ارتياح سياسي واسع لقرار الأسد تسليم سجناء لبنانيين في سورية إلى بيروت

المعلومات الرسمية لم تحدد عددهم ودمشق تقول انه «ضئيل»

TT

لقي اعلان الرئيس اللبناني العماد اميل لحود عن قرار الرئيس السوري بشار الاسد تسليم الموقوفين اللبنانيين في السجون السورية الى الدولة اللبنانية المزيد من الترحيب امس، في حين اعربت مؤسسة «مرصاد» التي تعنى بالدفاع عن حقوق الانسان عن قلقها لمصير المعتقلين لكون «المعلومات الرسمية التي اذيعت لا تعني اطلاقهم بصورة اكيدة».

وفيما لم تحدد المعلومات الرسمية عدد الموقوفين بجرائم عادية الذين سيفرج عنهم ابلغ مصدر سوري «الشرق الأوسط» ان عددهم ضئيل وانه يجري حصرهم في الوقت الحاضر.

واعرب وزير الاشغال العامة والنقل نجيب ميقاتي عن ترحيبه بقرار الرئيس الاسد. وقال: «ان هذا القرار يؤكد حقيقتين: الاولى ان القيادة السورية حريصة على التعاطي مع الدولة اللبنانية في كل شأن يتعلق بمصلحة البلدين والشعبين، اياً تكن المعطيات والمواقف. والحقيقة الثانية ان دمشق عازمة على جعل العلاقات مع لبنان نموذجا للعلاقات التي ينبغي ان تكون بين الدول العربية، وفق ما اعلنه الرئيس الاسد في خطاب القسم. وهذا يعني استطراداً حرصاً سورياً على تعزيز التعاون والتنسيق بين البلدين، وتذليل كل عقبة تبرز امام تطور هذه العلاقات وتأكيد اخوتها».

وامل الوزير ميقاتي من القيادات اللبنانية على اختلافها «ان تنظر الى القرار السوري الاخير على انه مناسبة للارتقاء بالعلاقات بين الدولتين اللبنانية والسورية على الاصعدة الرسمية والسياسية والشعبية الى المستوى الذي تفرضه دقة الظروف التي يمر بها البلدان نتيجة التهديدات التي تطلقها اسرائيل في حقهما بشكل دائم ومتواصل، علماً انه عندما يكون الخطر واحداً، لا بد من ان تكون المواجهة واحدة ومتماسكة لكي تكون فاعلة. والخطوة السورية الاخيرة تزيد من تماسك شعبي البلدين الشقيقين».

من جهته، اعتبر رئيس «التجمع للجمهورية» النائب الدكتور ألبير مخيبر ان مبادرة الرئيس الاسد تعكس رغبة سورية في قفل ملف يثير انتقادات المنظمات الدولية للدفاع عن حقوق الانسان. وقال: «اتوجه اليوم الى سيادة الرئيس بشار الاسد بكل ثقة واحترام لاطلب اليه تطبيق نوعية مبادرته على لبنان بأكمله، لأن الوجود العسكري السوري الذي طالبنا بانسحابه من لبنان، حيث ان لبنان هو السجين الكبير في بلده منذ ما يزيد عن العشرين سنة».

واضاف: «تكلمتم يا صاحب السيادة في رسالتكم عن ابعاد مبادرتكم، انني ارى ان البعد الاكبر هو انسحاب الجيش السوري من لبنان لأن هذا الانسحاب يحرر لبنان بكامله. وعلى امل ان تليها مبادرات ايجابية مماثلة، فإننا نكرر تقديرنا لنداء الاساقفة الموارنة، ومبادرة رئيس السلطة التشريعية دولة الرئيس نبيه بري، وكل الدعوات الآيلة الى اجراء حوار بين اللبنانيين حول العلاقات اللبنانية ـ السورية، توصلاً لرؤية وطنية موحدة، تشكل مدخلاً لحوار سوري ـ لبناني على مستوى الدولتين، حرصاً على علاقتهما الجيدة، قوامه سيادة البلدين، والقرار الوطني الحر لكل منهما، والتوازن في المصالح المشتركة والحقوق والواجبات».

