تمديد حبس المتهمين باغتيال الكتاب في إيران وقلق على مصير الإصلاحي يوسفي أشكوري

عائلات الضحايا الأربع قاطعت الجلسة الأولى من المحاكمة أمس

TT

فيما انتهت الجلسة الأولى لمحاكمة المتهمين باغتيال اربعة من الكتاب والمثقفين وزعيم حزب الشعب الايرني المعارض داريوش فروهر وزوجته براونه في عام 1998 بوضع ثلاثة من المتهمين الرئيسيين قيد التوقيف الاحتياطي، كشف مصدر قريب من عائلة احدى الضحايا في قضية الاغتيالات السياسية المسلسلة لـ«الشرق الأوسط»، ان «المتهمين الثلاثة مصطفى كاظمي وكيل وزارة الاستخبارات السابق ومساعده مهرداد عليخاني ومسؤول فرقة التصفيات بالوزارة خسرو باتي الذي شارك في عدد من الاغتيالات بنفسه كانوا مسجونين منذ ان كشفت لجنة التحقيق الرئاسية في فبراير (شباط) 1998 عن دورهم في الاغتيالات، وما جرى امس في المحكمة العسكرية، كان في الواقع تمديداً لقرار سجنهم وليس اكثر». واشار المصدر الى ان عوائل الضحايا سبق ان قامت بعزل المحامين الذين تولوا طرح شكاواهم ضد مسؤولي الاستخبارات، كما قررت مقاطعة جلسات المحكمة لعدة أسباب أهمها:

1 ـ رفض منظمة القضاء العسكري التي هي مسؤولة عن الملف وتولت استجواب المتهمين الكشف عن اعترافات المتهم الرئيسي سعيد امامي نائب علي فلاحيان وزير الاستخبارات السابق، الذي انتحر في السجن بعد ان كشف عن معلومات مثيرة حول دور فلاحيان وشخصيات دينية معروفة مثل محسني اجدئي رئيس محكمة رجال الدين في اغتيال المعارضين والمثقفين داخل ايران وخارجها.

2 ـ عدم السماح لمحامي أصحاب الدم، بمطالعة نص اعترافات بقية المتهمين والاكتفاء بوضع مطالب منقولة عن ملف استجواب المتهمين تحت تصرفهم.

3 ـ اعتقال الدكتور ناصر زرافشان المحامي البارز الذي كان يتولى الدفاع عن حقوق عائلة الكاتب والمثقف البارز محمد مختاري والمترجم والكاتب اليساري محمد جعفر بونيده اللذين قُتلا بأمر من سعيد امامي. وكان محمد نيازي رئيس القضاء العسكري قد أمر باعتقال زرافشان الأسبوع الماضي، بعد ان أبدى زرافشان احتجاجه على سلوك القضاء العسكري وتكتمه على اعترافات المتهمين.

ومما لا شك فيه ان قضية الاغتيالات السياسية كما وصفها الرئيس محمد خاتمي ومستشاره السياسي سعيد حجاريان الذي هو نفسه تعرض لمحاولة اغتيال أسفرت عن شلل في بعض اجزاء من جسمه، هي قضية شائكة، ومليئة بالغموض وقد يتقرر مصير النظام على ضوء كيفية التعامل معها. وكان خاتمي قد قال بعد أحداث جامعة طهران في يوليو (تموز) 1999، «لقد كنت أعرف بأنني سوف أدفع ثمناً باهظاً بسبب تأكيدي على ضرورة اطلاع الشعب على جرائم ارتكبتها فئة منحرفة في وزارة الاستخبارات، غير انني أصر اليوم ايضاً على ضرورة استئصال هذه الغدة السرطانية من جسد الاستخبارات».

