المعارضة المصرية داخل البرلمان تعد مشروع قانون لإلغاء اتفاقية «كامب ديفيد» مع إسرائيل

TT

أعد عدد من النواب بالبرلمان المصري تابعين للتيار الناصري مشروع قانون جديد يدعو لالغاء اتفاقية كامب ديفيد، التي وقعتها مصر مع اسرائيل عام 1979. وقال النائب الناصري محمد البدرشيني الذي يقود حالياً فريقاً من الناصريين لاقناع النواب من التيارات السياسية الأخرى لإلغاء الاتفاقية ان «مشروع القانون جاء وفقا لأحكام الدستور الذي يعطي البرلمان حق التصديق على الاتفاقيات الدولية أو الغاءها».

وأضاف البدرشيني أنه «إذا كان البرلمان السابق قد اسقط أحقية النواب في اصدار قانون يلغى الاتفاقية الموقعة مع اسرائيل، فإنه يكون قد أخطأ في ذلك»، مشيرا الى أن «بعض الأدلة حول عدم التزام اسرائيل ببنود الاتفاقية مع كافة الأطراف العربية توجب اسقاطها من طرف واحد».

وتؤكد مصادر برلمانية أن قرار القاهرة باستدعاء سفيرها من تل أبيب سيعطي أرضية أكبر للقوى السياسية المعارضة في البرلمان الجديد لتصعد حملاتها الرافضة لكل أشكال التطبيع السياسي والاقتصادي مع اسرائيل، خاصة أن الحكومة الاسرائيلية تمر بظروف حرجة قبيل بدء الانتخابات وتحاول القوى المصرية، خاصة المحسوبة على التيارين الاسلامي والناصري، استغلال الوضع لطرح مطالب اكبر في المرحلة المقبلة تتعلق باستعادة حقوق الأسرى المصريين لدى اسرائيل في حربي عامي 1956 و1967، واستعادة ميناء أم الرشراش المعروف حالياً باسم «ايلات». وهذه كلها موضوعات مهمة بالنسبة للمعارضة المصرية.

وتستند المعارضة المصرية في الدعوة لالغاء كامب ديفيد مع اسرائيل إلى قيام الحكومة الوفدية في الخمسينيات بالغاء معاهدة عام 1936 مع قوات الاحتلال الانجليزي. كما أن مشروع البدرشيني الجديد ليس الأول من نوعه، ففي البرلمان السابق تقدم 10 من النواب بمشروع قانون لإلغاء الاتفاقية، لكن هذا المشروع اجهض من قبل نواب الحزب الحاكم. وبعيداً عن كامب ديفيد وارهاصاتها فإن هناك عقبات عديدة تعرقل مسيرة العلاقات المصرية الاسرائيلية التي بدأت عام 1979 ومرت بحالات مد وجذر خلال الاحدى والعشرين سنة الماضية وعلى رأس هذه العقبات اعتراض القاهرة على موقف تل أبيب من معاهدة حظر الانتشار النووي حيث تصر اسرائيل على عدم التوقيع على الاتفاقية وهو أمر يزعج القاهرة والذي ترى أنه يخل بتوازن القوى في منطقة الشرق الاوسط.

وفي المقابل تعترض اسرائيل على عدم اندفاع القاهرة نحو التطبيع الاقتصادي معها ووقوفها ضد بعض الطروحات الاسرائيلية لادماجها في المنطقة من خلال مشروع الشرق أوسطية حيث شنت القاهرة حملة ضخمة على المؤتمر الذي استضافته الدوحة في نوفمبر (تشرين الثاني) قبل الماضي وحضرته اسرائيل وأوقفت مصر معظم المشروعات المشتركة التي تم تدشينها عقب قمة الشرق اوسطية بالقاهرة والتي جاءت عقب قمتي عمان والدار البيضاء مثل وقف مشروع بنك الشرق الاوسط وهو مشروع على غرار مشروع مارشال بعد الحرب العالمية وغيرها من المشروعات.

