تصفية أمين سر فتح في طولكرم و«الجهاد الإسلامي» تهدد بالانتقام

جنود إسرائيليون على متن شاحنة يطلقون النار على الدكتور ثابت من رشاشات ثقيلة وهو يحاول مغادرة منزله بسيارته بينما كانت مروحية تحلق فوق المكان

TT

صفت القوات الخاصة الاسرائيلية صباح امس احد قادة حركة فتح في الضفة الغربية. وذكرت مصادر فلسطينية ان النار اطلقت على الدكتور ثابت ثابت (49 سنة) امين سر الحركة في منطقة طولكرم ومدير دائرة الرقابة في وزارة الصحة الفلسطينية. واعتبر مسؤولون في فتح اغتيال الدكتور ثابت ردا على مقتل احد قادة اليمين والمستوطنين المتطرفين في الضفة الغربية، نجل مائير كاهانا مؤسس حركة كاخ العنصرية المتطرفة الذي قتل هو شخصيا في نيويورك قبل عشر سنوات، كما قتلت زوجة ابنه وجرح 5 من احفاده في هجوم فلسطيني مسلح قرب مدينة نابلس بالضفة الغربية.

وذكرت مصادر فلسطينية ان النار اطلقت على الدكتور ثابت امين سر حركة فتح في منطقة طولكرم شمال الضفة الغربية، من رشاشات عيار 300 ملم بينما كانت طائرة هليكوبتر تحلق فوق المكان. وسيشيع جثمان الدكتور ثابت صباح اليوم في مسقط رأسه في قرية رامين القريبة من طولكرم. ودرس ثابت الطب في العراق وهو متزوج من طبيبة فلسطينية من مدينة نابلس.

وهددت حركة «الجهاد الاسلامي» في فلسطين امس بالانتقام والرد على اغتيال ثابت. وقالت الجهاد «نؤكد ان دم الشهيد ثابت هو بمثابة دم الشهيد انور حمران وان الرد الجهادي قادم باذن الله». واكدت «ان هذه العمليات الاجرامية الجبانة لن تنال من ارادة شعبنا ومجاهديه ومناضليه». ودعت «جميع ابناء الشعب الفلسطيني وبالذات الكوادر المنتسبة للحركات المجاهدة ان تتوخى الحذر والحيطة الشديدة».

وحسب شهود عيان فان عملية تصفية الدكتور ثابت تمت في الساعة التاسعة والنصف حسب التوقيت المحلي (السابعة والنصف حسب توقيت غرينتش) من صباح امس، بينما كان يحرك سيارته الى الخلف امام منزله الواقع في الحي الجنوبي الغربي من طولكرم الخاضعة للسيطرة الفلسطينية المطلقة. وفارق ثابت الحياة بعد نصف ساعة من نقله الى مستشفى طولكرم الحكومي.

وقال شهود عيان ان مجموعة من قوات الاحتلال كانت على متن سيارة شحن اسرائيلية اطلقت عدة اعيرة نارية من اسلحة رشاشة باتجاه سيارة ثابت، الامر الذي ادى الى اصابته بستة اعيرة نارية على الاقل، احدها في الصدر واثنان في اسفل الظهر وثلاثة اعيرة في اليد اليمنى. وافاد الشهود ان سيارة اخرى تحمل لوحة تسجيل اسرائيلية كانت في المكان وغادرته مسرعة باتجاه الغرب لحظة اصابة الدكتور مباشرة، وافادوا ايضا ان طائرة عسكرية مروحية كانت تحلق في المكان.

ويعتبر ثابت احد المسؤولين البارزين في حركة فتح في طولكرم، وهو ثامن مسؤول فلسطيني يصفى منذ اندلاع انتفاضة الاقصى في 28 سبتمبر (ايلول) الماضي.

واعتبر مسؤولون فلسطينيون تصفية ثابت، نقطة تحول في عمليات التصفية التي تنفذها فرق الموت الاسرائيلية. وهي المرة الاولى التي تصفى فيها شخصية فلسطينية تحتل منصبا كبيرا في السلطة الفلسطينية.

