الطفيلي قررّ الظهور علنا «لاستباق عفو عام يساوي صاحب الحق بالمجرمين والعملاء»

ميقاتي: الدولة أخذت علما والقرار لوزارتي الداخلية والعدل

TT

شكل ظهور الامين العام السابق لـ «حزب الله» اللبناني الشيخ صبحي الطفيلي علناً للمرة الاولى في «يوم القدس» اول من امس في منطقة البقاع (شرق لبنان)، نقطة تحول في قضية الطفيلي المطلوب من العدالة اللبنانية بتهمة الاشتراك مع انصاره في اشتباكات مع الجيش اللبناني. وكان الجيش قد حاول مطلع عام 1998 اخراج الطفيلي وجماعته من حوزة دينية تابعة لـ«حزب الله» اقتحموها في اطار صراعهم مع قيادة الحزب، ويذكر ان الطفيلي خسر معركته في عام 1991 امام قائدي «الانتفاضة» السلمية داخل «حزب الله» الشيخين عباس الموسوي وحسن نصر الله اللذين قادا عملية انخراط الحزب في النظام اللبناني.

عودة الطفيلي الى الظهور العلني حملت عدة مؤشرات ورسائل الى «من يعنيهم الامر»، مع انه ظهر في بعض المناسبات الخاصة والنشاطات الانتخابية قبيل الانتخابات النيابية في الصيف الماضي اثر غياب عن الساحة منذ صدور مذكرة البحث والتحري عنه وتحويل قضيته الى المجلس العدلي. وقالت اوساط الطفيلي لـ «الشرق الأوسط» انه استبق بظهوره اي عفو عام قد يصدر «لأنه لا يريد ان يصنّف نفسه في خانة من سيشملهم العفو كونه ناضل وعمل من اجل تحرير لبنان وهو من اسس «المقاومة الاسلامية» عام 1982 عندما انطلق وعدد لا يتجاوز 30 شاباً من انصاره في العمل المقاوم».

وكان الطفيلي قد اطلق في عام 1997 حركة اسماها «حركة الجياع» احتجاجاً على ما وصفه بـ«الاهمال التاريخي» لمنطقة بعلبك والهرمل من قبل الدولة اللبنانية و«حزب الله»، وقام بتحركات احتجاجية واسعة شملت اقفال الطرق والاعلان عن منع وزراء ونواب المنطقة من التوجه اليها، ثم اصطدم مع الجيش وتوارى مع انصاره المقربين ليعود العام الماضي الى الظهور بشكل غير علني في منزله في بلدة دورس (قرب مدينة بعلبك).

ويذكر ان الطفيلي اعلن في كلمته التي القاها امام انصاره اول من امس «بداية مرحلة جديدة من مراحل الدفاع عن شعبنا الجائع والمظلوم بعدما قالوا «لقد مات» وها نحن اليوم نقول لهم لم نمت ولم يقض علينا ولم ننته وما زلنا عند وعودنا ولم يمنعنا احد من التحرك، ونحن جاهزون لكل شيء بعدما دفعنا الكثير ونحن مستعدون لدفع الاكثر والاكثر».

واضاف: «يقال ان الدولة هي في صدد اصدار عفو عام وانا اقول ان البلاد ليست بحاجة الى العفو، بل هي في حاجة الى محاكم نزيهة وعادلة تستطيع الامتصاص من المجرم والقاتل. واذا ارادوا اصدار عفو ليقتصر على العملاء فقط ونحن نريد عدالة (نظراً لقضيته) ونريد الاقتصاص من المجرمين ولسنا بحاجة الى عفو. نحن بحاجة الى نظام قضائي سليم من العيوب وقضاء نزيه سنداً للمظلوم. ومن هنا نتشرف بأن تنصب لنا اعواد المشانق». واكد في كلمته على «اعطاء مهلة» للدولة وحكومة الرئيس رفيق الحريري الذي لم تخلو كلمته من انتقاده، مشدداً على ان «هذه المهلة ليست طويلة ونحن ننذرهم لتنفيذ الاصلاحات قبل ان نلجأ للضغط و... تقاعسهم سيفرض علينا الوقوف بشدة وحزم امام تقصيرهم وقد نعود قريباً ونلجأ للاعتصامات والمظاهرات وقطع الطرقات ودعوة الناس للامتناع عن دفع الضرائب والعصيان المدني. وقد اعذر من انذر ولا يراهن احد على ضعفنا بعد الآن او عزوفنا عن مساندة اهلنا».

وتوجه الطفيلي الى «القيادة الرسمية» في «حزب الله» التي عقدت معه اجتماعين متتالين، قادهما النائب (محمد فنيش) في منزله في دورس في 25 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي و11 ديسمبر (كانون الاول) الجاري، فطالب بـ«حل النقاط العالقة». وقال: «للأسف عجزنا عن حلها ورغم اصرارنا على حل الاشكال لم نتمكن من توحيد وجهات النظر». وتابع: «اذا لم نستطع التفاهم معهم فلننظّم الخلاف من اجل خدمة اهلنا كل من موقعه، ومن هنا ادعو لطي صفحة الماضي بعدما تنازلت عن المحكمة الشرعية كشرط للصلح كنت قد اشترطه». وكان الطفيلي قد طالب بـ«محكمة شرعية لحل الاشكال مؤلفة من علماء دين على مستوى عال في ايران او لبنان للفصل بين الطرفين في احداث الحوزة التي يتهم الطفيلي «حزب الله» بافتعالها بوجهه.

وفي هذا الاطار اعتبرت اوساط الطفيلي «يوم القدس» بأنه يوم لاحتفالين في نهجين مختلفين كرسا التباعد الذي حصل منذ اربع سنوات، عندما شهدت القلعة (في بعلبك) الاحتفال الاول الانشقاقي الذي فصل على اثره الشيخ صبحي الطفيلي والنائب الراحل الشيخ خضر طليس مع بعض انصارهما. واشارت الاوساط الى «ان الملف موضع التفاوض شائك ومعقد». وفي افضل الاحوال ستنتهي الحالة من خلال ما يجري على الارض الى ظهور تيارين واحد يتمسك بثوابته ومواقفه القديمة حيال الوضعين الداخلي والخارجي وآخر يدعو للتأقلم مع الوضع الحالي وظروف المنطقة والمفاوضات.

وفي اول تعليق رسمي على ظهور الطفيلي لفت وزير الاشغال العامة نجيب ميقاتي الى «ان سياسة الحكومة هي ان الملجأ الطبيعي هو الدولة والقضاء»، مشيراً الى «ان لبنان قد خبر كل التجارب وتبين ان الملاذ الطبيعي لكل مواطن مسالم هو الدولة التي ستتخذ الخطوات اللازمة». واضاف قائلاً: «من الطبيعي ان الدولة اتخذت القرار بهذا الموضوع الذي يتابع مع وزارة الداخلية ووزارة العدل بكل معنى الكلمة».

=