مبادرة فرنسية لتحريك عملية السلام أساسها تنازل إسرائيلي في القدس وفلسطيني في قضية اللاجئين

إسرائيل لم تعد تصر على الاحتكار الأميركي ومستعدة لزيادة الدور الأوروبي

TT

كشفت مصادر سياسية في القدس عن وجود مبادرة فرنسية جديدة لتحريك عملية السلام بين اسرائيل والسلطة الوطنية الفلسطينية، مبنية على وقف المواجهات وتطبيق البنود العالقة من اتفاقية الحل المرحلي، والدخول في مفاوضات مكثفة حول الحل الدائم على اساس «اظهار مرونة اسرائيلية في الموقف من الحرم القدسي ومرونة فلسطينية في موضوع اللاجئين».

وقالت هذه المصادر ان وزير الخارجية الفرنسي هوبير فيدرين، تكلم عن هذه المبادرة مع نظيره الاسرائيلي شلومو بن عامي، قبل يومين، وان محادثة موازية اجريت مع مسؤول فلسطيني، وان الفرنسيين بادروا الى هذا المشروع بوصفهم يقودون الاتحاد الاوروبي حاليا. لذلك فقد اطلعوا ميجال موراتينوس المبعوث الاوروبي لعملية السلام في الشرق الاوسط، وارسلوه الى كل من اسرائيل والسلطة الفلسطينية لطرح المشروع عليهما، ووصل الى المنطقة وفد من وزارة الخارجية الفرنسية اول من امس بقيادة رئيس دائرة الشرق الاوسط، ايف اوبان دي لا مسوزيير. وبدأ كل من موراتينوس ومسوزيير، لقاءات مع كبار المسؤولين في الجانبين، لكن البحث المعمق في المشروع سيقوم به الوزير فيدرين بنفسه، في الاسبوع المقبل.

وهذه البنود الاساسية للخطة، وفقا للمصادر الاسرائيلية المذكورة:

* تطبيق تفاهمات شرم الشيخ لوقف اطلاق النار في المناطق الفلسطينية، بحيث يقوم كل طرف بعدة اجراءات اساسية بشكل متواز: الفلسطينيون يقيمون منطقة عزل ما بين قوات الجيش الاسرائيلي والمتظاهرين، تحت مراقبة الشرطة الفلسطينية. واسرائيل تلجم جيشها ليكف عن استخدام العنف الزائد وتسحب قواتها الى المواقع السابقة للانتفاضة. والطرفان يعودان الى التنسيق الامني المشترك. ويكون وصول لجنة تقصي الحقائق الدولية للاحداث، موعدا لوقف اطلاق النار بشكل كامل.

* وضع قوات دولية في المناطق الفلسطينية يكون افرادها مجردين من السلاح. اقتراح بريطاني ـ فرنسي في مجلس الامن الدولي.

* تطبيق البنود المعلقة في اتفاقيات الحل المرحلي، التي كانت اسرائيل قد جمدت تنفيذها، مثل الانسحاب الثالث من الضفة الغربية واطلاق سراح الاسرى الفلسطينيين وفتح المعبر الآمن وتطبيق بقية بنود اتفاق الخليل وغيرها.

* تجميد البناء في المستوطنات في الاراضي الفلسطينية.

* استئناف مفاوضات الحل الدائم للنزاع على اساس ابداء المرونة من اسرائيل في موضوع السيادة على الحرم القدسي من جهة والمرونة من فلسطين في موضوع اللاجئين الفلسطينيين.

ومن المتوقع ان يصاغ المشروع الفرنسي بشكل متكامل، بعد ان يعطي سفراء فرنسا في الشرق الاوسط ملاحظاتهم عليه. وسيفعلون ذلك خلال اجتماعهم الحالي في القاهرة. وتتمنى فرنسا على حلفائها الاوروبيين ان يتبنوا المشروع.

تغيير في السياسة الخارجية ولم يعرف بعد موقف اسرائيل الرسمي من هذه المبادرة، الا ان وزير الخارجية بن عامي يوحي بالتجاوب الجدي معها.

الجدير بالذكر ان رئيس الحكومة ايهود باراك، وبن عامي، يحدثان تغييرات جدية في السياسة الخارجية الاسرائيلية التقليدية، التي كانت تصر في الماضي على الاحتكار الاميركي لعملية السلام واستبعاد الدور الاوروبي او الروسي او الدولي فيها.

وقد بدأ هذا النهج يتضح عندما لجأ باراك الى الامم المتحدة لاخذ الدور المركزي في تغطية الانسحاب الاسرائيلي من لبنان، ثم اخذ يتعمق عندما وافق على اشتراك الامين العام للامم المتحدة كوفي انان، ومندوب الاتحاد الاوروبي خافير سولانا، في ادارة مؤتمر شرم الشيخ لتهدئة الاوضاع في المناطق الفلسطينية، الى جانب الرئيس الاميركي بيل كلينتون، والرئيس المصري حسني مبارك والعاهل الاردني الملك عبد الله الثاني.

ونقل على لسان بن عامي، ان على اسرائيل لا تخشى من الدور الاوروبي او الدولي «فنحن وضعنا نصب اعيننا هدفا تحقيق السلام في المنطقة. وليس مهما ما هي الوسائل لذلك. ولا استبعد ان يتم هذا السلام تحت مظلة دولية، طالما اننا سنكون راضين عن مضمونه وموقعين عليه».

وقال مصدر مقرب من باراك «ان القبول بدور اوروبي هو في مصلحة اسرائيل، اذ ان اوروبا ستضطر بذلك الى اتخاذ موقف متوازن والى تفهم الموقف الاسرائيلي ايضا، حتى تكون حكما نزيها».

وتجدر الاشارة الى ان كلينتون كان قد عرض خدماته للتفرغ لمعالجة النزاع الاسرائيلي ـ الفلسطيني طيلة الفترة المتبقية من حكمه. ولكن باراك طلب اليه اتاحة الفرصة امام الطرفين المباشرين (اسرائيل وفلسطين) لأن يحاولا التوصل الى شيء ما. وفي الوقت نفسه، وخوفا من الغضب الاميركي، تهرب باراك من المبادرة الروسية للتوسط بينه وبين الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات لوقف اطلاق النار.

وبدا ذلك بوضوح حينما تقرر تأجيل زيارة وزير الخارجية بن عامي الى موسكو للتباحث فيها مرتين، خلال الاسبوعين الاخيرين.