المغرب: منع ثلاث صحف بسبب تداعيات رسالة الفقيه البصري حول انقلاب الجنرال أوفقير

الوزير الأول يعزو المنع إلى «إساءتها للمؤسسات الدستورية والجيش»

TT

في تطور مثير لقضية رسالة المعارض السابق الفقيه محمد البصري، قررت الحكومة المغربية منع صدور ثلاث صحف اسبوعية مغربية مستقلة هي: «لوجورنال» و«دومان» الناطقتان بالفرنسية، وتطبع الأولى في فرنسا والثانية في إسبانيا، وأسبوعية «الصحيفة» الناطقة بالعربية التي تصدر بالمغرب. و اعلن رسميا عن القرار الليلة قبل الماضية في الرباط. وصدر عن الوزير الأول عبد الرحمن اليوسفي مستندا إلى الفصل 77 من قانون الصحافة المغربي.

وقال بيان صادر عن الوزير الأول المغربي ان الصحف الثلاث منعت بسبب «نشرها مقالات وتعليقات استهدفت الأسس السياسية للمغرب والإساءة إلى المؤسسات الدستورية والقوات المسلحة المغربية وتهدف إلى زعزعة استقرار البلاد والنيل من المسار الديمقراطي». وأوضح بيان الحكومة المغربية ان هذا المنع يأتي بعدما واصلت أسبوعيات «لوجورنال» و«دومان» و«الصحيفة» حملة متصاعدة منذ عدة شهور وصلت ذروتها بما نشرته في الأسبوعين الأخيرين من مقالات وتعليقات استهدفت الأسس السياسية للمغرب، في إشارة لتداعيات نشر أسبوعيتي «لوجورنال» و«الصحيفة» وثيقة تاريخية تضمنت اعترافات للفقيه البصري المعارض المغربي. وتزعم الرسالة وجود علاقة محتملة لليسار المغربي وشخصيات قيادية بارزة مثل اليوسفي الوزير الأول الحالي وأمين عام حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وعبد الرحيم بوعبيد الامين العام السابق للحزب، بمحاولة انقلابية فاشلة ضد الملك الراحل الحسن الثاني تمت عام .1972 وبدورها نشرت مجلة «دومان» وثيقة أخرى تشير لعلاقة بوعبيد، الزعيم التاريخي الراحل لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بحادث الانقلاب الفاشل.

وقال بيان الوزير الاول ان الحكومة المغربية واجهت حملة الأسبوعيات الثلاث بترفع وحكمة ولم تلجأ الى حجز الاعداد التي سمحت لنفسها بهذا العمل الخطير وفضلت مواجهة الأمر برد فعل سياسي يطلع الرأي العام المغربي على خطورة الموقف ويشركه في التصدي لهذه الهجمة الشرسة، معتقدة ان هذا الموقف الحازم والشجاع سيدفع المسؤولين عن تحرير الاسبوعيات المذكورة الى مراجعة موقفهم والكف عن التلاعب بالمصالح العليا للبلاد والعودة الى ما يجمع الشعب المغربي من تشبث بالثوابت السياسية التي تضمن لبلادنا القدرة على مواجهة أعداء وحدتنا الترابية والتصدي لرهانات ترسيخ الديمقراطية والحرية ودولة الحق والقانون وبناء مجتمع عادل ومتقدم، الا ان أصحاب الصحف المذكورة فضلوا الاستمرار في خطتهم وتصعيد هجمتهم، مما يؤكد أن المس باستقرار البلاد اصبح استراتيجيتهم الصحافية الثابتة وهو ما لا يمكن للحكومة أن تسمح به على الاطلاق، لذلك قررت منع الصحف المذكورة تطبيقا للفصل 77 من قانون الصحافة الذي ينص على أنه «اذا كان نشر احدى الجرائد أو النشرات الدورية قد مس بأسس الاوضاع السياسية أو الدينية بالمملكة جاز لوزير الداخلية الامر بوقفها بصرف النظر عن العقوبات الجنائية الأخرى المقررة في النصوص المعمول بها كما يمكن منعها بقرار للوزير الاول».

واكد البيان ان «الحكومة المغربية عملت بقناعة وقوة على توسيع مجال الحرية والنقد وتعمل جاهدة لتنظيم المجال الاعلامي بما يضمن حرية التعبير، ومسؤولية الممارسة الاعلامية تؤكد أن قرار المنع يهدف الى حماية مصالحنا الوطنية وحرمة مؤسساتنا وأنها ستظل متشبثة بضمان حرية التعبير وتطبيق القانون».

من جهته، قال محمد الأشعري وزير الثقافة والاتصال المغربي في رده على سؤال لـ«الشرق الأوسط» حول إقدام الحكومة على قرار المنع من دون اللجوء الى القضاء، إن ناشري الأسبوعيات الثلاث يمكنهم اللجوء للقضاء، ملمحا الى احتمال قيام الحكومة المغربية بمتابعة قضائية. وأضاف إن ما قامت به الحكومة «يعتبر تطبيقا للقانون وعدم التساهل إزاء عدم المسؤولية».

وقال الأشعري إن ما نشرته الأسبوعيات الثلاث التي طالها قرار المنع من مقالات وتعليقات خلال الأسبوعين الأخيرين قدمت بطريقة وأسلوب يمسان بمؤسسات البلاد.

وقال الأشعري للصحافيين «ان المستهدف من الملف الذي نشرته الصحف المذكورة والمواد التي تضمنها هو مؤسسات البلاد لأن هذه الأسبوعيات سمحت لنفسها باختلاق وقائع وتزييف التاريخ».

واضاف ان «هذا ليس مجرد بحث عن الاثارة أو مجرد طيش صحافي بل هناك رغبة حقيقية في المس بمؤسسات البلاد ومقدساتها»، موضحا ان «الأسبوعيات المذكورة خاضت في عدة أمور من بينها الوحدة الترابية والمؤسسة الملكية والجيش والمؤسسات الدستورية. وفي كل مرة كان لتناولها طبيعة خاصة لا تتعلق بتناول الأخبار وتحليلها ولكن بالاثارة التي لها نتائج سلبية جدا على الوضع السياسي بالبلاد». وفي ما يتعلق بالرسالة المنسوبة الى الفقيه البصري قال الأشعري ان «اليوسفي لا يعرف أي شيء عنها، وان الفقيه ابلغ اليوسفي بأن الوثيقة التي نشرت كانت في وقت معين ولكن لا علاقة له بمسألة نشرها». وأشار الأشعري إلى القول بخصوص ما إذا كان الأمر يستهدف الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية فقط، إن الأمر يتعلق بمؤسسات البلاد وإلا ما كانت الحكومة لتعطي كل هذه الأهمية للمسألة».

من جهة أخرى، وصف يونس مجاهد نقيب الصحافيين المغاربة قرار الحكومة بالخاطئ، وبكونه جاء في غير محله. وأضاف مجاهد قوله «ان هذا ينذر بأن التوجه الحكومي يسير في اتجاه الاحتفاظ بحق السلطة العمومية في الحجز والمنع بدون الرضوخ للسلطة القضائية».

الى ذلك استنكرت منظمة الدفاع عن الصحافة «مراسلون بلا حدود» في بيان صدر امس القرار الذي اتخذته الحكومة المغربية اول من امس بمنع صدور ثلاث صحف اسبوعية. وطلبت من الملك محمد السادس «التدخل شخصيا» في هذه القضية. واعلنت منظمة «مراسلون بلا حدود» انها وجهت رسالة الى ملك المغرب طلب فيها امينها العام روبير مينار «ان يتدخل شخصيا بغية الغاء القرار».