فصل شمال القطاع عن جنوبه يترك آثاره على مظاهر رمضان في غزة

TT

خلافا لما كانت عليه العادات في الماضي، ضاعفت عائلة محمد السموح، من معسكر المغازي للاجئين في وسط قطاع غزة، من مشترياتها في مطلع شهر رمضان. فالعائلة تستضيف الان سبعة من زملاء ابن العائلة البكر نبيل الطالب في الجامعة الاسلامية بغزة.

فزملاء نبيل هؤلاء يقطنون في منطقتي خان يونس ورفح المفصولتين تماما عن مدينة غزة وشمال القطاع منذ حادثة التفجير في الحافلة التي كانت تقل عددا من طلاب مستوطنة كفار داروم وسط القطاع، لذا ليس امام هؤلاء الشباب خيار لمواصلة تعليمهم سوى ان يحلوا ضيوفا على نبيل واسرته.

ونبيل هو واحد من مئات الطلاب الفلسطينيين الذين يقطنون في غزة والمنطقة الوسطى ومنطقة جباليا الذين يستضيفون زملاء لهم يسكنون في منطقتي خان يونس ورفح. فهذه الطريقة الوحيدة امام طلاب الجنوب كي يواصلوا تعليمهم حيث ان معظم مؤسسات التعليم العالي في القطاع ان لم يكن جميعها تقع في العاصمة غزة.

والامر لا يقتصر على الطلبة الذكور بل يشمل الاناث ايضا. لذا فان نسبة كبيرة من طالبات المنطقة الجنوبية يحللن ضيفات على زميلاتهن في المنطقة الشمالية.

ويقيم جيش الاحتلال منذ عملية كفار داروم حواجز ثابتة جنوب المستوطنة ويمنع حركة السيارات على الشارع الرئيسي الذي يصل جنوب القطاع بشماله. ويقيمون الحواجز ايضا على الشوارع الالتفافية التي كان من الممكن ان تشكل بديلا للشارع الرئيسي.

وبموجب ذلك يظل الشارع العام مغلقاً حتى الساعة العاشرة صباحا، ويفتح لمدة ساعتين ويعاد فتحه في الثالثة. وخلال هذه الفترة يجري الجيش الاسرائيلي تفتيشا دقيقا على السيارات ويتحقق من هوية الركاب، الامر الذي يقلص عدد الفلسطينيين الذين يمكن ان يستفيدوا من فترة فتح الطريق.

الى ذلك فان الجنود الاسرائيليين يحتفظون بقوائم اعدتها المخابرات الاسرائيلية العامة يعتقلون على اساسها كل من يرد له اسم فيها، فضلا عن مصادرة اسلحة عناصر الامن الفلسطيني او كل فلسطيني يجازف بحمل قطعة سلاح. هذه الاجراءات جعلت الاغلبية الساحقة من سكان القطاع يعزفون عن محاولة الاستفادة من فترة فتح المعبر حيث ان هذه المحاولة قد تنتهي بصاحبها الى زنازين السجون الاسرائيلية.

ولتجزئة قطاع غزة اثر على مظاهر رمضان الاعتيادية بشكل كبير. فالزيارات الليلية التي يقوم بها الفلسطينيون لاقاربهم سواء في جنوب القطاع او شماله توقفت. محمد التليف من معسكر النصيرات تعود عشية كل رمضان ان ينقل لابنته «نهاية» التي تسكن في مخيم رفح كل ما لذ وطاب من طعام كتقليد حافظت عليه عائلته منذ زمن. لكن العام الحالي فان ابناء نهاية الاربعة لم يتلقوا من جدهم ما عهدوه منه كل عام، رغم ان اباهم يمر بأزمة مادية نظرا لتوقفه عن العمل في اسرائيل بسبب الاغلاق.

كذلك اثر تقسيم القطاع سلبا على التجارة البينية داخل قطاع غزة، فسكان غزة محرومون في رمضان الحالي من الخضروات التي تشتهر بها منطقة خان يونس سيما في ظل الحاجة لها في شهر رمضان.