رجل أعمال لبناني يهدد مصير «البنك العربي ـ الإسباني» في مدريد

مجلس إدارة المصرف الذي تساهم فيه الكويت وليبيا والجزائر وإسبانيا يعقد اجتماعا طارئا اليوم لينقذ نفسه

TT

الأزمة الحالية التي يعانيها «البنك العربي ـ الاسباني» أو ARESBANK، الذي نشأ بمساهمات من حكومات الكويت وليبيا والجزائر واسبانيا، الآن من أزمة في السيولة خانقة، جاءت من الهدف الذي تأسس من أجله في مدريد قبل 25 سنة، وهو تمويل التجارة والمشاريع بين العرب والاسبان، فقد قام منذ 10 سنوات بتمويل مشروع عقاري وسياحي يملكه المستثمر اللبناني، رضا عليوان، في مشاع بلدة بني حافظ، بالجنوب الأندلسي لاسبانيا، حيث تقع مدينة ماربيا.

وكانت هناك تعقيدات حملت البنك الى ورطة مع القضاء، وأمامه مهلة تنتهي اليوم فقط لينقذ نفسه منها، عبر ضخ المزيد من المال من قبل المساهمين، والا فان البنك المركزي الاسباني بالمرصاد، ليتدخل ويحل الأزمة طبقا للقوانين، وبأسلوبين لا ثالث لهما: تصفية «العربي ـ الاسباني» أو دمجه في مؤسسات مصرفية أخرى، معظمها لا يرغب طبعا بقنبلة من هذا العيار موقوتة.

وقد سعت «الشرق الأوسط» أمس الى الاتصال بادارة البنك في مركزه الرئيسي بمدريد، لكن أحدا من أعضاء مجلس الادارة، ومن بينهم 3 ممثلين عرب، لم يرغب في الحديث عن الأزمة، التي لا يمكن حلها الا برفع رأسمال البنك في اجتماع اليوم، ولو بين 30 الى 35 مليون دولار على الأقل، تضاف الى رأسماله النقدي، وهو بحدود 30 مليون دولار يملكها حاليا في الصندوق، ليصبح قادرا على دفع ما أمره بدفعه القضاء لعليوان.

لكن «الشرق الأوسط» حصلت على معلومات من مسؤول في مصرف اسباني حكومي، يملك حصة في «العربي ـ الاسباني» وطلب عدم ذكر اسمه، حين قال إن المساهمين الاسبان على استعداد لضخ المزيد من المال في صندوق البنك، باعتبار أن حصتهم صغيرة، وأكد أن الحكومة الجزائرية على استعداد مثلهم، لأن حصتها 6 في المائة فقط، لكن المشكلة هي مع ليبيا والكويت، المالكتين 60 في المائة مناصفة. وأكد أن ممثلين عن مؤسسات مالية حكومية من الكويت وليبيا سيحضرون الاجتماع الطارئ اليوم، لكنه ليس متأكدا من موافقتهما على رفع رأس المال.

واعترف أن المبلغ المطلوب دفعه لرفع رأس المال صغير «لكن الحكومتين الليبية والكويتية قد لا ترغبان بهذه الخطوة. مع ذلك، فان المساهمين الاسبان كانوا، وما زالوا، يرغبون في التخلص من مساهمتهم في «العربي ـ الاسباني» نظرا للخسائر التي مني بها البنك في العامين الأخيرين بشكل خاص، لكنهم أحجموا عن ذلك تجنبا لاشكالات بين الحكومة الاسبانية ونظيرتيها الليبية والكويتية» على حد تعبيره.

وكان «العربي ـ الاسباني» خسر في 11 شهرا مضت من العام الماضي أكثر من 30 مليون دولار، معظمها من التزامات تمويلات مشاريع عقارية، خصوصا في ساحل «موستا دل سول» بالجنوب الاسباني، وكثير منها لمستثمرين عرب، أضيفت الى التزامه دفع التعويضات الآن لرجل الأعمال اللبناني، رضا عليوان، مما حمل رئيس مجلس ادارته، الاسباني لويس بانيو، الى طلب عاجل من الحكومات المساهمة بضرورة رفع رأسماله، بناء على أمر من البنك المركزي الاسباني، الذي هدد بتصنيفه في خانة «عدم القادر على الدفع» المحتمة تدخله لايقافه عن الاستمرار في العمل.