وقال السفير اللبناني السابق في واشنطن سيمون كرم ان الخطوة جيدة لجهة فتح ملف هو من الاكثر تورماً واثارة للألم بالعلاقات بين البلدين. ولكن ما يجب قوله ايضاً هو ان هذه الخطوة مجرد فتح ملف. وان تفاصيل ما في هذا الملف هي اوضاع انسانية لاشخاص وعائلات عانوا ولا يزالون يعانون واحدة من ابشع التجارب التي يمكن ان يلاقيها شخص مهما كان فعله».

وقال نائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى الشيخ عبد الامير قبلان ان مبادرة الرئيس الاسد باطلاق الموقوفين في السجون السورية «هي مبادرة كريمة في شهر كريم» داعياً الجميع الى «جمع الصفوف وتوحيد الكلمة ودعم الانتفاضة الفلسطينية وجهود الشرفاء من المواطنين في لبنان وفلسطين».

ودعا قبلان الى «توحيد صفوفنا لنكون كتلة واحدة متراصة ضد هذا العدو الذي لم يترك مجالات لسلام عادل وشامل. وهو بني على الشر وهو الشر المطلق الذي يعيشه انساننا وبخاصة في فلسطين الحبيبة والقدس الشريف».

وقال النائب نعمة الله ابي نصر: «اننا نقدر المبادرة الايجابية التي اقدم عليها الرئيس بشار الاسد، حول اطلاق سراح اللبنانيين في السجون السورية، بناء لطلب الرئيس اميل لحود، الذي عمل بصمت على هذا الملف منذ مدة طويلة، خصوصاً ان هذه الخطوة جاءت على ابواب اعياد الميلاد والفطر السعيد ورأس السنة والتي ازالت احدى القضايا الشائكة والمزمنة التي عكرت جو العلاقات اللبنانية السورية».

ورحب النائب السابق احمد كرامي بـ «خطوة تسليم السجناء اللبنانيين في سورية للسلطات اللبنانية المختصة» مؤكداً انها «خطوة في غاية الشفافية ورسالة مباشرة لمن يهمهم الامر».واشاد بـ «الخطوات اللافتة المتخذة في سورية سياسياً واقتصادياً». ورأى ان مواقف الرئيس الاسد «تعبر خير تعبير عن السياسة الصمودية التي طالما انتهجتها مدرسة الاسد طوال ربع قرن من تاريخ الامة العربية».

من جهة اخرى، ابدت مؤسسة «مرصاد» الناشطة في مجال الدفاع عن حقوق الانسان قلقها « لأن المعلومات الرسمية عن مصير المحتجزين اللبنانيين في سورية لا تعني بصورة اكيدة اطلاقهم. وقد يكون جل ما تعنيه نقل عدد محدود منهم من سجن سوري الى سجن لبناني».وتساءلت «مرصاد»: « اذا كانت هناك رغبة سورية حقيقية في اطلاقهم، فما هي الحكمة من تأليف لجنة لبنانية رسمية لتسلمهم ودرس ملفاتهم؟ وكيف تستطيع لجنة لبنانية وضع لوائح بأسمائهم وكأن احتجازهم تم بأوامر لبنانية؟».

ورأت «مرصاد» ان «هذه الخطوة غير كافية لقفل ملف اللبنانيين الذين احتجزوا في سورية على مدى ربع القرن الماضي، ومعظمهم تم احتجازهم في لبنان». وطالبت «مرصاد» بـ «اعلان سوري رسمي يتضمن التصريح الكامل باسماء جميع اللبنانيين الذين احتجزوا في سورية لأي سبب كان، بمن فيهم المعتقلون ادارياً والمحكومون وغير المحكومين، مع اعلان السلطات السورية عن ترحيبها بأن تتولى جهة دولية محايدة مثل الصليب الاحمر الدولي تدقيق هذه المعلومات».

واعلنت «مرصاد» ترحيبها بكل اللبنانيين العائدين، وطالبت الحكومة اللبنانية «بتحمل مسؤولياتها الداخلية والدولية بأن تقوم بإطلاق سراحهم فور دخولهم الاراضي اللبنانية، دون قيد او شرط وبالاهتمام بهم وبأسرهم وتقديم ما يلزمهم من عون، والمطالبة نيابة عنهم بالحقوق التي تعود لهم بسبب ما تعرضوا له من حجز للحرية».