قاض أميركي يأمر بالإفراج بكفالة عن أستاذ فلسطيني معتقل بموجب «أدلة سرية»

TT

قرر كيفن ماك هيو القاضي الفيدرالي الاميركي امس الافراج عن مازن النجار البروفسور الفلسطيني المحتجز في سجن مدينة تامبا بولاية فلوريدا، منذ اكثر من ثلاث سنوات ونصف السنة، طبقا لمبدأ الادلة السرية بكفالة 8 آلاف دولار، وتوقعت شقيقته نهلة في اتصال هاتفي اجرته معها «الشرق الاوسط» ان يفرج عن شقيقها صباح اليوم، ما لم تقدم ادارة شؤون الهجرة ادلة جديدة (حتى السابعة من مساء امس).

وقالت نهلة النجار ان القاضي الفيدرالي تعرف لاول مرة منذ عشرة ايام على ملخص «الادلة السرية» التي احتجز بسببها شقيقها بحسب مزاعم عن علاقاته بمنظمات إرهابية، وأضافت ان القاضي عند نظر القضية امس اقر ان «الادلة السرية» لا تخول احتجاز النجار لمدة ثلاث سنوات. واشارت الى ان انه كان من المقرر الافراج عن شقيقها لكن العراقيل التي وضعها محامو ادارة الهجرة، هي التي دفعت القاضي لاعطائهم 24 ساعة اخرى للتقدم باي ادلة جديدة. واضافت: «حتى لو اضطررنا الى بيع ملابسنا لدفع كفالة شقيقي سنفعل ذلك، حتى ينعم بحريته ورؤية بناته الثلاث اللاتي يتشوقن اليه». وكان القاضي ماك هيو اقر في 27 اكتوبر (تشرين الاول) الماضي ان الحقوق الدستورية للنجار انتهكت لانه يحتجز بسبب «أدلة سرية» لايعلم عنها شيئا ، مشيرا الى انه لا توجد ادلة كافية تؤيد استمرار احتجازه. وافاد ماك هيو في حيثيات الحكم ان ممثل الادعاء وافق على تزويد محامي النجار بورقة واحدة من ملخص «الادلة السرية »، وهي لم تكن كافية بالمرة.

وقال الدكتور سامي العريان زوج شقيقة النجار في اتصال هاتفي اجرته معه «الشرق الاوسط»: «لقد صدر الحكم وهذا هو المهم، وسنعرف تحديدا موعد خروج النجار من سجن تامبا الاميركي، واعرب عن قناعته بان مسؤولي الاستئناف بادارة شؤون الهجرة سيعرقلون خروج النجار من السجن الاميركي، وربما يكون ذلك لعدة ساعات او عدة ايام، وهو ما حدث من قبل عند الافراج عن ناصر احمد (مصري) وهاني خير الدين (فلسطيني) وكلاهما احتجز في السجن الاميركي بقانون «الادلة السرية». وقال ابراهيم هوبر المتحدث باسم «مجلس العلاقات الاسلامية الاميركية» : «ان احتجاز شخص ما في سجن اميركي لمدة ثلاث سنوات بدون ان يعرف التهم التي احتجز بسببها بات بمثابة ناقوس يدق لمحبي العدالة».

واضاف هوبر ان «الادلة السرية» التي استخدمت في الولايات المتحدة وجهت اساسا ضد عرب ومسلمين ، وهناك نحو 22 من المسلمين يحتجزون في الولايات المتحدة بناء على «الادلة السرية» أبرزهم الدكتور أنور هدام (جزائري)، الذي حصل على اللجوء السياسي في اميركا، ورغم ذلك ما زال وراء القضبان. وكان الادعاء الاميركي قد سعى في اكثر من جلسة قضائية الى منع الافراج عن النجار، واعتمد مسؤولو الهجرة الاميركية في مزاعمهم على ان النجار «خطر على الامن القومي الاميركي لارتباطه بمنظمة ارهابية فلسطينية». وقال الدكتور العريان في بيان تلقت «الشرق الاوسط» نسخة منه امس: «ان مسؤولي ادارة الهجرة مصابون بحالة من العناد فهم الذين طلبوا مد احتجاز النجار لمدة 24 ساعة اخرى، رغم ان القاضي اصر على احقية النجار في التمتع بحريته بمجرد دفع اسرته الـ8 الاف دولار كفالة». وافادت مصادر الاسلاميين في الولايات المتحدة بأن هناك 24 قضية مرفوعة حاليا لطرد وترحيل طالبي لجوء من ابناء الجالية العربية، استنادا الى مبدأ «الادلة السرية» ومن ضمنها 22 قضية ضد مسلمين.

