الجزائر: الحكومة تنفي وجود أزمة أمنية رغم أعمال العنف

TT

الرباط ـ رويترز: قال محللون سياسيون انه فيما توشك اعمال العنف الدموية المنسوبة للجماعات الاصولية المسلحة في الجزائر على دخول عامها العاشر وتنفي الحكومة وجود مشكلة امنية فان من المستبعد ان تنتهي عمليات القتل عما قريب. ويتجاوز عدد الضحايا هذا الشهر مثيله في العام الماضي ويقول المحللون انه قد ثبت عدم صحة مزاعم حكومة الرئيس عبد العزيز بوتفليقه بأن التمرد الذي بدأ في اوائل عام 1992 سحق بدرجة كبيرة.

وقال السياسي الجزائري المخضرم شريف بلقاسم «عمليات القتل الاخيرة رد دموي على الرئيس الذي قال انه تم القضاء على 90 في المائة من الارهابيين وان نسبة العشرة في المائة الباقية جماعات هامشية». ووعد بوتفليقة الذي شغل منصب وزير الخارجية لفترة طويلة قبل ان يصبح رئيسا للجمهورية قبل 18 شهرا بتحقيق السلام والمصالحة وعرض العفو عن المتشددين الذين لم تثبت ادانتهم بارتكاب جرائم قتل او تفجير او اغتصاب.

واظهرت احصاءات رسمية ان نحو ستة الاف اصولي قبلوا عرضه وهو جزء من قانون «الوئام المدني» غير ان العرض اغضب اسر عدد كبير من الضحايا ولم يوقف اعمال العنف. وتساءلت الصحف الخاصة عن اسباب التزام بوتفليقة الصمت ازاء هجمات المتمردين الاخيرة وبصفة خاصة هجوم على نزل لأحد المدارس راح ضحيته 15 تلميذا. وقالت صحيفة ليبرتيه ان الشعب خدع بخطة السلام التي طرحها بوتفليقة. وأدانت لوماتان فشله «في توجيه كلمات العزاء الواجبة». وتقول منظمات حقوق الانسان ان نحو مائة الف شخص قتل في الجزائر منذ عام 1992 نتيجة قيام الجانبين بعمليات قتل ومذابح وحالات «اختفاء».

ويقول سيد احمد غزالي الذي كان رئيسا للوزراء في عام 1992 عندما الغت الحكومة التي يساندها الجيش الانتخابات التي كان الاصوليون على وشك الفوز بها «ان الخطاب السياسي الحالي يسعى لاخفاء هذه المذابح وهو امر اكثر سوءا».

وباستثناء بعض الحوادث مثل حادث النزل المدرسي فان وسائل الاعلام التي تسيطر عليها الحكومة تفرض حظرا على اذاعة انباء الاعمال الارهابية. ولم يختلف سلوك بوتفليقة عن سلفه ويقول سعد جبار وهو محام ومحلل سياسي فى لندن ان الحكومة اسيرة اسلوب الانكار. وتساءل «لماذا يسهبون في تناول هذه الانباء؟ سيذكر الناس بأن هناك مشكلة بينما من المفترض ان يسود الوئام المدني». وأعرب عن اعتقاده بأن الحكومة تتظاهر بأن تحقيق الوئام المدني يمثل نجاحا لهدفها الرئيسي وهذا يعني ان العملية السياسية بأسرها قد جمدت. وقال «هناك امر واقع. هناك جمود حقيقي وفراغ يسهل ترويج الشائعات».

واخر الشائعات التي انتشرت هذا الاسبوع عن محاولة لاغتيال بوتفليقة اذاعها تلفزيون «حزب الله» في لبنان ونفاها وزير جزائري. وقالت مصادر قريبة من صناعة القرار في الجزائر ان احد الاحتمالات هو تبادل لاطلاق النار عن طريق الخطأ بين حراس موكب بوتفليقة وحرس سيارة وزير الدفاع السابق خالد نزار. وقالت مصادر اخرى ان التقرير اللبناني قد يكون له صله بمقتل اربعة من حرس الرئيس السابق الأمين زروال في حادث طريق بالقرب من الجزائر. ورغم نفي بوتفليقه المتكرر لأنه يتلقى اوامره من الجيش قال محلل «قد لا تكون لبوتفليقة مشكلة حقيقية مع الجيش. انه رئيس العلاقات الخارجية». ويقول جبار «هناك حرية تعبير ولكن لا توجد حرية سياسية حقيقية والنظام غير مستعد للسماح بتغير حقيقي فيما يتظاهر بالتعددية».

وأجمع محللون ودبلوماسيون على ان الوضع الامني سيئ ويذكر بالفترة بين عامي 1994 و1995 عندما هدد التمرد الاصولي المنظم سلطة الدولة. وتدليلا على ذلك اشاروا الى انتشار واسع للجيش تدعمه طائرات هليكوبتر وسفن حربية لقصف مخابئ الاصوليين قبل عشرة ايام بالقرب من مدينة جيجل الساحلية على بعد 360 كيلومترا شرق الجزائر العاصمة. ولكن بالنسبة للأجانب المقيمين في العاصمة التي لم تتأثر بأعمال العنف في الولايات فان الحياة تمضي في مسارها الطبيعي. وقال دبلوماسي غربي «ما نراه أمر فظيع ولكنه ليس بجديد وليس بنفس السوء بالمقارنة بمقتل 1500 شخص في رمضان عام 1998 لذا فليس له تأثير يذكر على الشركات او البلاد».