وقال مروان البرغوثي امين سر حركة فتح في الضفة الغربية في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» (رئيس الوزراء الاسرائيلي) ان ايهود باراك بهذا العمل الجبان يغلق الباب امام المفاوضات وعملية السلام التي وصلت الى طريق مسدود ويستهدف رموز الانتفاضة والشعب الفلسطيني. واضاف البرغوثي الذي بدا في صوته الغضب الشديد «نقول لحكام تل ابيب ان هذا الاغتيال لن يوقف الانتفاضة ولن يطفئ من شعلتها وستستمر جذوتها في الايام المقبلة»، مشيرا الى ان عملية اغتيال ثابت تعتبر تطورا نوعيا في اسلوب الاغتيالات التي تنفذها قوات الاحتلال باستخدامها الطائرات والقوات الخاصة.

وشدد البرغوثي الذي يعتبر ايضا ضمن قائمة تضم 400 فلسطيني مستهدف للاغتيال على استمرار المقاومة والانتفاضة. وقال: «ان باراك يفتح على نفسه ابواب جهنم فشعبنا سيصعد من الانتفاضة ويواصل مقاومته بشكل اشد من السابق».

ودعا البرغوثي الى وقف الاتصالات والمفاوضات مع الاسرائيليين، وقال ان هذه المفاوضات يستخدمها باراك كمظلة لعدوانه على الشعب الفلسطيني ويجب ان ينصب جهدنا على تعزيز الانتفاضة.

وقال اللواء الركن موسى عرفات القدوة رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية الفلسطينية في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «وقعت جريمة اغتيال ثابت عند الساعة العاشرة صباحا عندما اطلق مسلحون النار من شاحنة كانت متوقفة بالقرب من منزله وعندما خرج وتوجه الى سيارته اطلقت عليه النار مما ادى الى استشهاده».

واضاف اللواء الركن: «ان عملية اغتيال الدكتور ثابت هي جزء من مسلسل اسرائيلي، مرسوم بتنفيذ اغتيالات سياسية حسب الاولويات الاسرائيلية وهذه قضية خطيرة، فأجهزة الامن الاسرائيلية مبرمجة لتنفيذ الاغتيالات ولا تلتزم بأي اتفاق، والحكومة الاسرائيلية تفاوض وتتحدث علنا عن السلام ولكن ممارساتها على الارض مختلفة».

وأوضح اللواء عرفات أسباب اغتيال مسؤول فتح فقال: «هذا مؤشر واضح لتصعيد اسرائيلي جديد، فاسرائيل ترسم التوتر في المنطقة بممارساتها، ولا يتعلق حادث اغتيال الدكتور ثابت بحسابات انتخابية اسرائيلية كأن الناخب الاسرائيلي لا يعطي صوته لمرشح بناء على مثل هذه الممارسات، وهنالك قناعات واضحة في المجتمع الاسرائيلي تجاه هذه المسألة، ولكن تعثر المفاوضات الجارية، هو السبب في التصعيد الاسرائيلي، فالاغتيالات التي تنفذها اجهزة الامن الاسرائيلية، تحمل مضمون ضغط وتهديدا للسلطة الفلسطينية، اضافة لممارسات اسرائيلية اخرى على الارض مثل الحصار ومواصلة اطلاق الرصاص الحي على اطفال الانتفاضة والضغوط الاقتصادية الشديدة التي تمارسها اسرائيل على الشعب الفلسطيني والسلطة الفلسطينية».

وحول انعكاسات هذا الحادث قال اللواء الركن عرفات: «بلا شك ان هذا الحادث سيؤدي الى تفجير الاوضاع، وتصعيد خطير ولا سيما ان د. ثابت يعتبر من الكوادر الهامة في حركة فتح».

وقال اللواء عرفات: ان منفذي العملية لاذوا بالفرار. واضاف «بدأت اجهزة الامن الفلسطينية تحقيقاتها وحتى الآن لا نعرف هوية المنفذين إن كانوا من العملاء او من القوات الخاصة الاسرائيلية، ولكن الايام المقبلة ستكشف هوية هؤلاء المنفذين الذين خططوا ونفذوا بدقة لاغتيال الدكتور ثابت بعملية مبرمجة سبقها رصد للهدف».