مسؤول ليبي ينفي معلومات عن تهديدات بمهاجمة السفارة الفرنسية بطرابلس احتجاجا على مقاضاة القذافي بفرنسا

TT

باريس : ميشال ابو نجم نفى مصدر ليبي رفيع المستوى وجود أية معلومات لدى السلطات الليبية عن تدبير بعض الهيئات الليبية لمحاولة لحرق وتدمير مقر السفارة الفرنسية في طرابلس احتجاجا على مناقشة القضاء الفرنسي لاحتمال فتح تحقيق حول دور مزعوم للزعيم الليبي العقيد معمر القذافي في حادث تفجيز طائرة «اليوتا» الفرنسية فوق صحراء النيجر عام 1989 مما اسفر عن مقتل ركابها الـ.170 واكد المصدر في تصريحات لـ«الشرق الاوسط» التزام السلطات الليبية بضمان امن مقر البعثة الدبلوماسية الفرنسية في العاصمة الليبية والعاملين فيها موضحا ان المظاهرات التي شهدتها بعض شوارع طرابلس اول من امس كانت سلمية واكتفت بالتعبير عن الموقف الشعبي الرافض لمواقف القضاء الفرنسي ولكن من دون التعرض لمباني السفارة الفرنسية. وكانت تقارير صحافية واردة من طرابلس قد نقلت عن بعض الليبيين المشاركين في المظاهرات تهديدهم العلني بحرق مقر السفارة الفرنسية في العاصمة الليبية في اطار رفض الشارع الليبي لمحاولات القضاء الفرنسي الزج باسم الزعيم الليبي معمر القذافي في قضية الطائرة الفرنسية.

وصعدت ليبيا ـ اول من امس ـ بشكل مفاجئ من طبيعة التوتر الذي يسود علاقاتها الرسمية مع فرنسا منذ شهر سبتمبر (ايلول) الماضي حيث لوحت صحيفة الجماهيرية التي تعبر عن وجهة نظر اللجان الثورية الليبية والمقربة من العقيد القذافي باحتمال حدوث اعتداء شعبي غير منظم على السفارة الفرنسية في ليبيا. وجاء في مقال نشرته الصحيفة «انه لا يمكن السيطرة على ردة الفعل الشعبية في دولة شعبية والا تستطيع الشرطة والقوات المسلحة القيام بأي شيء حيال غضب الليبيين».

ولفتت الصحيفة الانتباه الى ان غضب المواطنين الليبيين من المحاولات الفرنسية للزج بالزعيم الليبي «في قضية الطائرة الفرنسية» سيجعلهم يخرجون عن السيطرة ويفعلون أي شيء. وقال مصدر دبلوماسي فرنسي في طرابلس ان السفارة تأخذ هذه التهديدات على محمل الجد وانها طلبت من السلطات الليبية تعزيز الاجراءات الامنية المتخذة لحماية مقراتها والعاملين فيها.

ونفى نفس المصدر وجود أية خطط جاهزة لترحيل الدبلوماسيين الفرنسيين من ليبيا اذا ما تعرضت السفارة الفرنسية لاية اعتداءات من قبل جماعات شعبية ليبية لا تخضع لسيطرة السلطات الليبية. وقال ان الامور حاليا لا تدعو الى اتخاذ مثل هذه التدابير وانه من المهم منح الفرصة لحوار هادئ عبر القنوات الدبلوماسية بين طرابلس وباريس.

وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر قضائية فرنسية انه رغم مرور خمسين يوماً على الحكم الذي أصدرته الغرفة الاتهامية في محكمة استئناف باريس وفيه تجيز لقاضي التحقيق جان ـ لوي بروغيير ملاحقة الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي، فإن الملف القضائي ما زال على حاله. وحتى اللحظة، فإن قاضي التحقيق لم يذكر أية مذكرة توقيف بحق الزعيم الليبي كما أنه لم يصدر أية استنابة تحرّي أو تحقيق جديدة.

وعلم أيضاً أن القاضي المذكور لن يعمد إلى اتخاذ أية مبادرة جديدة في هذا المجال قبل أن تبدي محكمة التمييز الفرنسية، وهي أعلى هيئة قضائية رأيها في الطعن الذي قدمته النيابة العامة بخصوص حكم الغرفة الاتهامية. وقالت مصادر قضائية ان محكمة التمييز لم تعين حتى الآن موعداً لإبداء رأيها في القضية المرفوعة إليها. وكانت الغرفة الاتهامية، في جلستها بتاريخ 20 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي أجازت ملاحقة العقيد القذافي وهي بذلك لم تتبع النيابة العامة (أي الحكومة) التي تؤكد أن القذافي يتمتع بالحصانة التي يوفرها له منصبه كرئيس للدولة الليبية.

وجاءت هذه التطورات القضائية بعد الدعوى التي أقامتها جمعية الدفاع عن ضحايا الاعتداءات ضد القذافي شخصياً متهمة إياه بـ«التواطؤ بغرض القتل المتعمد» في حادثة تفجير طائرة «دي. سي. 70» فوق صحراء النيجر عام 1997. وقد أوقعت الكارثة 170 قتيلاً. وتطالب الجمعية المذكورة قاضي التحقيق بالمباشرة في مهمته وإصدار مذكرة توقيف دولية، عبر الانتربول، بحق القذافي، والجدير بالذكر أن نقل الدعوى أمام محكمة التمييز لا يمنع التحريات أو الملاحقات التي يقررها قاضي التحقيق، بمعزل عن الحكومة عملاً بمبدأ فصل السلطات.

والحال أن استمرار جرجرة هذه المسألة أمام القضاء الذي أصدر العام الماضي بشأنها حكماً غيابياً أدان بموجبه عدة ليبيين منهم عبد الله السنوسي صهر القذافي، تزعج الحكومة الفرنسية وتحديداً وزارة الخارجية. وخلال انعقاد المؤتمر الأوروبي ـ المتوسطي، أواسط الشهر الماضي في مدينة مرسيليا، فاجأت الدبلوماسية الفرنسية المؤتمرين بأنها نجحت بإقناع وزير الخارجية الليبي بالحضور بعد أن كانت ليبيا أكدت أنها تنوي مقاطعة المؤتمر.

ورفضت المصادر الدبلوماسية الفرنسية التعليق على ما جرى في طرابلس أول من أمس مكتفية بالتأكيد أن باريس تريد استمرار عملية تطبيع العلاقات مع طرابلس الغرب.