وكشف اسلاميون في الولايات المتحدة ان الافراج عن النجار اليوم سيكون اول اختبار كبير لقانون استخدام «الادلة السرية»، واضافوا ان هذا القانون ثبتت عدم دستوريته في ولايات اخرى بعد الافراج عن ثلاثة من الاسلاميين في اوقات سابقة، وهم ناصر احمد (مصري) وهاني خير الدين (فلسطيني) وعلى زكي (عراقي). واوضحوا «نعتقد ويشاركنا في ذلك 11 عضواً من الكونجرس بان «الادلة السرية» غير دستورية، وتتسلط على ابناء العرب والمسلمين، في الولايات المتحدة». وقال ان هذا القانون يعود الى سنوات الحرب العالمية الثانية. واشار احدهم بقوله «ان هذا القانون استخدم من قبل ضد الشيوعيين في الولايات المتحدة، وحاليا يستخدم ضد التيار الاسلامي». واضاف «لقد تنبهت المنظمات العربية والاسلامية، الى خطورة هذا القانون، فبدأت السعي لتوضيح الحقائق بخصوص مايتهدد ابناء الجالية المسلمة من اخطار السجن والاعتقال».

وكان ممثل الادعاء الاميركي قد كشف في احدى مراحل التحقيق بعضاً من «الادلة السرية»، التي يحتجز على اساسها النجار، ومنها مجموعة صور التقطت للنجار والعريان مع عمر عبد الرحمن الزعيم الروحي لتنظيم «الجماعة الاسلامية» اكبر الجماعات الاصولية في مصر في احد مراكز الابحاث عام 1990، ويقضي عبد الرحمن عقوبة السجن مدى الحياة في سجن روشستر بولاية مينسوتا الاميركية، بعد ادانته في تهمة التورط في تفجيرات نيويورك. واعترض حينها دافيد كول محامي النجار على عرض ممثل الدفاع لمثل تلك الصور، وقال ان السلطات الاميركية تحاول تشويه سمعة موكله بدون ادلة حقيقية عن وجود علاقة له مع «منظمات ارهابية» مزعومة، وقال كول حتى الان بعد ثلاث سنوات من احتجاز موكله لم توجه اليه تهمة حقيقية، وتساءل كيف يكون النجار مصدر خطر على الامن القومي الاميركي.

ومن ابرز الذين افرج عنهم بسبب فشل مبدأ «الادلة السرية»، الفلسطيني هاني خير الدين ( 31 عاما)، بعد ان احتجز على ذمة نفس الادلة في سجن نيو جيرسي لمدة 19 شهرا، بتهمة التورط في مؤامرة لقتل جانيت رينو وزيرة العدل الاميركية، اضافة الى مزاعم عن علاقاته بمنظمات ارهابية، والتقائه في منزله باحد الاصوليين الذين تورطوا في تفجيرات مركز التجارة العالمي عام .1993 وقضت المحكمة الفيدرالية العليا كذلك بالافراج عن الاصولي المصري ناصر احمد نهاية العام الماضي بعد احتجازه في سجن المتربوليتان في بنيويورك اكثر من 40 شهرا طبقا لمبدأ «الادلة السرية» ، بعد ان ظلت وزارة العدل الاميركية، تتشدد في موقفها في استمرار حبس ناصر احمد، استنادا الى مبدأ خطورته على الامن «القومي الاميركي». وكانت السلطات الاميركية قد اعتقلت ناصر احمد في ابريل (نيسان) 1996 واودعته سجن جنوب مانهاتن، بمزاعم بتسريب بيان اصدره عمر عبد الرحمن من داخل سجنه الاميركي، طالب فيه اتباعه بتنفيذ اعمال انتقامية ضد الاميركيين في كل مكان ردا على اساءة معاملته داخل السجن. وجاء صدور البيان قبل ايام ومتزامنا مع عملية فندق «اوروبا» في شارع الهرم بمحافظة الجيزة في مصر، والتي قتل فيها 18 سائحا يونانيا، مما جعل السلطات الاميركية تربط بين ناصر احمد وزيارته لعبد الرحمن (كان يعمل مترجما ومساعدا قانونيا لزعيم الجماعة الاسلامية) وبين حادث شارع الهرم.