«الكولتان» يشعل الحرب بشرق الكونغو

TT

بوكافو (الكونغو) ـ رويترز: اشعل الالماس والذهب الكثير من الصراعات الافريقية لفترة طويلة لكن في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية الذي مزقته الحرب هناك معدن اخر يعطي المتمردين وحلفاءهم الروانديين دافعا للحرب. ويقول سكان ورجال اعمال في مدينة بوكافو الشرقية انه «الكولتان»، وهو الاسم المحلي الذي يطلق على خام صلب رمادي لامع، عبارة عن مخلوط من معدني الكولومبيت والتنتاليت، ويستخرج بكثافة من الجبال البعيدة والانهار والغابات في انحاء المقاطعات الشرقية شمال بحيرة كيفو وجنوبها.

وقال احد السكان: «ان الكولتان يستخرج بمستويات لا يمكنك تخيلها، فهو مثل الالماس والذهب يشعل الحرب ويساعد على استمرار القتال». وحارب الرئيس لوران كابيلا المدعوم من انجولا وزيمبابوي وناميبيا لاكثر من عامين ضد رواندا واوغندا اللتين قامتا معا بنشر عشرات الالاف من القوات في الكونغو، وتسيطران على جماعات المتمردين الرئيسية الثلاث. ويحتل المتمردون ومؤيدوهم الاجانب مساحات شاسعة في الشمال والشرق، لكنهم لا يتمتعون بشعبية كبيرة بين معظم المدنيين الذين يتهمونهم بنهب ثروة الكونغو الهائلة من المعادن.

ويستخدم معدنا الكولومبيت والتنتاليت على نطاق واسع في الدوائر الكهربائية، وفي شعيرات السلك الخفيفة ومكونات المفاعلات النووية، وفي ابحاث الموصلات الفائقة كما انه يدخل ضمن مكونات السبائك المعدنية المقاومة للصدأ. وبصرف النظر عن الكونغو، اكتشف الخام بوفرة في غرب استراليا ومدغشقر وولاية ساوث داكوتا الاميركية.

وفي بوفاكو، وهي بلدة خلابة بنيت على التلال المتدرجة على الشواطئ الغربية لبحيرة كيفو، انتشرت مئات من متاجر الكولتان على مدى العامين الماضيين. وقال ويلونجا ميوسم وهو تاجر عمره 28 عاما: «من يتاجر في الكولتان يشتري سيارات ويبني منزلا، انه يمكن ان يجعلك ثريا، كما انه متوافر ويسهل بيعه ولهذا فان قيمته هنا اكثر من الذهب».

ويقول التجار ان الكولتان كان يستخرج من شرق الكونغو منذ الثمانينات، لكن النشاط ازدهر في السنوات الاخيرة على ما يبدو بسبب النقص في اماكن اخرى من العالم. ويباع الخام محليا بأسعار تتراوح بين 30 دولارا ومائة دولار للكيلوجرام الواحد، ويبلغ متوسط حجم معظم التعاملات 500 كيلوجرام في اليوم.

ويدفع المصدرون نحو 15 الف دولار سنويا للمتمردين مقابل الحصول على اذون للتصدير، كما يدفعون نحو 11 في المائة ضرائب. لكن المتمردين اعطوا هذا الشهر احتكارا لتجارة الكولتان لشركة واحدة، هي شركة سوميجي في محاولة على ما يبدو للسيطرة على التجارة وتعظيم الارباح. وارغمت هذه الخطوة تاجرا اجنبيا واحدا على الاقل يقيم في بوفاكو بينما زبائنه في بلجيكا على الاغلاق.

وتقول مصادر طيران ان انعدام الامن المتفشي والطرق السيئة تفرض نقل المعدن من الطرق النائية جوا. ويقولون ان طائرة انتونوف روسية الصنع تحلق في السماء كل يوم، وتقوم بتحميل عشرات الاطنان من الخام، جرى تجميعها من ارجاء شرق الكونغو. ويتم احضار معظم الكولتان الى وسطاء في بوفاكو، ثم ينقل برا الى عاصمتي اوغندا ورواندا ثم ينقل جوا الى المشترين الرئيسيين في اوروبا واميركا.

ويقول شهود عيان ان طائرات هليكوبتر تابعة للجيش الرواندي تنقل الخام جوا الى كيجالي عاصمة رواندا مباشرة. وقال مصدر طيران: «رغم ان تجارة الكولتان تزدهر الا ان ابناء الكونغو ليسوا هم الذين يجمعون الاموال، فهناك بعض المناطق التي لا نملك نحن ابناء الكونغو حتى مجرد التنقيب عنه فيها حيث ينقل الى كيجالي مباشرة».