخر في دولة موحدة يسعى الرئيس اليمني علي عبد الله صالح الى ربطها بعلاقات ودية مع الولايات المتحدة. وحظيت استراتيجية صالح الذي تمكن بعد عام 1998 من احضار السفن الحربية الاميركية الى عدن للتزود بالوقود بشعبية في هذه الدولة التي يصل عدد سكانها الى 16 مليون نسمة. الا ان هذه السياسة كانت تحذيراً للمتطرفين الاصوليين الذين يعتبرون الولايات المتحدة عدوا.

ويذكر انه عندما ايدت الدول العربية الجهاد ضد القوات السوفياتية في افغانستان، كان المغتربون اليمنيون من اوائل من لبوا النداء. ويقول عربي افغاني اسمه سيف طلب عدم ذكر اسمه بالكامل «ان الاميركيين هم الذين دفعونا لذلك. لقد استخدمت الولايات المتحدة المشاعر الدينية لتعبئة الناس انذاك».

وعلى الرغم من ان سيف من ابناء شمال اليمن فقد ذكر انه شاهد العديد من اليمنيين الجنوبيين في افغانستان، الذين كانوا مثله سعداء بتبني هدف عادل. ولكنه قال ان معظم المجاهدين الذين عادوا من افغانستان استقروا وحصلوا على اعمال وتزوجوا، كما فعل هو. ويكرر سيف ما قاله المسؤولون اليمنيون في نفيهم ان يكون العرب الافغان قد اسسوا اي نوع من الشبكات السرية في اليمن، وبالذات شبكة تابعة لابن لادن. وفي الواقع فمن بين اليمنيين الستة الذين يحقق معهم الان لم يشارك اي منهم في الحرب الافغانية طبقا للمسؤولين اليمنيين والاميركيين.

الا ان المسؤولين اعترفوا ان المشتبه فيهم، الذين ساعدوا في تعديل القارب ليستوعب المتفجرات او اخفوا الفنيين الذين اعدوا القنبلة والصاعق هم من المحليين. وذكر المسؤولون اليمنيون انهم تلقوا الافكار المتطرفة من الاصوليين الذين تدفقوا على عدن في عام 1994، خلال الحرب اليمنية ضد الزعماء الجنوبيين الذين قادروا محاولة الانفصال.

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»