تأخر إعلان بوش وزيره للدفاع يعكس «ورطة كبيرة»

كوتس المرشح للمنصب سأل الرئيس المنتخب ونائبه تشيني إذا ما سيكون خاضعا لكولين باول

TT

يتساءل نصف سكان واشنطن في الاقل عن سبب تأخر الرئيس الاميركي المنتخب جورج بوش كل هذا الوقت في العثور على وزير دفاع مناسب. اما النصف الاخر فيتساءل اصلا عن السبب الذي قد يقنع اي انسان بقبول هذا المنصب.

ان المشكلة الاساسية في ملء هذا الشاغر الاكبر في البنتاجون خلال عهد الادارة الجديدة تكمن في ان السياسة الدفاعية للرئيس المنتخب محددة تحديدا صارما، وان المواقع الاساسية الاولى في مجال الامن القومي محددة هي الاخرى، حسب قول المطلعين على هذه الامور. وعلى سبيل المثال فان السناتور السابق دان كوتس (جمهوري من انديانا)، الذي يعتبر ابرز مرشح لمنصب وزير الدفاع، التقى الاسبوع الماضي ببوش، ونائبه ديك تشيني، فسألهما ان كان سيخضع عند تعيينه وزيرا للدفاع الى كولن باول، الرئيس السابق لهيئة الاركان المشتركة، والذي اختاره بوش الابن لوزارة الخارجية، حسب مصدر مطلع على اللقاء الذي دام نصف ساعة.

وقد اجاب الرئيس المنتخب قائلا «لوزير الدفاع موقع مكافئ لاي وزير آخر». حسب قول المصدر نفسه.

ورغم ان عدداً من مستشاري بوش ابلغوا بان اللقاء لم يكن موفقا، مما تسبب في تأخير الاعلان عن تعيين وزير الدفاع، فان الكثيرين يتكهنون بان كوتس سيعين في هذا المنصب، رغم انهم لا ينفون وجود مرشحين آخرين قيد الدرس.

ومن المتوقع ان يعلن بوش عن مرشحه للدفاع اليوم الخميس لدى وصوله الى واشنطن لعقد لقاءات حول التدابير الانتقالية، حسب قول بعض مستشاريه.

واكدت شخصية تتشاور مع بوش في قضايا الدفاع «صار هذا الموضوع قضية. وهناك خشية من ان يتكاثر اللغط حولها، وصولا الى القول: ان بوش خاض حملة حول قضايا الدفاع، لكنه عاجز عن ايجاد وزير للدفاع».

وتكهنت هذه الشخصية باعلان اختيار وزير للدفاع في نهاية هذا الاسبوع حتى لا تصير القضية موضوع تندر برامج السهرات التلفزيونية.

واضاف انه سيتعذر ملء العديد من المناصب الثانوية ما لم يحسم موضوع وزارة الدفاع.

ويقول بعض مستشاري بوش ان وضوح الرئيس المنتخب في قضايا السياسة الدفاعية والاشخاص هو الذي يعسّر شغر الوظيفة الاولى في البنتاجون.

ان سياسة بوش واضحة، فقد اتخذ من تنشيط المؤسسة العسكرية حجر الزاوية في حملته. وقد اشار في خطابه الرئيسي عن شؤون الدفاع الذي القاه في ولاية كارولينا الجنوبية في سبتمبر (ايلول): الى ان المؤسسة العسكرية الاميركية كانت بطيئة في التكيف مع عالم ما بعد الحرب الباردة، وتعهد بان يدفع المؤسسة باتجاه الافادة القصوى من التكنولوجيات الجديدة.

اما دور الاشخاص في هذه المعادلة فواضح بالمثل، نظرا لان معظم الذين سيتولون ادارة سياسات الامن القومي قد اختيروا، وهم يتمتعون بعلاقات قديمة ووطيدة.

والمعروف ان ريتشارد ارميتاج، المسؤول السابق في البنتاجون، ساهم في كتابة ـ خطاب بوش في كارولينا، ويتوقع تعيينه نائبا لوزير الدفاع، وهو ينعم بعلاقة حسنة مع ديك تشيني (رئيسه السابق في الدفاع ونائب الرئيس حاليا) وكولن باول، صديقه الحميم.

اذا كان الطاقم بهذه الصورة فما الذي سيبقى لوزير الدفاع؟ يتوقع مستشارو بوش وغيرهم من الخبراء ان يكون وزير الدفاع الجديد مجرد «رئيس شركة»، بمعنى خضوعه التام لـ«مجلس ادارة»، وتحوله الى مجرد «رجل الخارج» اي الذي يتولى امور حشد الكونجرس والرأي العام لقضايا الدفاع. هذا في احسن الاحوال، اما في اسوأها، فانه سيكون مجرد وزير شكلي ـ وهو ما يخشاه كوتس وقاله بصراحة في لقائه مع بوش في فندق ماديسون الاسبوع الماضي، حسب قول المطلعين.

لقد فاتح بوش السناتور السابق كوتس لان مستشاريه ابلغوه ان فريق الامن القومي يفتقر الى الخبرة بشؤون الكونجرس. ولما كان مجلس الشيوخ ومجلس النواب منقسمين مناصفة تقريبا بين الحزبين، فان من الصعب على بوش ان يرشح سناتورا راهنا لملء مقعد الدفاع، مثل تشارك هاجل (جمهوري من نيبراسكا). ويعتبر هذا، على حد تعبير احد مستشاري بوش، احد الاسباب التي حدت بالفريق الانتقالي للبحث عن سناتورات سابقين مثل كوتس، او السناتو المه؟؟؟ في ميزوري، جون آشكروفت، الذي اختير الاسبوع الماضي لمنصب المدعي العام.

ان الحاجة الى شخص قادر على العمل مع الكونجرس هو السبب وراء امتناع طاقم بوش عن التفكير في شخصية مثل ارميتاج لمنصب وزير الدفاع. وارميتاج هو رافع اثقال، وعسكري مخضرم خدم اربع جولات في حرب الفيتنام، ولا يتميز بالقدرة على تقبل السخرية، او الصبر الكافي لتعبئة اللوبيات في الكونجرس على حد قول بعض مستشاري بوش.

وهناك مرشحون اخرون للدفاع ممن ذكرهم المستشارون، يفتقرون الى الخبرة في العمل مع الكونجرس، لكنهم يتمتعون بقدر من الحصانة الكافية للتصرف المتماسك المستقل في اية مناقشات حول السياسة مع باول وتشيني. وهناك من يرشح بول ولفوويتز،ا لمسؤول في البنتاجون وبخاصة من المحيطين بديك تشيني، لكن هناك امرين وبخاصة ممن يحيطون بوش، يشككون في قدراته الادارية. وهناك من يذكر وزير الدفاع الاسبق دونالد رمسفيلد، باعتباره رجل دولة رفيع المستوى قادر على التعامل مع باول وتشيني معاملة الند للند. لكن اسم رمفيلد يتردد ايضا عند الحديث عن مدير عام جديد لوكالة المخابرات المركزية.

* خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»