وبخلاف «العقبات الرسمية» بين البلدين تواجه القوى السياسية المصرية عشرات الاتهامات لاسرائيل كترويج المخدرات وتزييف العملات وتصدير الجنس بالاضافة الى الجاسوسية ضد الأمن القومي المصري، التي كان أشهرها قضية الجاسوس عزام عزام المحبوس حالياً بأحد سجون القاهرة وأيضاً الجاسوسة ديفورا حناني التي هربت خارج مصر بعد تورطها في أعمال تمس الأمن القومي المصري تحت ستار انها سيدة أعمال وأخيراً قضية الجاسوس المصري شريف الفيلالي الذي ستجرى معه تحقيقات أخرى في 13 يناير (كانون الثاني) المقبل.

ويكشف تاريخ العلاقات المصرية الاسرائيلية منذ التوقيع على اتفاقية كامب ديفيد ان العلاقات بين البلدين مرت بحالات مد وجزر عديدة وبلغت ذروتها عام 1982 عندما احتلت القوات الاسرائيلية جنوب لبنان واضطرت مصر لسحب سفيرها وقتئذ سعد مرتضى وتعيين محمد بسيوني خلفاً له في وقت لاحق وما بين تعيين بسيوني وسحب مرتضى تم تخفيض البعثة الدبلوماسية في تل ابيب بشكل ملحوظ، ومنذ توقيع الاتفاقية لم يقم الرئيس المصري حسني مبارك بزيارة اسرائيل إلا مرة واحدة في عام 1995 للمشاركة في تقديم واجب العزاء في مصرع اسحاق رابين وقال مبارك وقتها ان زيارته ليست سياسية ولكن بهدف تقديم واجب العزاء فقط.

واستدعت القاهرة اكثر من مرة سفير اسرائيل لديها لتقديم مذكرات احتجاج ملتهبة ضد بعض الممارسات الاسرائيلية في الارض المحتلة، وحدثت توترات عديدة بين القاهرة وتل ابيب ابرزها تدخل عمرو موسى وزير الخارجية المصري للرد على افتراءات احد وزراء حكومة باراك بأن اسرائيل تعيش وسط طابور من الفقراء والمتخلفين حضارياً في اشارة لدول الجوار العربي، كما نجح موسى أكثر من مرة في تلقين الدرس لوزير الخارجية الاسرائيلي بالانابة شالومي بن عامي عندما قال ان اسرائيل عمرها 3 آلاف عام فرد موسى ان تاريخكم لايتجاوز 50 عاماً وقدم الحقائق التاريخية التي تثبت عدم صدقية رجال الدولة العبرية.

وفي سياق التحركات المتوقعة للجهات المصرية عقب استدعاء السفير من تل ابيب يتوقع المراقبون اغلاق الملف الاقتصادي والتجاري بالكامل بين البلدين خاصة موضوع تصدير الغاز المصري لاسرائيل والذي اعلنت القاهرة موافقتها المبدئية عليه عقب زيارة شيمعون بيريز وزير التعاون الاقليمي لمصر في خريف عام 1999، وسيزيد حجم المقاطعة بعد ان سبقت منظمات الاعمال المصرية الحكومة واعلنت تعليق كافة اشكال التبادل التجاري والاقتصادي مع مستثمري الدولة العبرية.

ويتوقع المراقبون ان تشهد الفترة المقبلة دعاوى قضائية عديدة بين الطرفين حيث من المنتظر ان تعيد اسرائيل مزاعمها حول ملكية بعض الشركات والمحلات في مصر مثل بنزايون وريفولي وقصر البارون وبعض الاماكن السكنية في حارة اليهود بالقاهرة بحجة ان مصر قامت بتأميم هذه الممتلكات عقب ثورة يوليو (تموز) عام 1952 ، لكن مصر ترد بأنها دفعت تعويضات مالية عادلة لكل من تم تأميم ممتلكاتهم بغض النظر عن جنسيتهم.