بوش يتعهد بمداواة الجراح بعد اعتراف غور بالهزيمة

العالم الخارجي يرى في الرئيس الجديد «رئيسا ضعيفا» بسبب المشاكل التي أحاطت بانتخابة

TT

ألقى نائب الرئيس الأميركي والمرشح الديمقراطي في انتخابات الرئاسة، آل غور، خطابا فجر امس أعلن فيه قبوله بقرار المحكمة العليا وانسحابه من السباق الرئاسي. وقال انه هنأ المرشح الجمهوري جورج بوش (الابن) على فوزه في الانتخابات. واضاف إنه سيعمل على رأب الصدع الذي أحدثته الحملة الانتخابية. واوضح أن الطبيعة الانقسامية للانتخابات لن تعيق عمل الرئيس المنتخب، وأنه سيتعاون معه. ودعا الشعب الأميركي إلى الاتحاد وراء الرئيس الجديد. وقال إنه لا يتفق مع قرار المحكمة لكنه يتقبله، وأعرب عن أسفه على ضياع فرصته في العمل على تنفيذ المبادئ التي يؤمن بها.

وبعد ساعة من إعلان غور تنازله عن طموحاته الرئاسية ألقى جورج بوش خطابا الى الشعب الأميركي أعلن فيه أنه سيلتقي غور في واشنطن خلال يومين للعمل معا على شفاء الجراح التي خلفتها الحملة الانتخابية. واضاف إنه يقدر الصعوبة التي يقاسيها غور وعائلته في هذه اللحظة، إلا أنه يريد أن يتجاوز المرارة التي خلفتها الأسابيع الخمسة الماضية. وتحدث عن الأولويات بالنسبة لولايته بما في ذلك التعليم والدفاع وتقليص الضرائب. وقال إنه يريد أن يجد أرضية مشتركة في العديد من القضايا التي تسببت في إثارة الانقسامات بين الشعب الأميركي.

من جهته هنأ الرئيس الديمقراطي بيل كلينتون خلفه بوش على فوزه بالرئاسة وتعهد بالعمل على انتقال سلس للسلطة. وقال كلينتون وهو يغادر المنزل الريفي لتوني بلير رئيس الوزراء البريطاني حيث قضى ليلة اول من امس: «اعتقد ان علينا ان ننتهز هذه الفرصة كي تتحد البلاد ونمكن الادارة الجديدة من انطلاقة جيدة».

ويعتقد محللون ودبلوماسيون أوروبيون أن بوش قد يبدو رئيسا ضعيفا على المسرح الدولي، بسبب النزاع حول انتخابه وانه قد يحجم عن الاستفادة بما تتمتع به بلاده من قوة في الخارج. فالرئيس المنتخب سيتولى مهام منصبه وخلفه سمعته كرئيس ينقصه الثقل ويطارده فوز متنازع عليه.

وقال مسؤول حكومي بارز بغرب أوروبا: «بالتأكيد فان أي رئيس يحمل ثقل الولايات المتحدة كقوة عظمى وحيدة في العالم، ولكن الضعف سيتربص به في ظل علامة استفهام كبرى بشأن فوزه». واضاف: «ان بوش سيكون أقل رغبة في التدخل العسكري والدبلوماسي في الخارج من بيل كلينتون الذي سيترك البيت الابيض الشهر القادم».

وخاض بوش الشخصية الجديدة على الساحة العالمية الحملة الانتخابية من أجل سياسة خارجية جديدة، تركز على حماية مصالح الولايات المتحدة الرئيسية وليس على بناء الامة ودعم الديمقراطية في مختلف أرجاء العالم. وسيعمل بوش مع كونجرس منقسم يركز على أمور داخلية ويفضل عدم ارسال قوات أميركية الى الخارج.

ويتوجس، بعض أصدقاء وحلفاء الولايات المتحدة خيفة فيما بينهم، من رئيس مثل بوش تنقصه الخبرة الدولية في ظل نفود يمينيين مثل السناتور الجمهوري جيسي هيلمز. ويخشون ان تنسحب الولايات المتحدة من عمليات حفظ السلام، وتحجم عن التدخل في الازمات العالمية الخطيرة وتسعى للتحرر من قيود معاهدات ومنظمات دولية مثل الأمم المتحدة.

ويقول دبلوماسيون أوروبيون انهم يشعرون بانزعاج من دعوة كوندوليسا رايس مستشار بوش للامن القومي لانسحاب الجنود الاميركيين من قوات حفظ السلام التابعة لحلف شمال الاطلسي في البلقان، وترك المهمة لحلفاء واشنطن الاوروبيين، وان كان بوش قد صرح بأنه لن يتخذ أي قرار بدون مشاروات.

وقال مسؤول ألماني بارز: «أي رئيس قد يواجه ضغطا داخليا قويا من اجل عودة الابناء من البلقان الى الوطن، ولكن اذا كانت هذه سياسته فاننا بالتأكيد سنواجه مشكلة». وتوقع دبلوماسي أوروبي آخر ان تحاول ادارة بوش التفاوض حول الانسحاب من قوة الحلف في البوسنة، مع الاحتفاظ بوحدة رمزية في كوسوفو.

بيد أن محللين يجادلون بأن انتخاب الرئيس جون كنيدي المثير للجدل في عام 1960 لم يمنعه من أن يكون رئيسا محترما ونشطا في الخارج ،حيث تصدى للاتحاد السوفياتي في ازمة الصواريخ بكوبا، كما أرسل مستشارين عسكريين الى فيتنام. ويضيفون انه في أوقات الازمات يقف الاميركيون خلف رئيسهم كما يتطلع الحلفاء الى واشنطن لاخذ زمام المبادرة. وفي خطابه الذي اعترف فيه بالهزيمة في السباق الى الرئاسة قال غور ان فوز بوش وسط خلافات حول نتيجة التصويت لا يعني اعاقته عن القيام بمهامه الرئاسية كما يجب.

من ناحية أخرى قال البروفيسور مايكل كوكس الخبير البريطاني في الشؤون الاميركية الخارجية ان فوز بوش كان موضع سخرية من روسيا الى زيمبابوي ويوغوسلافيا ،مما أساء الى مصداقيته والى ساسة واشنطن الذين تبنوا قضية الديمقراطية في الخارج. واضاف: «ما لم يمتلك الرئيس السلطة الكافية أو الثقة في اتخاذ القرارات فانه بكل بساطة لن يحدث شيء». واشار الى ان بوش قد يرث اقتصادا متباطئ النمو، وربما يفقد السيطرة على الكونجرس في الانتخابات النصفية بعد عامين ويتوقع ان يكون رئيسا لفترة واحدة فقط.

ويقول البروفيسور دونالد كاميرون وات، وهو أيضا مراقب بريطاني مخضرم: «ان زعماء العالم سيأخذون في الحسبان النزاع حول انتخاب بوش عند التعامل معه، وغير متوقع أن تسلك ادارة بوش مسارا نشطا بسبب السحابة التي خيمت فوق انتخابه، والتي ستجعله أكثر حذرا بشأن أي تدخل في الخارج».

ويقول محللون ان الحلفاء، وخاصة بريطانيا، يشعرون بقلق من أجواء الانعزالية الجديدة في الولايات المتحدة. اذ ان بوش بتأييد من الكونجرس الذي يسيطر عليه الجمهوريون قد يسعى للتوصل الى اتفاق مع روسيا لخفض جذري في الاسلحة النووية.