الحص: سياسة خفض الواردات في لبنان ستدفع للمزيد من الاقتراض وعجز الموازنة

اعتبر سياسة حكومة الحريري الاقتصادية نقيضاً لسياسات حكوماته السابقة

TT

حذر الرئيس السابق للحكومة اللبنانية الدكتور سليم الحص من ان تؤدي سياسة الحكومة الجديدة برئاسة الرئيس رفيق الحريري في خفض الواردات العامة الى «عكس النتيجة المتوخاة» وبالتالي «الحد من نمو حركة الاستثمارات وزيادة العجز في الموازنة واهتزاز ثقة المستثمرين والاسواق المالية في مستقبل لبنان الاقتصادي» بما «يدفع الحكومة الى المزيد من الاقتراض وربما رفع معدلات الفائدة».

واعتبر الرئيس الحص، في تصريح له امس، ان سياسة حكومة الرئيس الحريري هي «نقيض لسياسات حكوماته السابقة» على امتداد ست سنوات التي كانت ترفع شعار «لا نفقات جديدة من غير واردات جديدة». وتساءل: «هل كانت السياسات السابقة خاطئة فعادت الحكومة الحالية عن هذا الخطأ؟».

وقال: «اولاً: تصور المصادر الحكومية هذه السياسات بأنها نقيضة للسياسات التي كانت تتبعها الحكومة السابقة. إنها في الواقع نقيضة للسياسات التي كانت تتبعها حكومات الرئيس الحريري السابقة على امتداد ست سنوات. فالشعار الذي كان مرفوعاً آنذاك هو ان لا نفقات جديدة من غير توفير واردات جديدة لتغطيتها، فإذا بالحكومة اليوم تعمد الى خفض الواردات من غير خفض النفقات. فهل كانت سياسات الحكومات السابقة صائبة ويكون اليوم نقيضها صائباً؟ ام ان سياسات الحكومات السابقة كانت خاطئة فعادت الحكومة الحالية عن هذا الخطأ؟

ثانياً: ان السياسات الجديدة مبنية على نظرة حسابية بسيطة لا جدال فيها. وهي ان تنمية حجم الاقتصاد الوطني سيؤدي الى تنمية واردات الدولة من غير اللجوء الى فرض ضرائب جديدة. ومع ان هذا المنطق الحسابي البسيط او المبسط صحيح، الا ان الخلل في هذا المنطق، اقتصادياً، هو انه يتجاهل وجود فاصل زمني لا يستهان به بين المفعول المباشر للاجراءات الجديدة المعتمدة، وهو خفض واردات الدولة وبالتالي زيادة عجز الموازنة، من جهة، وبين المردود الاقتصادي المؤخر المنشود لهذه الاجراءات وهو تحقيق نمو في الاقتصاد الوطني، من جهة ثانية. ففيما انخفاض الواردات سيكون فورياً، فإن نمو الاقتصاد الوطني لن يكون متوقعاً الا بعد مدة من الزمن تمتد لسنة او سنوات. والسؤال هو: ماذا ستكون ثمرة هذه السياسات خلال الفترة الفاصلة؟ وماذا سيكون انعكاس هذه الثمرة على الهدف الابعد المنشود وهو تحقيق نمو في الاقتصاد الوطني؟ ان الانخفاض المباشر في الواردات سيكون من شأنه زيادة عجز الموازنة. وهذه الزيادة ستكون لها مفاعيل متعددة، منها انها ستزيد في اهتزاز ثقة المستثمرين والاسواق المالية في مستقبل لبنان الاقتصادي وستدفع الحكومة الى مزيد من الاقتراض وربما رفع معدلات الفائدة في السوق. وفي الحالتين سيكون من جراء السياسات الجديدة الحد من نمو حركة الاستثمار وبالتالي الحؤول دون تحقيق النمو المنشود في الاقتصاد الوطني، اي ان هذه السياسات الجديدة يمكن ان تؤدي الى عكس النتيجة المتوخاة منها.

ثالثاً: خلافاً لما يروج في وسائل الاعلام، فإن السياسات الجديدة لا تتناقض جوهرياً مع سياسة الحكومة السابقة. فقد كانت الحكومة السابقة تعتزم خفض الرسوم الجمركية وانما مقروناً بتطبيق ضريبة جديدة اعتباراً من بداية العام 2001. وهي الضريبة على القيمة المضافة. بذلك يتأمن التعويض عن انخفاض الواردات الجمركية. فما بالنا نسمع من المصادر الحكومية اليوم ان الضريبة على القيمة المضافة قد تقرر تأجيل اعتمادها سنة على الاقل؟

اما سياسة الاجواء المفتوحة فأرجو ان تكون قد درست درساً وافياً بكل ابعادها، خصوصاً باعتبار ان الحركة السياحية في البلد تتأثر بجملة عوامل، منها الحالة العامة في المنطقة والحالة العامة في لبنان ومستوى تكاليف الاقامة والمعيشة فيه. ومعلوم ان شركة طيران الشرق الاوسط ستكون ضحية هذه السياسات الجديدة، فمن المفروض ان تكون الدراسة قد اظهرت ان الفوائد الاقتصادية المتوخاة من سياسة الاجواء المفتوحة تتعدى الخسائر التي ستلحق بلبنان من جراء التأثير السلبي على طيران الشرق الاوسط. ومعلوم ان الحكومة السابقة كانت قد قررت اصلاح شأن هذه الشركة ومن ثم تخصيصها جزئياً. وقد وقع مصرف لبنان، مالك الشركة، على عقد مع شركة التمويل الدولية التابعة للبنك الدولي توصلاً الى هذه الغاية. ومع تطبيق سياسة الاجواء المفتوحة ستكون التخصيص امراً متعذراً».