كما ان اثنين من أبرز الصحافيين والكتاب الاصلاحيين أكبر كنجي وعماد الدين باقي اللذين حاولا الكشف عن ملابسات وخفايا الاغتيالات السياسية المسلسلة في ايران، وتسليط الضوء على الأدوار السرية لمجموعة من الشخصيات الدينية والسياسية مثل فلاحيان ومحسن اجدئي ومصباح يزدي ومير حجازي ومير محمدي والعميد ذو القدر من الحرس في هذه الاغتيالات، يقبعان اليوم في سجن ايفين. بينما تعرض سعيد حجاريان مستشار خاتمي ومهندس الاصلاحات السياسية الذي كان يمتلك معلومات خطيرة حول دور فلاحيان ومير حجازي في رسم وتنفيذ مخطط الاغتيالات، تعرض لمحاولة اغتيال، لا تزال خيوطها السرية يتكتم عليها. غير ان المصادر الاصلاحية في طهران تؤكد ان رؤساء مافيا الاستخبارات هم الذين أصدروا حكماً باغتيال حجاريان. ونظراً لأن السلطة القضائية المتمثلة في جهاز القضاء العسكري تصدت حتى الآن بقوة لجميع محاولات الحكومة ومجلس الشورى الاسلامي والصحف الاصلاحية، لاخضاع فلاحيان وزير الاستخبارات السابق وخلفه قربان علي دري نجف آبادي ونائبه مصطفى بور محمدي للتحقيق، ورغم ان لجنة التحقيق الرئاسي طالبت باستجواب هؤلاء والتحقيق معهم بشأن الفتاوى والأحكام التي تحمل تواقيعهم ضد بعض الضحايا، إلا ان منظمة القضاء العسكري اكتفت بتوجيه بعض التساؤلات الى دري نجف آبادي وفلاحيان وبور محمدي وأصدرت بعد ذلك قرار منع معاقبتهم قضائياً.

وقد عملت «الشرق الأوسط» بأن الخبر المنشور في صحيفة «سياست» القريبة من الجبهة المناهضة لخاتمي في ايران حول اجتماع رئيس مكتب الرئيس الايراني مع نجل المرجع الديني البارز آية الله حسين علي منتظري المقيم تحت الحراسة في مدينة قم، أخيراً، لا أساس له. وأكد أحد وكلاء آية الله منتظري على ان أبطحي لم يزر منتظري ولم يجتمع مع ابنه، بل ان ما جرى أخيراً هو قيام سلطات الأمن باعتقال مزيد من أنصار ومؤيدي منتظري والاخلال بصفحته على شبكة الانترنت. ومنذ مساء يوم 20 ديسمبر (كانون الأول) الجاري، لم يعد باستطاعة زوار صفحة منتظري في الانترنت فتحها والاطلاع على بياناته ومذكراته التي نشرت «الشرق الأوسط» أهم فقراتها. وأثار نشر مذكرات منتظري في الانترنت، قلقاً كبيراً لدى السلطات العليا في ايران نظراً الى ان خليفة الخميني المعزول قد كشف في مذكراته عن قضايا مثيرة مثل أسباب وملابسات استمرارية الحرب العراقية ـ الايرانية بعد تحرير خرمشهر، وحملة الاعدامات التي شهدتها ايران بعد انتهاء الحرب مع العراق، وأسباب عزله من منصب نائب قائد الثورة. كما أعلن منتظري أسباب معارضته لخامنئي ورفضه لمبايعته.

وأشار وكيل منتظري الى ان استخبارات الحرس قامت بواسطة أجهزة التشويش الالكتروني المتوفرة لديها اولاً بانشاء صفحة على الانترنت تحت اسم منتظري التي كانت تستعرض أحاديث وأحكام خامنئي بدلاً من منتظري ومن ثم أرسلت فيروسات كومبيوترية لتخريب برامج كومبيوتر كل من يفتح صفحة منتظري وأخيراً بادرت استخبارات الحرس بقطع برامج منتظري على شبكة الانترنت غير ان انصار ومقلدي منتظري في بيروت ولندن قاموا بانشاء صفحة جديدة لمنتظري التي لن يكون باستطاعة أجهزة النظام الاخلال بها.

الى ذلك، كشفت جمعية الكتاب والصحافيين الايرانيين في المنفى عن صدور قرار باعدام الخطيب والكاتب والعالم الديني الاصلاحي حسن يوسفي اشكوري باتهام الارتداد. وأكدت الجمعية ان سلطات القضاء طالبت عائلة اشكوري الذي جرت محاكمته الشهر الماضي عقب عودته من الخارج وبعد حضوره ندوة برلين الشهيرة، طالبتها بعدم الكشف عن خبر ادانته في محكمة رجال الدين واصدار حكم الاعدام بحقه ووعدتها بخفض هذا الحكم. وبعد مرور ستة أسابيع، لم يطرأ تغيير على وضع اشكوري المعتقل في سجن ايفين مما سبب في أن تبدي جمعية الكتاب والصحافيين الايرانيين قلقها حيال مصير اشكوري الذي اتهمته محكمة رجال الدين بالارتداد لأنه قال في ندوة برلين بأن الحجاب ليس فقط بارتداء التشادور، بل يجب ان يكون الشخص مقتنعاً به. كما ان على النساء ان يختاروا الحجاب بارادتهن.