واشنطن: الإصلاح الدستوري غير وارد رغم الخلل في نظام الانتخابات

TT

واشنطن ـ وكالات الانباء: قال خبراء في القانون الدستوري الاميركي انه من غير المرجح حصول اصلاح دستوري بهدف الغاء المجمع الانتخابي في الولايات المتحدة الذي يختار بالاقتراع غير المباشر الرئيس الاميركي، رغم المشاكل التي شهدتها انتخابات عام 2000. واوضح استاذ مادة القانون جوناثان سيجيل في جامعة جورج تاون: «سنشهد بالتأكيد اصلاحا لانظمة التصويت مثل الغاء بطاقات الاقتراع بثقوب، لكن يجب عدم توقع الغاء المجمع الانتخابي، لان هذا النظام يمنح ثقلا كبيرا للولايات الصغيرة التي تميل عادة للجمهوريين وترجح تاليا كفتهم».

وخلافا لغالبية الانظمة الديمقراطية الحديثة فان اختيار رئيس السلطة التنفيذية في الولايات المتحدة لا يتم بالاقتراع العام المباشر بل عبر نظام من مستويين. وتكمن المفارقة ان الدستور الاميركي لا يعترف بحق التصويت الشعبي،فالمادة الثانية من الدستور تفوض برلمان كل ولاية اميركية انتخاب الرئيس الاميركي. ويملك هذا البرلمان حرية تحديد الطريقة التي يريد فيها اختيار «ناخبي الولاية الكبار».

وسرعان ما اصبحت العادة في ان يتم تعيينهم مباشرة من جانب الشعب. وفرض العرف على الناخبين الكبار ان يعلنوا عن المرشح الذي يلتزمون التصويت له، ثم يختارون لاحقا رئيس البلاد رسميا بالغالبية. ويعود هذا التقليد الى القرن الثامن عشر، اذ رأى مؤسسو الدولة في عام 1787 ان المواطنين لا يمكنهم ان يعرفوا مرشحهم كفاية، ويجب ان يكلفوا وسطاء مطلعين ليختاروا مكانهم. وكان يفترض بهذا الاجراء ان يضمن تمثيلا مناسبا لكل الولايات، وتجنب ظهور مرشح اقليمي او انفصالي.

ويقول سيجيل ان «هذا الامر يرغم المرشحين على شن حملتهم الانتخابية في كل الولايات، بما في ذلك الصغيرة منها، وكان النظام يهدف في الاساس الى مواجهة ثقل الولايات الكبيرة التي تميل الى السيطرة على الحياة السياسية في البلاد». لكن عدد اعضاء المجمع الانتخابي في كل ولاية يجب ان يكون مطابقا لعدد المقاعد التي تملكها في مجلسي الكونجرس، كما يضاف الى عدد اعضاء مجلس النواب عضوان من مجلس الشيوخ في كل ولاية.

فالعضو الواحد في المجمع الانتخابي بداكوتا الجنوبية يمثل حاليا 232 الف شخص، في حين ان عضوا مماثلا في ولاية نيويورك يمثل 500 الف شخص.

ويشدد اليكس كيسار استاذ مادة التاريخ في جامعة ديوك على ان «بوش حقق افضل نتائجه في ولايات ذات كثافة سكانية ضئيلة وفاز بحوالي 19 من اصل 26 ولاية يقل عدد اعضاء مجمعها الانتخابي عن العشرة». واضاف: «آل غور في المقابل فاز بحوالي 22 عضوا في المجمع الانتخابي، يمثلون 10.4 مليون نسمة في ماساتشوسيتس ومينيسوتا، في حين حصل بوش على عدد اكبر اي 24 عضوا يمثلون 6.1 مليون نسمة فقط موزعين على ست ولايات صغيرة». ونتيجة لذلك فاز بوش بالانتخابات الرئاسية، بفضل الهيئة الناخبة رغم ان منافسه تقدم عليه بأكثر من 337 الف صوت على الصعيد الوطني.

وقد يكون لهذا النظام مبرر في عهد التلغراف والعربات التي تجرها الجياد. لكن هل لا يزال مبررا في ظل ديمقراطية حديثة؟ يقول كيسار: «ان هذا النظام مخالف لمبدأ لكل شخص صوت». لكن سيجيل يرى ان «احتمال اصلاح النظام الانتخابي بعيد المنال، لان تعديل الدستور يقتضي حصول تصويت بغالبية ثلثي اعضاء كل من مجلسي الكونجرس، وبعدها يجب ان يوافق ثلاثة ارباع الولايات الاميركية عليه. وهذا لن يحدث ابدا لأن الولايات الصغيرة لن تقبل بتاتا التخلي عن نظام يخدم مصالحها».