وكان حاكم البنك المركزي الاسباني، خايمي كاروانا، عقد اجتماعا طارئا الأسبوع الماضي مع معاونه،غونثالو خيل، بالاضافة الى المفتش العام للمركزي الاسباني، خوان بابلو بياسنتي، تدارسوا خلاله أزمة «العربي ـ الاسباني» ثم أبلغوا مجلس ادارته بمقترحات وجدوها حلا نهائياً لأزمة البنك، وأهمها رفع رأسماله بصورة مستعجلة.

فقام «العربي ـ الاسباني» يتصل بعجل مع مساهميه ليبلغهم بانذار وجهه البنك المركزي الاسباني بضرورة رفع رأس المال، في وقت كانت هناك أعياد الميلاد وعيد الفطر بعد نهاية شهر رمضان، مع ذلك عقدت ادارة البنك اجتماعا طارئا يوم 28 الماضي، لم يحضره سوى ممثلين عن المؤسسات الحكومية المالية الاسبانية المساهمة، واضطر الى تأجيل الاجتماع الى 5 الحالي، بعد أن حصل على موافقة من البنك المركزي الاسباني، لكنه عاد وقدم موعد انعقاد الاجتماع الى اليوم، وهو الحاسم. وتعود مشكلة «العربي ـ الاسباني» مع رجل الأعمال اللبناني، رضا عليوان، المقيم بين بيروت وماربيا، الى مشروع سياحي ضخم بدأته شركة «دايونغ آيلاند اسبانيا» التي يملكها عليوان ويرأس مجلس ادارتها، ويقضي ببناء احدى أكبر مدن الملاهي في أوروبا، مع منتجعات وفنادق، وتلقى تمويلا من «البنك العربي ـ الاسباني»، الذي كان يملك حصة من المشروع، مع ضمانات للتمويل الذي قدمه، ومنه كانت الأرض التي سيقام عليها المشروع نفسه بجوار مدينة ماربيا.

كان ذلك في أوائل 1990 حين صدر في اسبانيا قانون يقضي بأن تكون المساهمة الاسبانية في المشروعات السياحية الضخمة 75 في المائة على الأقل، وهي كانت أقل بذلك بكثير في مشروع «دايلونغ آيلاند اسبانيا» الممول من البنك العربي ـ الاسباني، فنشأت تعقيدات قانونية بدأت تهدد المشروع السياحي الكبير، وقلقت ادارة «العربي ـ الاسباني» على تمويلها، فأسرعت وباعت الأرض المقدمة كضمان الى الحكومة الليبية بحوالي 18 مليون دولار، فيما اشتراها عليوان بأكثر من 58 مليونا، مما اضطره الى اقامة دعوى على البنك في ذلك العام طالب فيها بأكثر من 13 مليار و300 مليون بيزيتا، أي تقريبا ثمن الأرض، ودفع البنك منها مليارا و500 مليون بيزيتا، أي 10 ملايين دولار تقريبا أودعها لدى قاضي المنازعات التجارية باسم رضا عليوان. لكن عليوان أصر على المبلغ كاملا مع تعويضات، حتى تمكن في 23 فبراير (شباط) الماضي من انتزاع حكم لصالحه من المحكمة الاسبانية العليا، يقضي بالزام البنك دفع التعويضات كاملة، وسط سيولة نقدية في الصندوق لا تزيد على نصف المبلغ المتوجب عليه دفعه، فكانت أزمة، استمرت الى اليوم كمهلة أخيرة منحها بنك اسبانيا المركزي ليصبح «العربي ـ الاسباني» قادرا على الدفع بعد رفع رأس المال.

وطبقا لما يقول المصدر الاسباني الذي طلب عدم ذكر اسمه، فان اجتماع اليوم قد ينتهي بموافقة الكويت وليبيا على رفع رأس المال «لكن هذه الخطوة هي لحل مشكلة واحدة، فيما هناك تعقيدات مالية كثيرة، نتجت من التزامات عقارية ارتبط بها البنك منذ زمن طويل، ومن تمويلات قام بها في العقد الأخير» على حد تعبيره.

بعدها سألته «الشرق الأوسط» عما قد يحل بالبنك في ما لو رفضت الحكومتان، الليبية والكويتية، ضخ المزيد من المال في «العربي ـ الاسباني» فقال إن البنك يكون قد ذهب ضحية الهدف الذي جاء من أجله، أي تمويل التجارة والمشاريع بين العرب والاسبان، فواحد من هذه المشروعات، وهو الذي يملكه اللبناني عليوان، يكون قد قضى على البنك.

=