الطلاق والخلع وحق السفر في مقدمة قضايا النساء التي تشغل رجال مصر

TT

سجل الرجال انتصارا مثيرا على النساء في مصر بعد أن أرست محكمة النقض، وهي أعلى سلطة قضائية في البلاد، مبدأ قانونيا يسحب من الزوجة حق طلب الطلاق من زوجها اذا تزوج من أخرى. ورأت المحكمة ان هذا الزواج الجديد لا يحقق شرط الضرر على الزوجة الأولى. واعتبر الرجال الحكم بمثابة انتصار لافت في معركة تشريعية وقضائية ونيابية تدور رحاها منذ أكثر من عام بعد صدور قانون الأحوال الشخصية الذي أعطى المرأة حق «الخلع» وهو طلب الطلاق من المحكمة في حالة عدم تقبلها لحياتها الزوجية، لكن المشرعين المصريين وأغلبهم من رجال رفضوا منح الزوجة حق اصدار جواز سفر، أو حتى السفر خارج مصر، دون موافقة كتابية من زوجها استنادا الى ولاية الرجل على زوجته شرعيا.

ولم يهنأ الرجال كثيرا بهذا القانون الذي ألغته المحكمة الدستورية قبل شهر، معتبرة ان موافقة الزوج على سفر زوجته مخالفة صريحة لنصوص الدستور الذي ينص على حق السفر للمواطنين دون التفرقة بينهم بسبب الجنس وهو ما يعني عودة هذا التشريع الى البرلمان لمراجعته واصدار قانون جديد. لكن وزارة العدل المصرية انتهت من صياغة مشروع قانون جديد يعيد للزوج الحق في الموافقة أو المنع لسفر زوجته. وأكد نواب الاخوان في البرلمان ان مناقشة هذا الحق في المجلس التشريعي سيدعو الى اعادة فتح قانون الأحوال الشخصية من جديد وهو ما يعد، من وجهة نظرهم، مخالفا للشريعة الاسلامية. وأكد نواب الاخوان انهم سيطرحون تعديلات جديدة على هذا القانون.

وينص مشروع القانون الجديد على حق الزوج في منع زوجته من السفر كما نظم شروط اصدار جوازات السفر للزوجة بموافقة زوجها، أو بأمر قضائي من قاضي الأمور الوقتية المختص في حالة تعنت الزوج في استخدام حقوقه. ورحب عدد من اساتذة الشريعة وفقهاء القانون بالحكم الذي أصدرته محكمة النقض منذ أيام والذي يقضي بأن زواج الرجل من أخرى لا يعد ضررا يجيز للزوجة الأولى طلب التطليق، وأكدوا انه يتفق تماما مع مبادئ الشريعة الاسلامية التي تجيز التعدد مع عدم الاضرار وتحقيق العدل بين الزوجات، وقالوا ان الحكم أصاب صحيح القانون الذي ينص على ان من حق الزوجة ان تطلب الطلاق من زوجها اذا تزوج عليها وألحق بها هذا الزواج ضررا ماديا ومعنويا حقيقيا وثابتا، وأضافوا أن المحكمة أرست مبدأ قانونيا يحتم على الزوجة اقامة الدليل على وقوع ضرر مادي أو معنوي حقيقي بها من وراء اقتران زوجها بامرأة أخرى حتى يكون طلبها للطلاق مقبولا.

ويقول الدكتور كمال امام استاذ الشريعة والقانون بحقوق الاسكندرية ان قانون الأحوال الشخصية رقم 44 لسنة 1979 نص على اعتبار ان مجرد الزواج بأخرى يعتبر ضررا يعطي الزوجة حق المطالبة بالفرقة دون اثبات منها لأي شيء آخر، فمجرد ان تقدم وثيقة زواج الزوج بامرأة أخرى الى المحكمة يقضي لها مباشرة بالتطليق. واضاف ان هذا القانون أثار غضب جميع الفقهاء الذين انتهوا الى انه يقضي بمنع التعدد وبالتالي يعتبر مخالفا للشريعة الاسلامية التي تعد المصدر الأول للتشريع، وعندما طعن في هذا القانون بعدم الدستورية امام المحكمة الدستورية العليا ألغته وحل مكانه القانون رقم 100 لسنة 1985 والذي عدل نص هذا المادة، وأصبح على الزوجة أن تثبت انه قد أصابها ضررا حقيقيا من وراء التعدد، وبالتالي انتقل عبء اثبات الضرر على الزوجة. ويقول ان القانون رقم 100 لسنة 85 جعل التعدد في حد ذاته ليس ممنوعا قانونا كما انه ليس ممنوعا شرعا وبناء على هذا النص أصبح على المرأة ـ كما يؤكد الدكتور كمال امام ـ ان تتقدم برفع الدعوى خلال سنة من تاريخ علمها بالزواج وأن تثبت أن هناك ضررا حقيقيا قد أصابها والا رفضت دعواها.

اما الدكتورة سعاد ابراهيم صالح استاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر والملقبة بـ «مفتية النساء في مصر» فترى ان الأصل في الشريعة الاسلامية هو اجازة التعدد بشرط ان يلتزم الزوج بالعدل المادي بين الزوجتين لقوله تعالى «وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة» ثم قال سبحانه وتعالى «ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم» وتقول ان العدل في الآية الأولى المقصود منه العدل بين الزوجات في النفقة والكسوة والسكن والاستمتاع، والعدل المنفي في الآية الثانية هو العدل في العواطف والمشاعر. وتضيف ومن هنا فإن الزوجة الأولى اذا تضررت من اقتران زوجها بأخرى فإن لها الحق في أن تطلب الطلاق لضرر وقع عليها، مؤكدة ان التعدد وان كان حقا مشروعا الا انه مشروط بالعدل وعند انتفاء الشرط ينتفي المشروط، وتقول لانه لا يشترط ان يكون الضرر ماديا له شواهده الحسية بل قد يكون الضرر نفسيا ومعنويا يصعب الاستدلال عليه.